الخليل- معا- قالت سلطة المياه الفلسطينية، انها تبذل جهودًا حثيثة ومستمرة للتعامل مع أزمة المياه الخانقة التي تشهدها محافظة الخليل، في ظل تحديات معقّدة تعود إلى أسباب متعددة، يأتي في مقدّمتها سياسات الاحتلال الإسرائيلي وتحكمه بمصادر المياه وكميات التزود، والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة بسبب تقليص كميات المياه المزوّدة من قبل شركة “ميكوروت” الإسرائيلية لصالح المستوطنات المحيطة، ضمن سياسة ممنهجة تتكرر كل صيف، تحت ذرائع فنية وادعاءات بارتفاع نسب الفاقد، رغم الضغوطات المتواصلة من سلطة المياه لإعادة الضخ إلى مستوياته الاعتيادية والتي تقابل بالمماطلة من قبل الشركة الإسرائيلية.
واضافت سلطة المياه في بيان لها:"وتُعد محافظة الخليل من أفقر المحافظات من حيث المصادر المائية المحلية، حيث لا تكفي الكميات المتاحة لتغطية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، ما يجعلها تعتمد بشكل شبه كامل على المياه المشتراة من “ميكوروت”، والتي تواصل استخدام سياسة التسويف أمام المطالبات الفلسطينية. ومما فاقم حدة الأزمة، التزايد الكبير في التعديات على خطوط المياه، إضافة إلى تجاوزات بعض الهيئات المحلية على حصص هيئات أخرى، من خلال التلاعب بخطوط التوزيع أو كسر المحابس، ما أخلّ بمبدأ العدالة في التوزيع وحرَم عددًا كبيرًا من المواطنين من حقهم المشروع في الحصول على المياه".
واضافت في بيانها :"وقد بلغت نسبة التقليص هذا الصيف مستويات غير مسبوقة، إذ تراجعت كميات المياه المزودة عبر خط دير شعار، وهو الخط الرئيسي المغذي للمحافظة، إلى ما يقارب 17,000 متر مكعب يوميًا، من أصل 35,000 متر مكعب، أي بنسبة تقليص بلغت 51%. في الوقت ذاته، ارتفعت كمية الفاقد على هذا الخط نتيجة التعديات والوصلات غير القانونية من 2,500 متر مكعب يوميًا في شهر آذار إلى أكثر من 11,000 متر مكعب يوميًا، ما أدى إلى خلل في نظام التوزيع وأضرّ بقدرة العديد من المناطق على تلقي المياه بشكل منتظم".
وأوضحت ان خط ترقوميا، فيُعد من أكثر الخطوط تضررًا نتيجة التعديات، التي استخدمها الاحتلال كذريعة لتقليص التزود عليه إلى مستويات شبه معدومة، حيث لا تتجاوز الكمية المتوفرة حاليًا 2,000 – 3,000 متر مكعب يوميًا، مقارنة بكمية التزود الطبيعية البالغة 20,000 متر مكعب، أي بنسبة تقليص تصل إلى 90%. علمًا أن التعديات على الخط كانت قد بلغت قبل التخفيض أكثر من 15,000 متر مكعب يوميًا، أي ما يزيد عن 75% من إجمالي التزود الطبيعي. وقد استغل الاحتلال هذه الفوضى لتعميق مسببات الأزمة، عبر إغلاق الوصلات الرسمية، والإبقاء على تدفق المياه نحو المستوطنات والوصلات غير الشرعية، فيما تُحمَّل الحكومة الفلسطينية تكلفة هذه الكميات.علماً أن الخط يتبع لشركة “ميكوروت”، التي تتنصّل من مسؤوليتها في صيانته ومعالجة الفاقد.
وفي ضوء إدراك سلطة المياه لحجم وخطورة الأزمة، فإنها تواصل العمل على عدة مسارات متوازية للحد من آثارها، رغم التحديات. فقد تم خلال الشهر الجاري تشغيل بئر رقم (11) بطاقة إنتاجية تبلغ 3,800 متر مكعب يوميًا، ويجري حاليًا العمل على تشغيل بئر رقم (1) بطاقة قد تصل إلى 4,000 متر مكعب يوميًا. كما يتم حاليًا تطوير وتركيب مضخات جديدة لأربعة آبار ضمن خطة صيانة شاملة لتحسين التزود.
هذا ورغم المطالبات الفلسطينية لإعادة كميات التزود لمستوياتها الطبيعية لمحافظة الخليل، إلا أن الجانب الإسرائيلي بات يربط الاستجابة لهذه المطالب بارتفاع نسب الفاقد على خطوط التزود، والناجمة بالأساس عن التعديات على الخطوط، في محاولة لتحميل المجتمع الفلسطيني مسؤولية الأزمة، والتغطية على سياسة تقليص الكميات التي يمارسها منذ سنوات، الأمر الذي يؤكد أهمية دعم المجتمع المحلي للجهود الجارية ضمن الحملة الوطنية لإزالة التعديات، بالتعاون مع محافظة الخليل والأجهزة الأمنية، والتي تواصل ضبط وإزالة عدد كبير من الوصلات غير القانونية، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المعتدين، باعتبار أنّ ضبط التعديات بات ضرورة للتصدي لذرائع الاحتلال وضمان وصول المياه بعدالة.
وبناءًا عليه، تناشد سلطة المياه الإخوة المواطنين ضرورة الإبلاغ عن أية تعديات على خطوط المياه، والتعاون مع الجهات المختصة في حماية مصادر المياه من العبث. كما تدعو الهيئات المحلية إلى رفع كفاءة إدارة التوزيع، والامتناع عن أي ممارسات تؤدي إلى الإخلال بعدالة التوزيع أو حرمان المواطنين من حقوقهم.
وتؤكد سلطة المياه أن تجاوز أزمة المياه في الخليل يتطلب تكاتفًا وطنيًا شاملاً، يشمل الاستمرار في مواجهة سياسات الاحتلال، ورفع كفاءة إدارة الخدمات على المستوى المحلي، إلى جانب ترسيخ وعي المواطنين بمسؤوليتهم في حماية حقهم وحقوق غيرهم في المياه. فهذه الأزمة ليست طارئة ولا عابرة، بل هي نتاج واقع سياسي معقّد، وظروف فنية وإدارية متراكمة، تتطلب استجابة وطنية موحّدة من جميع الجهات ذات العلاقة لتجاوزها.
من جانبها قالت بلدية الخليل، ان مدينة الخليل تعاني منذ أكثر من شهرين من واقع مائي متردي ناتج عن تقليص كبير في كميات المياه وصل معدل هذا الشهر إلى أقل من 8000 كوب لليوم الواحد، وما تحتاجه المدينة كحد أدنى يحقق لها الكفاية يتجاوز ال 40000 كوب يوميا. من الجدير بالذكر أن جنوب الضفة الغربية ومنطقة الخليل من المناطق التي تعتمد على كمية المياه الواردة من سلطة المياه/الحكومة الفلسطينية بشكل كامل، بحكم عدم وجود وفرة في الأبار الارتوازية والمياه الجوفية النقية كما في مناطق شمال ووسط الضفة الغربية. وهو ما شكل أزمة إنسانية كبيرة هذا العام في ظل عدم قدرة سلطة المياه على تزويدنا بهذه الكميات.
وفصلت بلدية الخليل في بيان لها، أبعاد حل الازمة وهي: البعد الأول : في المطالبة اليومية من الحكومة الفلسطينية وسلطة المياه بمسؤولية التزويد حسب عدد سكان المدينة واحتياجهم. ودورها في الضغط على الجانب الاحتلالي لتزويد المناطق بالكميات المطلوبة. وإن كانت السلطة الفلسطينية أثناء الاتفاقيات وافقت بكل أسف على حالة إبقاء الموارد الرئيسية للمياه بيد الاحتلال نفسه، فعلى أقل تقدير أين هي المطالبة بالكميات التي تم الاتفاق عليها منذ ذلك الحين محدثة بالزيادة السكانية السنوية.
البعد الثاني : وهو في المطالبة بإعادة توزيع المياه بين مناطق الضفة الغربية بشكل يقترب من العدالة. فواقع طبوغرافية مناطق جنوب الضفة الغربية واختلاف مخزون المياه الجوفية في أحواضها عن شمال ووسط الضفة الغربية يستوجب أيضا من الحكومة الفلسطينية العمل على إعادة توزيع الكميات بطريقة تحقق الكفاية لدى كل المناطق. إذ قام الجانب الاحتلالي منذ سنوات بعمليات نقل للمياه من شمال فلسطين إلى صحراء النقب بحجة جعل "صحراء النقب تزدهر"، أما في أراضي الضفة الغربية لا يوجد توجهات أو مبادرات أو حتى مقترحات لدى سلطة المياه لتوزيع عادل للمياه بين مناطق الضفة الغربية.
البعد الثالث: مطالبة في جدية الحكومة الفلسطينية في النظر والاهتمام بالمشاريع التنموية في محافظة الخليل وما زلنا نرى كمية عدم الاكتراث بمنطقة تمثل ثلث الضفة الغربية أو يزيد لا تأخذ حقها في المشاريع المائية. وعملية تطوير وصيانة آبار السلطة الفلسطينية المائية في الجنوب لم تكتمل حتى الآن ونحن في منتصف شهر تموز، وقد علمنا أنها لم تكن مدرجة على موازنة الحكومة العامة منذ مدة وهذا سبب تأخير تنفيذ عمليات الصيانة رغم الحاجة الملحة لها والتي ساهمت في تردي الكميات الواردة بشكل كبير. فقد نشرت سلطة المياه قبل يومين على صفحتها مختصرا عن جهودها خلال العام الماضي مشاريع المياه في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. والناظر لهذا التوزيع لا يرى أن اسم الخليل مذكورا في أي بنية تطويرية للمياه فيها. مع تركيزهم الكبير هذا العام والأعوام الماضية فقط على عملية تسريع تنفيذ مشروع محطة تنقية الصرف الصحي في الخليل، بهدف محاولة لتوفير كمية الأموال التي يقتطعها الاحتلال من الحكومة الفلسطينية والتي تجاوزت 80 مليون شيكل هذا العام.
وهنا نشير إلى أن مطالبات بلدية الخليل لسلطة المياه لم تتوقف في محاولة لأخذ حصصها العادلة من المياه، وإن كانت حتى الآن لم تجد استجابة حقيقة على أرض الواقع ينعكس إيجابا على حياة المواطنين وتعزيز صمودهم ونؤكد على استمرار بذل جهود مستمرة لعمل اللازم للخروج من الأزمة.