![]() |
سيناريوهات الاقتصاد الفلسطيني وتحدياته
نشر بتاريخ: 25/07/2019 ( آخر تحديث: 25/07/2019 الساعة: 10:53 )
![]()
الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات
واجهت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة الكثير من المشاكل والتحديات والمهمات في تنفيذ برامجها وتوفير رواتب الموظفين في بعض المراحل ، نتيجة اجراءات الاحتلال الاسرائيلي الذي يسيطر على مقومات وموارد ومصادر النهضة الاقتصادية الطبيعية والمائية والزراعية والصناعية المتوفرة في المحافظات الفلسطينية الشمالية والجنوبية ، وان كانت غير معلومة الكميات والتي تستغلها حكومة الاحتلال وسرقته لتغذية مستوطناتها وبؤرها الاستيطانية وتجمعاتها العسكرية والمنتشرة على اراضي الدولة الفلسطينية من شأنهما أن تساعد الحكومة الفلسطينية على اجتياز كافة الالتزامات التشغيلية والوظيفية والخروج من الازمات المالية المتتالية.
حالة الانقسام واستمراريته وعدم تنفيذ التفاهمات بين الاطراف لاستعادة الشرعية الفلسطينية في المحافظات الجنوبية اثر على عملية التقدم لإعادة التأهيل والتنمية الشاملة بتحديث الهياكل الاقتصادية بين شطري الوطن وفق قانون واحد وتحت حكومة واحدة لتقوم بمهامها الموكلة لها للتقدم في انجاز اصلاحات اقتصادية والانتقال من اقتصاد مستهلك الى اقتصاد منتج بعيدا عن الارتباطات باتفاقية باريس الاقتصادية التي بدأت القيادة السياسية والحكومة الفلسطينية الحديث الجدي بإعادة ومراجعة بنودها بما يخدم المصلحة العليا الفلسطينية ، او إلغاء الاتفاقية التي الحقت العديد من الاختلالات والمشاكل المزمنة من خلال جعل الاقتصاد الفلسطيني مرتبطا ومعتمدا كاملا على الاقتصاد الاسرائيلي عليه للتطبيق بانتقاء وبشكل احادي من طرف سلطات الاحتلال الاسرائيلي البنود التي تتوافق مع مصالحه عبر المنافذ الحدودية والدولية وإجراءات وانتهاكات في بروتوكول باريس الاقتصادي مما ادى ضرر مباشر بالاقتصاد الفلسطيني بمليارات الدولار من العام 1995 ويزيد اضعافه سنويا للتسرب الناتج عن الاستيراد غير المباشر ، واليه التحاسب في عملية التقاص مع الجانب الاسرائيلي ، وعدم التزام الشركات الاسرائيلية من تسديد الضرائب المستحقة للخزينة الفلسطينية نتيجة وجودها على الاراضي الفلسطينية ، والتسرب الناتج عن الرسوم والغرامات التي تجبيها اسرائيل على الموانئ والمعابر على البضائع المستوردة ، وتأخر الاموال الفلسطينية في البنوك الاسرائيلية وحجزها لفترات متفاوته بحجج غير قانونية ، بالإضافة خصم بدل تامين عن السيارات المسروقة بالرغم من استرجاعها الى اسرائيل ، والفروقات الجمركية واعتراف حكومة الاحتلال بحق الخزينة الفلسطينية بها مع عدم الالتزام بها . في ظل الظروف الراهنه والتوجهات الحكيمة لدولة د. محمد اشتيه بعقد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص لزيادة وتحسين النمو الاقتصادي وتشجيع ألاستثمار المحلي والأجنبي وتوسيع حجم الاقتصاد الوطني عبر استقطاب رجال الاعمال والمستثمرين الفلسطينيون من الخارج وحسب المؤشرات المنشورة فان حجم الاستثمارات لرجال اعمال فلسطينيين في الخارج تقدر عشرات المليارات الدولارات والاستثمارات العربية تقدر بأكثر 3500 مليار دولار، الامر الذي يستدعي تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزارة الخارجية الفلسطينية والاقتصاد والوزارات والسفارات الفلسطينية المعنية وبمشاركة ممثلين عن القطاع الخاص الداخلي لعقد لقاءات دورية وتوجيه دعوات للاستثمار في الاراضي الفلسطينية والدفع بتسهيل كافة الاجراءات القانونية بما لا يضر بالمصلحة الاقتصادية العامة لمنع هروب راس المال الفلسطيني من الداخل الى الخارج ، وتحقيق اقصى دراجات المتابعة والتنفيذ للاتفاقيات الاقتصادية والتجارية الموقعة مع العديد من دول العالم والاستفادة من بعض الاستثنائيات بها لصالح التطور الاقتصادي والعلاقات الاقتصادية بما يكفل زيادة التصدير الى مستويات جديدة ، وللأسف ما يزال التقدم في هذا المجال دون المستوى المطلوب خلال العقدين الماضيين ، الأمر الذي يطرح مجموعة من الاجراءات الداخلية الضرورية منها ، تأسيس اطاراً مؤسسياً وقانونياً فعالاً للمواجهة التهرب الضريبي الداخلي فحجم الخسائر الناتجة عن التهرب الضريبي في الاقتصاد الكلي الفلسطيني يقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا ، والعمل على الالتزام بتطبيق القرار الحكومي تحمل الكل الفلسطيني بكافة مستوياتها التحديات والإجراءات الاسرائيلية بما يخدم المصلحة العليا للوطن و المواطن . نعم ان تطوير بعض الخطوات التي يجب اتخاذها من قبل الحكومة الفلسطينية هدفها توسيع قاعدة الاعتماد الذاتي كأحد الاركان الأساسية لخلق اقتصاداً جديداً بالتركيز على بعض القطاعات وتوزيعها وفق النجاح والتميز في كل محافظة من محافظات الوطن ، والانفتاح على العالم العربي والإسلامي والدول الصديقة بعقد الاتفاقيات المثمرة ، والتي بدأت في ميادين جوهرية عديدة بزيارة دولة رئيس الوزراء الى المملكة الاردنية الهاشمية وجمهورية العراق على ان يتم استكمال زيارات مكوكية لذات الغرض ، واعتماد الحكومة العديد من القرارات بزيادة الاهتمام في القطاع الزراعي والصناعي والنباتي والمنتجات الحيوانية والألبان ، وبناء المدن الصناعية في بعض المحافظات ، وبناء إستراتيجية فعالة لتنمية القطاع الخاص بما يكفل تبوء دور قيادي في الاقتصاد الوطني في زيادة التعاون والتنسيق بين القطاع العام والمجلس التنسيقي للقطاع الخاص لتأسيس لمرحلة جدية انتقالية يتحمل الكل الهم الفلسطيني الداخلي خاصة بعد قطع الرواتب عن الموظفين الحكوميين لمدة تزيد عن سبعة اشهر متتالية وما اثر على القوى الشرائية والإنتاجية والاستهلاكية ناهيكم عن الالتزامات المترتبة على هذه الفئة التي تصارع الموقف بصلابة وتحدي وصمود وثبات وداعم للقيادة السياسية والحكومة الفلسطينية في مواجهة التحديات والإجراءات الاسرائيلية الامريكية وصفقة القرن وافرازاتها وبعض الاطراف الاقليمية الدولية . ان التزام الحكومة نحو اقتصاد دولة مستقل يؤثر ويواجه الاجراءات الاحتلالية بأوسع ابوابه في المستقبل القريب من خلال التوجة نحو المنظمات والمحاكم الدولية لمحاسبة القرصنة الاسرائيلية وتنصلها من التزاماتها بالقرارات والشرعية الدولية على الاراضي الفلسطينية واحتجاز الاموال الفلسطينية مؤخرا ، وعلى الصعيد الداخلي لا بد من اتخاذ اجراءات قانونية بحق المنقطعين من تقديم الاقرارات المالية الحقيقية لرفع مستوى الجباية قانونيا بما لا يؤثر على المواطن ، واتخاذ اجراءات قانونية عقابية وفقا للقانون بحق المتخلفين بقصد او بغير قصد لعدم دفع مستحقات الدولة عليهم ، ومضاعفة العمل الميداني لمكافحة التهرب الضريبي وتنظيم العمل لتوحيد الاجراءات وخاصة من المنتفعين منذ سنوات مضت ، وزيادة افراد وتفعيل دور الضابطة الجمركية ورفع قدراتها للمساهمة في ضبط عمليات التهرب للبضائع والمنتجات المختلفة وخاصة في منطقة C والتي تخضع لعمليات تهرب كبيرة لعدم السيطرة على مداخل ومخارج عمليات التهريب ، واستحداث قوانين جديدة في مجال التجارة وتبيض الاموال تحت مسميات مختلفة ومتعدد الاشكال ، تمهيدا لخلق اقتصاداً متنوعاً ومتوازناً ، يكفل اشباع حاجات السوق المحلية من المنتجات المحلية ووقف الاستيراد للمنتجات التي لها بديلا في السوق المحلي وتقنين الاستيراد من الخارج من تلك المنتجات الذي يضرب المنتج الفلسطيني في عقر بيته . ان الحكومة الفلسطينية امامها مهمات وتحديات كبيرة وتطرح بإلحاح برئاسة د. محمد اشتيه وهو اقتصادي مخضرم وقيادي سياسي ، وذات تجربة وبصمات في التنمية الفلسطينية ، حاجته الى تطبيق الخيارات المجدية على الصعيد الحكومي في رسم سياسات عامة قابلة للتنفيذ التي اعلنها للانطلاق برؤية اقتصادية متكاملة ذات أولويات وإستراتيجيات واضحة تستند الى منهج يحسب كامل الحساب لخصائص وإمكانات الاقتصاد الوطني الفلسطيني للانفكاك من سياسات الاحتلال الاسرائيلي التدريجي وللتحرر من الاتكال المفرط على المنح والمساعدات الخارجية والتي تعتمد على ابتزاز مواقف سياسية في كثير من الاحيان وهذا ثابت اصبح ليس متغير بعدم التزام الاطراف العربية والإسلامية والتعهدات الدولية بتقديم المساعدات التي توافقت عليها كافة الاطراف من خلال تشكيل شبكة امان مالية للسلطة الوطنية الفلسطينية ، وأزمة الرواتب الاخيرة اظهرت مدى ضرورة التركيز على صعيد البرامج والسياسات العملية من حيث الأهداف والآليات والوسائل للخطط المركزية التنموية الحكومية ، مع وضح وطرح خطط طوارئ بديلة استثنائية لمواجهة السيناريوهات الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي والمؤامرات على الواقع الداخلي الفلسطيني . |