الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخاب في علاج الانقلاب!

نشر بتاريخ: 24/02/2021 ( آخر تحديث: 24/02/2021 الساعة: 14:07 )
الانتخاب في علاج الانقلاب!

بقلم: د. صبري صيدم

عاش المجتمع الفلسطيني منذ عام 2007 تحت وطأة الانقسام المشؤوم، بعد ما عرف بالانقلاب الأسود، الذي سماه المتضامنون معه بالحسم العسكري لتعيش فلسطين نكبتها الثانية، وينفصل قطاع غزة بمعظم تفاصيل حياته بعيداً عن الضفة الغربية. سنوات عجاف تحولت معها منصات الفضائيات، وصفحات الجرائد اليومية، ومواقع الإعلام الاجتماعي، إلى واجهات للهجوم والهجوم المضاد بين الفرقاء، بينما تعززت على الأرض الشرذمة الفلسطينية، وزاد استفراد الاحتلال بأبناء الشعب الواحد، بعد أن أصبح الانقسام الشغل الشاغل.

ورغم محاولات عدة لجسر الهوة وتجاوز هذا الحال، إلا أن المشهد عاود الانكفاء في مناسبات مختلفة، ما أعاد المجتمع الفلسطيني برمته إلى وضعية انعدام الثقة وتعاظم الإحباط وغياب الأمل.

وعليه فإن ما تراكم خلال أعوام خلت من إساءات وإهانات وتعديات، لا يحتاج اليوم لمقال جديد لتحليله، وإلقاء المزيد من اللوم والاتهامات، ما يزيد من منسوب الألم والإحباط، وإنما يحتاج لكلمات قد تساهم في تجاوز هذا الحال.

ومع تطور الحالة الوطنية الفلسطينية ونضوجها اليوم، إلى حالة الإجماع على انتخابات وطنية شاملة، فإن هذا المقال لن يكون إلا مساهمة متواضعة نحو تعزيز الالتحام الفلسطيني – الفلسطيني، على قاعدة أننا كلما ازداد تلاحم سواعدنا، أصبحت فلسطين حتماً أقرب.

وبعيداً عن الأسباب والمسببات، وطبيعة الدوافع التي قادت إلى استدامة الانقسام وتجذيره على مدار 14 عاماً، فإن السؤال حتماً، الذي سيبقى مطروحا على مدار الساعة، وحتى بداية لحظات الاقتراع هو ما إذا كانت الانتخابات ستتم فعلاً أم لا؟

حقيقة الأمر أن هذا السؤال، ارتبط بكل تجربة ديمقراطية خاضتها السلطة الفلسطينية، باستثناء الانتخابات التشريعية الأولى عام 1996، بل إن السؤال ذاته قد ارتبط بالأحرى بالتجربة الديمقراطية لبعض الفصائل كحركة فتح، وتحديداً مع انعقاد مؤتمريها السادس والسابع. ولعل استدامة هذا السؤال لا ترتبط فقط بحجم غياب الثقة بين حماس وفتح تحديداً، وإنما أيضاً بكل ما يحيط بالعملية الانتخابية من عوامل مؤثرة، يتجاوز البعض منها حدود الوطن، وهو ما يزيد من حساسية الأمور، بصورة تجعل منها أقرب لكونها أشبه بعملية جراحية تحتاج لعناية مكثفة ودقة في التعاطي مع الأمور لضمان نجاعة الأداء ونجاح تلك العملية.

المهم، التعامل بحيطة كبيرة مع كامل الملفات، وضمان استمرار دعم جميع من قادوا لهذه اللحظة، مستندين لما ورد في إعلان الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في أيلول/سبتمبر الماضي، وما تبعه من لقاءات تنقلت بين عواصم عدة، وصولاً إلى لقاء القاهرة الأخير في كانون الثاني/يناير من هذا العام، وما رشح عنه من برنامج واضح لتنفيذ الانتخابات الفلسطينية، الذي صادقت عليه بدورها الفصائل قاطبة، بخلاف حركة الجهاد الإسلامي، التي عادت وأكدت بعد مصادقتها على عدم رغبتها خوض الانتخابات لكنها لن تسعى لتعطيلها.

الانتخابات في فلسطين وحدوثها، لا بد أنها ستبقى في دائرة الشك، لأسباب عدة يطول شرحها، لكن ما يهمنا هو أن نرى ذلك اليوم المشهود وقد تحقق، لا لإعادة إنتاج الانقسام والتشظي وإنما لتحقيق الهدف الذي من أجله أجمعت الفصائل على الانتخابات، ألا وهو تحقيق المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية وتوحيد البيت الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، والتركيز على مهمة الفصائل الأهم ألا وهي إنهاء الاحتلال الصهيوني وإقامة الدولة.

لذلك فإن نجاح الانتخابات من دون تحقيق المصالحة الفلسطينية -لا قدر الله – سيكون أشبه بحال يقال فيه: لقد نجحت العملية لكن المريض قد مات!

[email protected]