وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ضاع وضيّعنا

نشر بتاريخ: 12/02/2019 ( آخر تحديث: 12/02/2019 الساعة: 13:45 )
ضاع وضيّعنا
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
مرة ثانية نكتب عن مسلسل ضيعة ضايعة، للكاتب المبدع د.ممدوح حمادة، حيث وفي الحلقة الاخيرة يقوم المهرّب أبو شملة (يؤدي الدور الممثل القدير محمد حداقي) ومن أجل الحصول على المال بأية طريقة، يقوم وجماعته بدفن مواد كيماوية في بئر على شكل علب دهان. ويكون الممثلان "جوده" و"أسعد" قد شاهدا ذلك بالصدفة. وعندما يذهب المهربون يقومان بإخراج عدة علب مواد سامة، ظناً منهما أنها علب دهان. وبسذاجة الأغبياء وزّعاها على معارفهما من أهل الضيعة. وفي مجتمع جهل لا يفقه فيه المواطن حقوقه ولا قواعد العلوم والسلامة قام الجميع "بمن فيهم قائد الشرطة والمختار والشاعر" باستخدام المواد السامة في طلاء الأبواب والجدران فاصيب الجميع في مقتل.
الفكرة أخطر من الضحك على مصاطب الضيعة الضائعة. الفكرة خطيرة وقاتلة وأداء الممثلين مذهل، لأنه حين يصبح المهربون هم الأمناء على البلد، وينجح الأغبياء في تشكيل الرأي العام، وينقاد المخفر الى الطاؤوسية النرجسية الفارغة، ويتحول المجتمع الى استهلاكي كامل. يستبيح الغرباء القرية وتكون النتيجة كارثية.
وزعا المواد الكيماوية الخطرة على أهل البلد بإعتبارها دهان، وأصيب أهل الضيعة بالمرض القاتل الذي عجز الطبيب عن مداواته.. ويشعر الجميع بالدوخة وبالحرارة وبالسعال.
ويسعل المواطنون "المستهلكون" حتى الموت، حتى لم يعد هناك فائدة من المسامحة ولا فائدة من اللوم. فالموت لا يمكن مفاوضته.
ويتوافد البشر إلى المستوصف وهم يشارفون على الموت.. يتوافدون فرادى وزرافات. ويصاب المهربون أيضا، وبعد أن ضرب القدر ضربته جاء أبو شملة ليعتذر من الناس.. يعتذر في اللحظة التي يشارفون فيها على الهلاك. وقبل أن يموت الجميع يقول الممثل نضال سيجري الذي يؤدي دور أسعد (وقد توفي فعلا بعد تسجيل الحلقة). يقول  أسعد للكاميرا: ضاع وضيّعنا.