![]() |
الثقافة القانونية وسيادة القانون
نشر بتاريخ: 27/05/2019 ( آخر تحديث: 27/05/2019 الساعة: 17:12 )
![]()
الكاتب: أ. محمد كميل
استاذ قانون جنائي
يعد مفهوم الثقافة القانونية من الضرورات العليا التي تربطه بمبدأ سيادة القانون وهو مصطلح غاب عن الاذهان والأعيان رغم أهميته وعظيم شأنه في ارساء هذا المبدأ، والذي يعني ترسيخ القواعد القانونية واحترامها من اجل نفاذها لحماية الحقوق والحريات المصانة وفقا للقواعد الدستورية الخاصة بكل فرد في المجتمع وهو مصطلح يعمل على غرس قواعد الاخلاق والنظام في ضمير الفرد وعقليته التي يستمد منها سلوكه الخارجي والذي يدلل على توافر هذه الثقافة من عدمها، ناهيك عن الاسباب الاخرى التي يمكن ان تكون سببا في نوعية السلوك الانساني بشكل عام. ان غياب ثقافة القانون في المجتمع الفلسطيني يرجع الى مجموعة من العوامل واهمها غياب سيادة القانون، وبيان ذلك من زاويتين. الزاوية الاولى تظهر ان ذلك يرجع الى اسباب كثيرة منها الممارسات الإحتلالية الإسرائيلية والتي تفرضها على السلطات القائمة، وكذلك حجم الفساد الذي تعتريه بعض مؤسسات الدولة وهو امر لا يمكن غض النظر عنه أو نكرانه بناءا على انطباع الشارع العام المتولد من عدم توافر ثقة المواطن بتطبيق القانون، يضاف الى ذلك القليل من العصبية القبلية التي تطغى على نفاذ القواعد القانونية تغليبا لمصالح فئة معينة أو عائلة معينة ضاربة بعرض الحائط الصالح العام للمجتمع الفلسطيني الأحوج من أي زمن مضى الى التكاتف والانسجام والتعاون لتسيير حاجياته وفقا لمقتضيات المصلحة العليا. في حين ان غياب سيادة القانون من الزاوية الثانية راجع الى ما نريد ان نسلط الضوء عليه وهو غياب الثقافة القانونية التي ومن خلالها نستطيع التغلب على اسباب عدم احترام مبدأ سيادة القانون وترسيخه، ومن هنا لا شك ان احلال ذات المبدأ يحتاج الى تعاون مجموعة تكاملية بين السلطات العامة للدولة ومؤسسات المجتمع المدني للعمل على زرع ثقافة احترام القانون وإحلال القواعد القانونية وتعزيزها في كل حين حتى يتشكل وعي مجتمعي يحترم القانون والنظام ويرفض الخروقات الفردية للقواعد القانونية لما لها تأثير في غياب العدالة وإهدار الحقوق وعدم القيام بالواجبات والالتزامات التي تقتضيها المرحلة. ان الهدف من غرس الثقافة القانونية في الوعي المجتمعي احترام القانون والسلطات المكلفة وكذلك حماية قواعد النظام والأخلاق والعدالة وهذا لا يتعمق إلا بوجود ارادة حرة تتجه الى زرع هذا النوع من الثقافة القانونية الذي يدعم قيام الدولة القانونية القائمة على المؤسسات المنظمة والتي لطالما نادت بها سلطات الدولة في كل محفل ورسالة توجهها الى المجتمع الذي تطالبه بضرورة احترام الحقوق والحريات من خلال احترام القانون ومساندته في حماية هذه الحقوق للوصول الى قيام الدولة التي يتمناها الجميع. إن ما يلزمنا لتحقيق هذه الامنيات تظافر الجهود بين السلطات وأجهزتها ومؤسساتها العامة ومؤسسات المجتمع المدني وأفراد المجتمع بصفتهم اصحاب حق مقدس في الارض المقدسة وأصحاب انتماء للأرض الفلسطينية وأصحاب امال في قيام دولتهم الفلسطينية. فلماذا لا يدرس في جامعاتنا مساق الثقافة القانونية الذي يزرع قيم وثقافة احترام القانون قبل تطبيقه، ولماذا ايضا لا نغرس في صغارنا ثقافة احترام انفسنا وغيرنا لماذا لا نفرض على انفسنا تطوير افكارنا واحترام قيمنا؟ ان المتمعن في حالنا يؤكد حاجتنا الى تغيير داخلي وجذري في نبع تفكيرنا وثقافتنا من اجل ان نغرس هذه الثقافة القانونية والقواعد الاصولية التي ستعمل على تغيير سلوكنا جذريا من اجل احترام سيادة القانون وتحقيق قواعد العدالة الغائبة . امتثالا لقوله تعالى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العلي العظيم |