الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

د. عبدالله يطلق 50 منارة ثقافية تضيء عتمة عام جديد مسربل بظلام الحروب

نشر بتاريخ: 15/01/2020 ( آخر تحديث: 15/01/2020 الساعة: 18:21 )

الكاتب: محمد زحايكة

"عاشق من فلسطين".. د. عبدالله يطلق 50 منارة ثقافية تضيء عتمة عام جديد مسربل بظلام الحروب
أضاء الكاتب د. حسن عبد الله عتمة العام الجديد 2020 الذي توشّح منذ بداياته بالقصف والدمار والخراب والظلام ، باطلاق ثلاثيته الابداعية وهي نصوص " البستان يكتب بالندى " وخمسون تجربة ثقافية وابداعية فلسطينية ضمن برنامجه التلفزي على شاشة معا عاشق من فلسطين ، لتنير سماء فلسطين والمنطقة بخمسين كوكب وضّاء على مساحة جزئين من الطباعة المعتقة بالفل والورد والياسمين في شتى مجالات الثقافة والفنون والمعرفة المفعمة بالحياة الراقية والطافحة بالامل العارم المشبوب للوصول الى محطة النهايات التي تربض فيها الحرية المشتهاة والمنى والمراد بترقب واباء وعنفوان مهما طال الزمان .
وراح الكاتب المتيقظ النهم للمعرفة ، بعد ان استعرض فصولا شائقة من تجربته الحياتية في " البستان يكتب بالندى " ، بستان الحياة والعودة الى الجذور في رافات القرية الزاهرة باشجار الخضرة الزاهية جنوب رام الله ، وهو يغوص " في طين فلسطين الطهور " وينتصر على لحظة موت عابرة ، على مشارف رافات ، عندما كان طفلا شقيا كاشفا عن لالىء ومحارات ثقافية وفنية على مدى جزئين تمكن خلالها من اعادة اكتشاف قامات فلسطينية شامخة في فنون الادب والكتابة الابداعية من شعر ورواية وقصص قصيرة وقصيرة جدا ومسرح وسيناريو ودراما تلفزية وسينمائية وأغنيات ومسابقات ثقافية ودراسات وابحاث توثيقية لجغرافيا فلسطين السليبة . فكان ان توهجت من جديد تجارب العديد من فرسان الكلمة ، فاكتحلت وزهت العقول باستحضار يحيى يخلف ومحمود شقير ومتوكل طه واسعد الاسعد ومعين جبر وحافظ برغوثي وحافظ ابو عباية وعدنان صباح واحمد رفيق عوض وليلى الاطرش وزياد خداش وعمر عساف وليانا بدر وابراهيم جوهر وحنان عواد واحمد قطامش ومحمد حلمي الريشة ومحمد حنيني وفهد ابو الحاج وناصر لحام وصالح ابو لبن وانيسة درويش وعائشة عودة وايهاب بسيسو ومراد السوداني ووليد العمري وزهيرة صباغ وعيسى قراقع وسعيد عياد وسامي مهنا ود. سمير شحادة وديما السمان وجهاد صالح وعباس نمر وجميل دويك ... الخ
ورسم الكاتب عبدالله باقتدار وحذق ملامح هذه الشخصيات الابداعية منذ البدايات وكيف كانت نقطة التوهج والانطلاق في دروب الابداع والكتابة منذ النشأة الاولى والتجارب الحياتية والنضالية التي صقلت هذه التجارب واغنتها ومنحتها ابعادا تطورية تصاعدية نحو ما هو اكمل وأشهى سواء في المخيم او القرية او المدينة او في عتمة السجون والزنازين في حلقة ودائرة متصلة من تجسيد حلم الفلسطيني في التخلص من ربقة الاستعمار والاحتلال مرة واحدة والى الابد.

جئتكم شاعرا وليس تاجرا ..؟
وتبرز في ثنايا هذا الاستعراض الجميل المشوق ، قصص وتجارب ممتعة وطازجة كأنها خارجة على التو من تنور الحياة عندما يردد الشاعر المغترب محمد حنيني ابن كفر نعمة قضاء رام الله في بلاد المهجر البرازيل جئتكم شاعرا وليس تاجرا ثم يقوم بنشر قصائده هناك باللغتين العربية والبرتغالية لتعميم الفائدة وليكون شعره سفيرا للقضية الفلسطينية العادلة . ثم نندهش بتجربة فهد ابو الحاج الذي دخل السجن اميا وخرج مثقفا بل وصل الى الدكتوراة بارادة وعزيمة المناضل الذي ادرك دور الثقافة في تحرر الشعوب المحتلة من ربقة الاحتلال . وهزتنا من الاعماق خطوة الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان عندما حملت ارث اخيها الشاعر الكبير الراحل ابراهيم طوقان واودعته في رقبة الشاعر المتوكل طه الذي وظفه في ابحاثه الثقافية والادبية النادرة وعندما فتح الحقيبة الجلدية بنية اللون وجد فيها كنوزا لم تمس منذ عام 1941 عام وفاة الشاعر ، ومحاورات شعرية بينه وبين الشاعر الكبير " ابو سلمى" عبد الكريم الكرمي مكتوبة على ورقة " باكيت دخان " كما عثر على القصيدة المسكوت عنها " يا شهر ايار " ..؟؟!! فيما يسحرنا احمد رفيق عوض الكاتب والمثقف الشامل الذي برع في الرواية والقصة والبحث والمسرح والتحليل السياسي ومارس التجريب الابداعي ، وأتقن عديد هذه النصوص الابداعية .
جبر الخواطر .. ؟
اما معين جبر شاعر جامعة بيت لحم أيام الزمن الجميل كما يقال ، فقد بهرنا وشدنا الى الروح الثورية وتجربته النضالية مع رفاقه من مختلف التنظيمات في ارساء حالة ثقافية نضالية كانت تتوهج آنذاك في سماء الوطن كنجمة حمراء تنبئ بالربيع القادم الذي تأخر قدومه للاسف . ونذكر معين ذلك الانسان البسيط المثقف المتمرد وشطحاته الفكرية الجميلة التي كانت تؤلّب عليه المحافظين فيما ترمقه عيون صبايا بيت لحم بالاعجاب وهو يتفنن في القاء حواديته وقصصه بصخب وابهار على الملآ في ساحات الجامعة الفوارة آنذاك بالنضال العارم ، فتكون تهويماته وشطحاته جبرا للخواطر وأملا في فرح قادم ؟! .

نزلنا ع الشوارع ..؟
وتأخدنا خمسون تجربة الى اغنيات نزلنا ع الشوارع رفعنا الرايات واغنية " يويا " وما بدنا طحين ولا سردين.. يويا ، للشاعر السفير د. اسعد الاسعد والى السجون والمنافي البعيدة والقريبة مع محمود شقير وعدنان صباح وعمر عساف ود. سمير شحادة وبيانات القيادة الوطنية الموحدة في الانتفاضة الاولى ، فنعيش حالة من الوجد والحنين الى تلك الازمان وذلك النهوض الوطني العارم والتصدي على جميع الجبهات وخاصة الجبهة الثقافية لمحتل احلالي غاصب .

عباس نمر .. وآهات بغداد ؟؟
ويطل علينا الباحث عباس نمر بابحاثه الرشيقة خاصة في جريدة " القدس " عن قرى فلسطين المهجرة باسلوبه البسيط ، ولكنه يثير فينا العاطفة والحس الانساني الرفيع ونسمعه وهو يردد ما قاله د. محمد جاسم المشهداني رئيس اتحاد المؤرخين العرب عن بحثه بعنوان " عمر عبد العزيز والقدس " ، " هذا البحث يجب ان يلقى في بغداد وليس في تكريت " ؟! وكان طلب منه د. كمال عبد الفتاح المشاركة في ذاك المؤتمر وعندما اعترض عباس نمر على المشاركة مع مؤرخين كبار اجابه عبد الفتاح " نفّذ ما اقول لك فستكون نعم الممثل لبلادك " . وهكذا كان حيث بثت كلمته على مدار 14 دقيقة اذاعية من العاصمة قبل ان تتشح بغداد الرشيد بالسواد وتطلق آهات الحزن على سقوطها تحت سنابك العلوج الامريكية.
نجومية العمري واللحام على المحك ..؟
ونحلّق مع تجربة نجمي الجزيرة ومعا ، وليد العمري وناصر اللحام ، فنتعاطف مع تجربة العمري الذي رابط على مرمى حجر من المقاطعة اثناء حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات وكان في كل لحظة فيها في قلب الخطر ، ثم تشّدنا سنوات دراسته وخجله من لهجته القروية اثناء دراسته في الكلية العربية الارثوذكسية في حيفا وهو القادم من قرية صندلة في مرج بن عامر على الخط الاخضر القريبة من جنين وزواجه من مواطنة مسيحية في تعبير عن عمق وحدة مصير عضوية وتلاحم بين مكونات الشعب الفلسطيتي لا انفصام لها ، وكذلك سكنه في غرفة بشارع عباس الحيفاوي ، كان اقام فيها الشاعر محمود درويش والتي علقت فيها صورة رسمها الشاعر الكبير الراحل ، فيما نسافر مع تجربة ناصر اللحام وقصة النجومية التي بدون تأسيس ثقافي تكون شيئا تافها وتتلاشى، ولغة الجسد في الاعلام الاسرائيلي والهجوم عليه بسبب موقفه من الانقلاب التركي عام 2016 المغرد خارج السرب ومقولته التي ترى ان الشعب الفلسطيني اذكى من قيادته، في نفس الوقت الذي يعترف فيه بموقف في غاية الحكمة والرشد السياسي للراحل الحكيم جورج حبش عندما يتنازل عن كلمة مهمة امام مؤسسات اممية ويعطيها للرئيس عرفات، قائلا انه الوحيد الذي يجب ان يتحدث باسم فلسطين رسميا ؟؟! فهل النجومية باتت على المحك بعد "الربيع" العربي والخريف الفلسطيني وانحياز الفضائيات العربية والفلسطينية الى اجندة ومصالح دول بعيدا عن رغبات وطموحات الجماهير الشعبية الحقيقية ؟؟؟!
ثقافة السجون ..؟؟
ونندمج مع ذكريات السجن والاعتقال والاسير المحرر صالح ابو لبن وهو يردد مطلع قصيدة واغنية للشهيد محمد ابو لبن ابن عمه بعنوان سطر يا تاريخ.. قل يا عسقلان ، ويا نقب كوني ارادة ، للمعتقل الراحل صلاح عبد ربه ورواية البيت الثالث التي يعتبرها الاسير المحرر ابو لبن جزء من مقاومة الثقافة الاستهلاكية ، ونلمس من خلال الحوار معه ، ظاهرة تطبيق فلسفة التعليم الحواري في المعتقل للعالم باولو فريري للتغلب على تحكم ادارة السجون في منع الكتب او تقنينها وحرمان المعتقلين من الكثير منها في محطات اعتقالية كثيرة ورغم ذلك ، يتخرج مثقفون من السجون يتمتعون بكفاءة عالية حيث تشربوا الثقافة واستوعبوها بالعمل والاصرار فكان من بينهم تنظيميون وسياسيون وادباء ومفكرون ومترجمون . ويصفعنا الاعلامي والاكاديمي الباحث د. سعيد عياد بمقولات من نوع ابني تفسك بنفسك كما علمه والده وعبارة ، لا احد يصنع المرء غير نفسه ، لذاك نشأ عصاميا وبنى نفسه تقريبا من الصفر الى جانب تجواله في جامعات الوطن ورحلته وتجربته العلمية والفكرية في بلاد المغرب العربي ودوره في نقابة الصحفيين الفلسطينيين .

مبدعات .. أصائل
أما التجارب الثقافية لكوكبة من مبدعات فلسطين الاصائل امثال ديما السمان وحنان عواد وعائشة عودة وانيسة دروريش وزهيرة الصباغ وليانا بدر واسماء ابو عياش ونادية حسن مصطفى وفردوس عبد ربه وليلى الاطرش ومليحة مسلماني فهي بحاجة لوقفة خاصة نطل منها على دور محوري في الثقافة الوطنية الملتزمة بالهم العام وتحرير الوطن.