الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

سياسات الاتحاد الاوروبي بين النفاق والمصالح

نشر بتاريخ: 09/08/2019 ( آخر تحديث: 09/08/2019 الساعة: 16:15 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

ردة فعل الاتحاد الاوروبي الاخيره على القرار الاسرائيلي بخصوص بناء 2000 وحده سكنيه استيطانيه على الارض الفلسطينيه المحتله الى حد ما مستفزه كونها عباره عن نسخه كربونيه ومتكرره عن مواقف الاتحاد الاوروبي السابقه بعدم شرعية الاستيطان في اراضي الضفه الفلسطينيه المحتله ومطالبة اسرائيل بوقف هذا الاستيطان وذلك دونما اي مبادره ولو خجوله من دول هذا الاتحاد ولو بقرصة اذن لاسرائيل القوه القائمه بالاحتلال علها ترتدع فعلا وتتوقف عن افعالها في تحديها المتكرر والسافر للقانون الدولي والشرعيه الدوليه خصوصا وان الاتحاد بدوله الثمانيه والعشرين يعتبر من المدافعين الشرسين عن هذه الشرعيه واحترامها والالتزام بها اضافة الى ان هذا الاتحاد يعتبر شريان حياه لاسرائيل اقتصاديا وسياسيا وديبلوماسيا كما هي اميركا الا ان الفارق بينهما يكمن في ان الاخيره (اميركا) تترجم مواقفها المعيبه و المنحازه مع اسرائيل وتمارسها فعلا وقولا بينما الاتحاد الاوروبي يمارسها نفاقا فهو يعارض اسرائيل لفظا ويمنحها الغطاء فعلا وذلك بسبب ان اسرائيل هذا الكيان العنصري هو صناعه اوروبيه بامتياز.
في هذا السياق لا نملك سوى تذكير الاتحاد الاوروبي بانه والكثير من دوله يمارسون هذا النفاق بتناقض بشع وبتعارض كامل مع القيم التي بنيت عليها دول هذا الاتحاد وانظمتها السياسيه واساسها حقوق الانسان وعليه فنحن لا نملك فعلا كفلسطينيين نعيش تحت ابشع احتلال عنصري عرفه التاريخ المعاصر غير هذا التذكير بين الحين والاخر لعلنا في يوم قادم نرى الرعاه الحقيقيين والمدافعين عن حقوق الانسان في دول الاتحاد يحتلون مراكز القرار السياسي هناك ويطبقون السياسه الخارجيه لدولهم بما تمليه عليها قيمهم الاوروبيه الانسانيه التي نتشارك فيها جميعا.
طبعا ما سبق لا يعفينا كشعب يعيش تحت الاحتلال من القيام بما يمليه علينا واجبنا تجاه القوه المحتله وبما اقرته لنا الشرعيه الدوليه التي وان تخلت عنا في واجباتها فنحن لن نتخلى عن هذه الشرعيه وربما علينا ان نجد لتخاذل هذه الشرعيه عذرا بحكم انها مختطفه من قبل اعداء الانسانيه.
وفي هذا السياق نقر بان سر نجاح كل الثورات التي نعرفها كان في انها جعلت ثمن استمرار الاحتلال/ الاستعمار في بلادها باهظ وبكل المقاييس علما بان هذه الثورات لم تكن في حال افضل من حال الفلسطينيين لا قوة ولا ابداعا ولا اراده مع الفارق فقط في الطبيعة العنصريه وغير الانسانيه للمحتل الصهيوني التي تجعل منه الابشع في عالم الاحتلالات وهو ما يُفترض ان يجعل من هذا المحتل هشا انسانيا واخلاقيا وان مقاومته واجب ليس على الفلسطينيين تحت هذا الاحتلال فقط وانما على كل من تهمه الانسانيه بمعناها الشامل تماما كما كان الحال في مقاومة نظام الاقليه البيضاء في جنوب افريقيا عندما اتحد العالم باستثناء اسرائيل في مقاومة هذا النظام المعروف بنظام الفصل العنصري ،الابارتهايد، مما ادى الى تدميره بنيويا فكرا وممارسه في جنوب افريقيا الا انه وللاسف ما زال ينمو ويترعرع كفكر وكممارسه على ارض فلسطين التاريخيه باسم مختلف وهو اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال وهو ما حدى بالراحل بالعظيم نيلسون مانديلا بربط حرية شعبه واقعا وممارسه بحرية الشعب الفلسطيني كونه كان يعرف ان النظامين البائد في جنوب افريقيا والقائم في اسرائيل هما وجهان لعمله واحده.
ما سبق يؤكد على ان انهاء الاحتلال الصهيوني العنصري لدولة فلسطين الذي هو الحل المتفق عليه والمعتمد دوليا كحل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني يستدعي ضروة استخدام نفس الوسائل التي تم استخدامها في جنوب افريقيا وهي المقاطعه الاقتصاديه التي بقيت تنهش بانيابها في الجسد العنصري البغيض الى ان خر صريعا ليحل مكانه حياة مواطنه كريمه لكل سكان جنوب افريقيا بيضا كانو ام سود.
وعليه نؤكد بان وسائل انهاء الاحتلال التي تبناها وما زال يتبناها الرئيس الفلسطيني منذ اليوم الاول لانتخابه رئيسا للسلطه والدوله لم تكن وسائل غير مجربه او انها انتهت بالفشل وانما كانت مجربه وانتهت بنجاح مثير للدهشه كونها حققت انتصارات بسبب طابعها الانساني غير الدموي وغير العنفي وبالتالي فان انتصار قوى الخير في العالم لمشروع الرئيس الفلسطيني غير العنفي سيكون بمثابة دليل على ان الرغبه في كنس قوى الشر في هذا العالم ما زالت حيه وقائمه وان الانتصار الفعلي لكنس الاحتلال الصهيوني سيكون بمثابة طعنه قاتله للشر الذي يجسده الارهاب الذي اصبح ينهش في جسد العالم هذا الشر ما زال مستشريا كونه الابن البيولوجي لنظام الطغيان الذي يسيطر على عالم اليوم وتتزعمه اميركا ترمب.
.انهاء الاحتلال الصهيوني لدولة فلسطين لن ينهي حياة البؤس للفلسطينيين فقط ولكنه سينهي كل تهديد لاستقرار المنطقه المرتبط عضويا باستقرار العالم كله الامر الذي يستدعي ويستحق تدخلا دوليا ليس اقل من ذلك الذي حصل حيال نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا والا فليس هناك خيار ازاء التقاعس الدولي سوى ان يطلق العنان للشعب الفلسطيني ليعيد حساباته ويقرر من جديد قولا وفعلا على الارض وبما تكفله قوانين الشرعيه الدوليه بمقاومة المحتل وذلك اسوة بالاخرين في هذا العالم كالجزائر وفيتنام مثلا لا حصرا واسوة باوروبا نفسها التي تحررت من الاحتلال النازي فالشعب الفلسطيني ليس اقل طموحا وتوقا للعيش بكرامه من كل هؤلاء.