الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

من ينقذ الولجة؟

نشر بتاريخ: 15/04/2015 ( آخر تحديث: 16/04/2015 الساعة: 15:49 )
من ينقذ الولجة؟

بيت لحم - خاص معا - هي قطعة من القدس تطل على سفح مدينة بيت جالا، حيث الجبال التي تسرق ناظريك حال حطت قدماك ارضها، وقد قيل قديما ان اسمها يعني "مدخل القدس" و"كثيرة التعرجات".. هي قرية الولجة المهجرة عام 1948، حيث رُحّل الاهالي وسكنوا في منطقة قريبة من قريتهم املا بالعودة القريبة وانشأوا "الولجة الجديدة" على باقي اراضي القرية التي تقع على بُعد 8.5 كم جنوب غرب المدينة المقدسة، 4 كم شمال بيت لحم.

نكبات مستمرة وقعت على ارض القرية، وما زالت مستمرة.. بدءا من نكبة 48 الى نكسة 67 الى التهجير الصامت المستمر للاهالي المتمثل بسرقة الارض ومنع البناء وهدم المنازل... ولم ينته ببناء الجدار الفاصل على اراضي المواطنين الذي يحيط بالقرية من كافة الاتجاهات، وبناء حاجز عسكري "معبر" على مدخل القرية وعزلها ومنع أي مظهر من مظاهر التطوير والعمران فيها.

صمود اسطوري للقرى التي احاطها الجدار، ومنها الولجة، لكن هذا الصمود لم يرافقه دعم كاف، فالتنديد والاستنكار والمطالبة والمناشدة ما عادت تأتي بنتائج...

معا زارت قرية الولجة والتقت رئيس المجلس القروي عبد الرحمن ابو التين وكان لنا معه حديث مطول.


الولجة تاريخيا
بلغت مساحة القرية رسميا حسب السجلات قبل نكبة 48 ما يقارب 34 ألف دونم، ولكن الاهالي كانوا قد سجلوا منها فقط ما يقارب 17.708 دونم، وبقي للمواطنين 6000 دونم بعد نكبة 48، لحقها نكسة 67 وسرقة مزيد من الاراضي ليعيشوا اليوم على 3000 دونم فقط مقسمة الى 3 ادارات، 60 دونم مناطق مسمية "B" تابعة للسلطة الوطنية، و 2400 دونم مناطق "A" و"C" تابعتين لبلدية الاحتلال بالقدس ولما يسمى "الادارة المدنية الاسرائيلية" للضفة.

18 نبع مياه في قرية جافة
اكد رئيس المجلس ان القرية كانت توفر المياه العذبة لكافة اهالي القرية والقرى والبلدات المجاورة من خلال عيون المياه دائمة التدفق وبغزارة قبل نكبة 48، منها عين العليق، عين الشيخ اسماعيل، عين الجويزة، عين البلد، عين السودة وعين سيف، عين الشرقية، عين عوض، عين العبسية، عين الدلبة، عين ابو سمير، عين شعب، عين فليفل، عين هلال، عين العصفور، عين يالو، واكبرها واشهرها عين الحنية، دخلت غالبيتها داخل الجدار ومنها من جفت بسبب اعمال الحفر لبناء الجدار مثل عين الجويزة وبقيت عين "الحنية" الا انها في مناطق مصنّفة اسرائيلية تتعرض للسرقة والنهب واعمال الحفر والتنقيب ومخططات اخرى.

عين الحنية والحديقة الوطنية
تقع عين الحنية على خط الهدنة، غربي القرية، حيث صادقت سلطات الاحتلال عام 2013 على اقامة "حديقة وطنية" على هذه العين والارض المحيطة بها، على مساحة 5700 دونم، ورفضت كافة الاعتراضات التي قدمها الاهالي في المحاكم الاسرائيلية، حيث يسمح للاهالي بالوصول الى عين الحنية واراضيهم هناك كأي سائح او زائر دون السماح لهم بالرعي وتأهيل الارض ولا البناء والاصلاح، الا ان التخوف الاكبر من القادم.

اموات خلف الجدار
مقبرة قرية الولجة الاصلية قبل نكبة 48 احتُلت ويمنع الاهالي من زيارة قبور اجدادهم فيها، ان الا حصار القبور لم ينته فبعد بدء بناء الجدار الفاصل عام 2002 التهم الجدار عدة قبور تابعة لقرية الولجة "الجديدة" حيث ما زالت مئات العائلات محرومة من زيارة قبور اجداهم للجيل المهجّر، فبعضهم حصل على "قرار" ببناء نفق من منزلهم الى قبور اجدادهم واحبتهم لزيارته، ومناطق اخرى ما زال الجدار غير مبني بشكل كامل يهدد الوصول اليها.


صوت الريف الغربي
وضمن استمرار محاولات القرية والمجلس القروي لتكوين "جسم" قوي للدفاع عن الولجة والقرى المجاورة من الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة، شُكلت لجنة "صوت الريف الغربي" في اذار 2015 الماضي، بدعم من برنامج الحماية في وكالة الاونروا لقرى (الولجة، بتير، حوسان، وادي فوكين)، هدفها توحيد الكلمة صوب توثيق الاعتداءات واعلاء الصوت صوب المطالبة بالحقوق الشرعية.


واعرب رئيس مجلس قروي الولجة عبد الفتاح ابو التين عن امله ان يتمكن هذا الجسم الموحّد من اعلاء صوت الحقيقة والوصول الى المحافل الدولية لكشف اعتداءات الاحتلال من سرقة الارض والماء وتهجير السكان، مؤكدا انهم لن يكتفوا بالتنديد والاستنكار.

لا تراخيص بناء.. اين يعيش الاهالي
ترفض سلطات الاحتلال اعطاء المواطنين رخص بناء وان وافقت يحتاج الامر لسنوات طويلة، كما هدمت اكثر من 47 منزلا خلال السنوات الماضية و80 قضية هدم اخرى في المحاكم الاسرائيلية، وغيرها عشرات قرارات وقف البناء في المباني، فلا مكان للاهالي ليبنوا لابنائهم فأين يذهبون. فمنهم من يبني وهو على علم وادراك ان البيت سيتعرض للهدم عاجلا ام اجلا.

تخطيط هيكلي
انجز المجلس القروي خلال السنوات الطويلة الماضية، مخططا هيكليا لتنظيم البناء في القرية، وقُدم لسلطات الاحتلال لامل الموافقة عليه، الا انه قوبل بالرفض عدة مرات، لكن المجلس ما زال مصرّا على اعداد مخطط هيكيلي حيث يجري العمل عليه في الوقت الحالي بدعم من البريطانيين وبالتعاون والدعم من السلطة الوطنية.

يهدف المخطط الهيكلي لتحويل اراضي القرية الى مناطق قابلة للانماء والتطور والعمران بشكل منظم، وتأهيل وشق الشوارع وتحديد المرافق العامة والخاصة، الا ان الرفض الذي جاء من قبل الاحتلال كان بدعوى ان المنطقة غير قابلة للتطوير والبناء المنظم، الا ان المحاولات مستمرة.


واكد رئيس المجلس القروي عبد الرحمن ابو التين لـ معا حاجة المجلس لضغط دولي على الاحتلال من اجل الموافقة على المخطط الهيكلي.

مدرسة اعدادية فقط
يوجد في القرية مدرسة وحيدة تابعة لوكالة الاونروا توفر التعليم لكلا الجنسين حتى الصف التاسع الاساسي فقط، وهي مدرسة قديمة، الا انه وبغياب الدعم قام الاهالي ببناء مدرسة قبل عدة اعوام من اموالهم الخاصة بدل القديمة، وما زالت حتى الصف التاسع لا توفر التعليم الثانوية، ناهيك عن غياب روضات الاطفال في الوقت الذي يُمنع فيه البناء ان توفرت اموال اهالي القرية او مثلا ان توفر دعم حكومي.

وعليه، يتلقى الطلبة تعليمهم الثانوي في القرى المجاورة او يتوجهون الى مدينتي بيت جالا او بيت لحم ليقطع الطلبة حواجز عسكرية ومسافة تزيد عن 5 كم ذهابا ومثلها ايابا بشكل يومي.

عديد الاهالي التقوا معا خلال جولتها في القرية معربين عن استغرابهم عن عدم علم الحكومة لربما عن غياب مدارس في القرية، او هل تعتقد وزارة التربية والتعليم ان التعليم لهذه القرية غير هام وان هذه المدرسة كافية، مناشدين الرئيس محمود عباس ان وصلت رسالتهم هذه له ان يتدخل ويصدر قرارا للوزارة المعنية بالنظر بعين المسؤولية تجاه طلاب الولجة.

قرية بلا خدمات طبية
توفر الحكومة عيادة طبية متنقلة للطب العام يومين بالاسبوع لاهالي القرية، حيث اكد رئيس المجلس وعدد من الاهالي انها لا تفي بحاجة المرضى في القرية كونها توفر خدمة الطب العام ولمدة يومين، ولا توفر مختبرا للفحوصات او أي اضافات للطب العام، في ظل غياب عيادة او خدمات صحية من قبل الاونروا للاجئي القرية، ما يدفع المرضى والمواطنين من يصابون بأمراض تتطلب العلاج السريع الى التنقل الى مدينتي بيت جالا او بيت لحم او لخدمات الاونروا في بيت لحم وقطع اقل مسافة تصل الى 5 كم ذهابا، ما يشكل خطرا على عديد المرضى.

موازنة "صفر" وتقصير
اكد رئيس المجلس لـ معا ان المجلس لا دخل مالي له سوى رسوم يدفعها المواطنون مقابل خدمة جمع النفايات من خلال سيارات المجلس، وهي اموال لا تذكر، في حال استطاع جميع الاهالي تسديد هذه الرسوم.

واضاف ان وزارة الحكم المحلي يقع عليها عدة اعباء منها دفع عوائد ما يسمى "المواصلات والسير على الطريق" للمجلس الا ان الوزارة لا تدفع هذه المستحقات بشكل منتظم حيث دفعت اخر مرة عن عام 2012، مشيرا الى ان هذه الاموال لو تم دفعها بشكل منتظم سيتمكن المجلس من توفير خدمات للمواطنين وانشاء مشاريع تدر دخلا للمجلس وتسيير اعمال المجلس اليومية.

وتحدث رئيس المجلس ان السلطة وعدت المجلس عام 2011 بتمويل شق طريق زراعي للقرية، وبادر المجلس حينها بتنفيذ المشروع لحين وصول الاموال من قبل السلطة، الا ان المبلغ لم يصل حتى اليوم، ما حمّل المجلس ديونا بقيمة 100 الف شيكل وهي قيمة الدعم الذي كان من المفترض تقديمه، مؤكدا ان المجلس اتصل وتواصل وارسل الكتب ووصل للوزارة في رام الله وتابع دون مجيب، كما قال.

واكد رئيس المجلس لـ معا ان الوضع المالي للمجلس يهدد في وقت قريب بوقوف المجلس عاجزا عن العمل وجمع النفايات لعدم توفر نقود لوقود السيارات.

احتياجات اساسية
تعاني القرية من شبكة صرف صحي سيئة وتالفة وقديمة، ونظرا لبناء الجدار وحفر الاراضي لغرض انشائه وبناء عدة مستوطنات قريبة من القرية واستمرار حفر الاراضي لاغراض عدة منها معلوم وغيرها مجهول.. تضررت الشبكة حيث تتدفق مياه الصرف الصحي في عدة مناطق بشكل يومي، في غياب دعم الحكومة واي دعم خارجي، حيث اكد رئيس المجلس انه يعلم الازمة المالية الخانقة التي تعانيها السلطة وسرقة اسرائيل لاموال الضرائب مؤكدا وقوف المجلس الى جانب القيادة في سعيها لانهاء الاحتلال، لكنه اكد في ذات الوقت ان القرية بحاجة لدعم السلطة.


يأمل المجلس توفير بعض الاموال من مستحقاته او دعم خارجي لاقامة مشاريع ولو بسيطة تدّر دخلا للمجلس كإقامة قاعة افراح للقرية حيث ينتقل الاهالي لاقامة اعراسهم ومناسباتهم الى مدينة بيت جالا او بيت لحم وقطع مسافات طويل وعبور حواجز وصرف الاف الشواكل يوميا على وقود السيارات لهذا الغرض.


السياحة في القرية
تحتضن القرية اقدم شجرة زيتون، وضمن محاولات المجلس المستمرة لتثبيت القرية وتوفير حركة سياحية اليها قد تدر دخلا للمجلس، خطط المجلس لمشروع سياحي بشأن اقدم شجرة، وقال رئيس المجلس انه تواصل مع وزارة السياحة بشأن عقد لقاء مع الوزيرة منذ مدة طويلة دون ان يتمكن من ذلك.

واعدّ المجلس في هذا الشأن كتيبا عن افكار للتصميم المكاني للمنطقة المحيطة بالشجرة تضمن دراسات ومخططات لطرحه على وزيرة السياحة والبحث في هذا الموضوع.


الاونروا
ثمن رئيس المجلس القروي الدور الذي تقوم به الاونروا الا انه اكد انه غير كاف حيث لا يتم التعامل مع اهالي القرية كلاجئين، معربا عن أمله بمزيد من الدعم والمساندة.

اجرت المقابلة: عبلة درويش