السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بوكو مش حرام .... السلفية اليسارية

نشر بتاريخ: 01/10/2013 ( آخر تحديث: 05/10/2013 الساعة: 11:08 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

نجلس احيانا كأصدقاء ومن مختلف القوى والفصائل والتيارات نسعى نحو البحث والتحليل والنقد الذاتي . واتفقنا ان المقالة هي وجهة نظر مطروحة للنقاش والبحث وليس مسلّمة من مسلمات البحث العلمي ، فهي اقل دقة واقل درجة علمية من الادوات العلمية الاخرى ، لانها تحمل وجهة نظر خاضعة للتاكيد او النقض . وقد حظيت مؤخرا بجلسات تقييم شارك فيها اخوة وزملاء بينهم الاخ المناضل عوني المشني والباحث اكرم عطالله واصدقاء احترمهم كثيرا من جماعة السلفيين ، وقد لفت انتباهي استخدام عوني المشني لمصطلح ( السلفيين اليساريين ) في اشارة له لما يصرّح به بعض دعاة اليسار . بل ان الباحث اكرم عطالله ( ليس فتحاويا ) قال ان حركة فتح التي كنّا نتهما انها حركة يمينية صارت تتربع اليوم على عرش التقدمية قياسا مع مظاهر اليمين التي تجتاح المثقفين العرب .

وقد درج بين السياسيين وعلماء الاجتماع ان السلفي هو الذي يقف ضد التطور الحضاري والمدنية الحديثة والحريات ، وان اليساري هو الذي يقف مع التقدم والعلوم والاختراعات الجديدة والقيم الحديثة والحريات . ولكن المشهد العربي السياسي يحمل العجب العجاب .

وصرنا نشاهد بعض السلفيين اكثر تطورا وتقدمية من بعض اليساريين ، بل ان بعض اليساريين يقفون بكل عناد ضد العلوم وضد التطور وضد الحريات ويمارسون او يهددون بممارسة العنف الشديد ضد الرأي الاخر ولا يحملون معهم سوى الافكار الموتورة والتهويل وتهييج العوام وتأليب الرأي العام ضد اية افكار تقدمية او اصلاحية او حتى العروض الفنية والرسومات !!!! حتى انك حين تجلس معهم وتسمع افكارهم تصاب بالصدمة من شدة عدائهم للحريات .

وبالمقابل شهدت مصر ظاهرة يجب ان تدرس بعناية اكبر وهي مشاركة السلفيين الدعويين في الانتخابات والحكم وهي خطوة لم تأخذ حقها في الاحترام بقدر ما حاولت الصحافة عموما الاستهزاء بهم وتحويلهم الى اخبار نادرة ومسلّية . وكنت اتمنى لو ان السلفيين في فلسطين يشاركون في الانتخبابات القادمة .

و لكن هناك من يقول ان الجماعات الاسلامية عموما لا تختلف عن بعضها البعض الا في درجة التسارع فقط ، وانه لا فرق بين الملا عمر واسامة بن لادن وبين اردوغان واوغلو وهنية ومشعل واخوان الاردن والغنوشي وليث شبيلات وغيرهم .. وهذا كلام فيه الكثير من التعميم وينقصه الدقة والبرهان العلمي . لان الاختلاف موجود بشدة في داخل الحزب الواحد فكيف لا يكون موجودا بين الاحزاب المختلفة ؟

ان التقدمية ، اذا كانت صفة ايجابية فعلا ، لم تعد حكرا على اليسار العربي ، وان التخلف والسلبية والخوف من التقدم الحضاري لم يعد منوطا بالحركات التي تتمسك بالاديان ... فهناك اساتذة وعلماء فقه ورجال دين تتشرف ان تتعلم منهم وتتلمذ على ايديهم وتستمع اليهم ، وهناك " يساريون " تندم انك اضعت وقتك في قراءة ما يكتبون .

واخيرا تشرفت بحديث هاتفي مع الاخ المحترم المهندس باهر من حزب التحرير حول رده على مقالة بوكو حرام ، وقد اوضح الاخوة في حزب التحرير ان الجماعة النيجيرية الاسلامية لم تقل ان التعليم حرام بل قصدت ان التعليم الغربي حرام ... والمفارقة انني واياه كنا نتحدث عبر الهاتف المحمول اي بواسطة اختراع غربي ونناقش مقالة نشرت على صفحة الكترونية من صناعة غربية ونشاهد برنامج تلفزيوني على شاشة تلفزيون اخترعه الغرب ايضا ، بل انني اكاد اقول ان عبارة التعليم الغربي حرام اسوأ من عبارة التعليم حرام ... فالتعليم حلال ولكن الجهل حرام . والجهل ليس من صفة الاديان وانما من صفة الغوغاء او الخائفين الدهماء . ولا اعتقد اننا نختلف مع بعضنا في هذا الامر .