وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رمضان بعلين يسكن فؤاد اللاجئة زينب

نشر بتاريخ: 21/05/2019 ( آخر تحديث: 21/05/2019 الساعة: 15:59 )
رمضان بعلين يسكن فؤاد اللاجئة زينب
طوباس- معا- استردت السبعينية زينب حسن جوابرة، التفاصيل الصغيرة لشهر رمضان في قرية بعلين، شمال شرق غزة، المُدمّرة عام 1948.
وقالت خلال الحلقة 72 من سلسلة "ذاكرة لا تصدأ" التي تنفذها وزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، بالتعاون مع اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم الفارعة، إن بيت جدها المختار جبر حسن جوابرة، كان عدة غرف متجاورة من الطين ومسقوفة من قصب وادي البرشين القريب، وتتوسطه ساحة كبيرة، وسكنته أربع عائلات، وكانت تجتمع على مائدة واحدة، في منزل تعلوه عدة أقواس، وليس ببعيد منه خصص المختار مربطاً لخيول ضيوفه.
وتابعت: كان رجال البلد يجتمعون في رمضان للإفطار، في ديوان جدي المختار، ويُحضر كل واحد منهم طعامه، ويجلسون ويتسامرون، ثم يوزعون حصة مما يأكلون على الفقراء والمحتاجين. وكنا نحُضر الشعيرية المحمصة مع السمن والسكر، والهيطلية، وجريش القمح، والدجاج المحشي، والحماح المحشي بالفريكة، والمنسف.
عسل ومسحراتي
ونسجت: اشتهرت قريبتا بالعسل، وكنا نحتفظ به بالجرار، وفي رمضان نأكله مع السمن البلدي الذي نحضره في بيوتنا.
وروت جوابرة، أن أهالي بعلين كانوا يعرفون دخول شهر رمضان من شيخ قرية تل الصافي المجاورة، حين كان يحضر بعد المغرب ليخبرهم بالصيام أو إكمال عدة شعبان، أما المسحراتي فهو ابن القرية الشيخ إبراهيم.
وبحسب الشاهدة على الخروج من بعلين، فقد كانت مساكن القرية متراصة، ومبنية على بشكل دائري، ووسطها ساحات وممرات ضيقة، فيما سطوحها المسقوفة بالطين والقصب متجاورة، ولم يكن يصعد لها الرجال لترميمها قبل الشتاء، إلا بعد أخذ إذن من الجيران؛ لعدم الكشف عن النساء. أما محيط المساكن فكان من بساتين وكروم العنب والتفاح واللوزيات، ولكل واحد من الأهالي "حاكورة" مقابل بيته.
تعّزيب وعنب
ووالت: من الطقوس التي كانت شائعة في القرية، عادة "التعزيب" في كروم العنب، إذ يذهب الرجال والنساء لقطف محاصيلهم، ويصنعون المربى والدبس والملبن، فيما يتركون امرأة واحدة في المنزل لتحضير وجبة الطعام، وبخاصة من الزغاليل المحشوة بالفريكة، واللحاق بعهم بعد تجهيزها. أما في رمضان، فكانت العائلات الممتدة تطهو طعامها معاً في قدر كبير، وكانت كل امرأة تضع إشارة على حصتها من الدجاج، بربط خيط أو قص جزء من الجناح.
وزادت: كان الدبس أول ما ينتج من العنب، وهناك العنبية التي تشبه المربى، وكنا نصنع الملبن ونفرده على شرشف أبيض كبير، ونصنع الزبيب، أما بقايا أغصان العنب من تقليه، فكانت تترك لاستخدامها في مواسم التعزيب.
واستذكرت: من أسماء أرضي بلدتنا (الغربية)، و(أم المطامير)، و(الدخانة)، و(القصبة الغربية)، وكنا نذهب إلى بئر الماء من البلدة، وكان عليه جمل يسحب الماء، والسّقا محمود مصطفى درويش.
وبثت: حرصت جدتي الحاجة صفية، على إكرام ضيوف المختار، وفي ذات مرة، قدم غرباء كانوا يحصون السكان، فنادت حين شاهدتهم الراعي ليذبح لهم خاروفاً، لكنهم طلبوا منها أن تكتفي بتجهيز طبق المفرومة (عجين قمح غير مُختمر) يوضع في الكربالة (وعاء دائري يشبه الغربال، بثقب أكبر أسفله)، ثم يُفرك ليصبح منفصلاً، ويخلط بالحليب والسمن البلدي، ويضاف له الحليب والسمسم المحمص.
وتابعت: كل طعامنا كنا ننتجه في القرية، ولم نكن نحتاج إلا للملابس التي نشتريها من الفالوجة، وكنت أشاهد أمي وجدتي ونساء بعلين، وهن يصنعن الزبدة والسمن، والكشك (القمح المجفف والمجروش المنقوع باللبن)، وكان في بيتنا وبيوت البلد خوابي ( أوعية كبيرة من الصفيح أو الطين) لحفظ السمسم قبل بيعه في اللد والرملة.
وقالت إن أجواء عيد الفطر كانت مختلفة في قريتها، فقد حرص معظم أهالي على ذبح المواشي، وكانت النساء يفرمن اللحم لقطع صغيرة ويخلطنه بالقليل من البصل، ويصنعن فطير العيد، وبعضهن يقدمن الخبز الرقيق بسكر دون لحم.
وأنهت: كان جدي أحمد وأخوالي سعد، والعبد، وشعبان يأتون على الخيول من قريتهم المسمية لمعايدة أمي، ويحضرون بالعربة هدايا البرتقال والخضروات، ويقدمون لنا "العيدية" التي نفرح بها. واليوم اختلفت أجواء رمضان والعيد، ولم تعد العائلات تجتمع إلا في المناسبات وبمواعيد.