الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

كيف تعمل منظمات حقوق الانسان في غزة ؟

نشر بتاريخ: 11/05/2015 ( آخر تحديث: 11/05/2015 الساعة: 17:27 )
كيف تعمل منظمات حقوق الانسان في غزة ؟

غزة- تقرير معا - دأبت منظمات حقوق الانسان للعمل في ظروف صعبة ومعقدة خلال السنوات الثماني الماضية في قطاع غزة التي شهدت ثلاثة حروبا شنها الاحتلال الاسرائيلي بالإضافة إلى الانقسام الفلسطيني واثارة السلبية على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة التي لم تستطع الوصول إلى تلك المنظمات.

ويرى حقوقيون في ثلاث منظمات رئيسية في غزة المركز الفلسطيني لحقوق الانسان والميزان والضمير في أحاديث مختلفة لمراسل "معا" أن الأوضاع العامة تتدهور الى نحو غير مسبوق في ظل استمرار حالة الانقسام الفلسطيني الا انهم اضطروا للعمل في هذا السياق.

نائب مدير المركز الفلسطيني لشؤون البرامج حمدي شقورة يقول :"مضطرون أن نتعامل مع سياق فلسطيني يضاف إلى ما أثقل به علينا الاحتلال من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وحروب مستمرة في غزة أو استمرار أجندة الاستيطان والتطهير العرقي والجدار ونظام التمييز العنصري ضد الفلسطيني بالضفة".

بالرغم من هذه الأوضاع إلا أن المؤسسات الحقوقية تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية بحرية ليس لأن الجهات الرسمية تتسامح أو تتساهل لان هناك تدهور في حقوق الانسان وهناك قيود على الحق في تكوين جمعيات وعلى منظمات المجتمع المدني على حد قول الحقوقي شقورة.

ويشير شقورة إلى وجود مساع حثيثة كانت خلال السنوات الماضية للزج في المجتمع المدني في اتون الصراع السياسي القائم .

ويقول :"المنظمات الحقوقية هي الجهة الوحيدة التي امتلكت بوصلة وطنية واحدة في الوقت الاخرون كنت لهم اجنداتهم الحزبية والسياسية ونحن ربما القلائل كمنظمات مجتمع مدني كانت بوصلتها وطنية".

ويضيف :"الانقسام قسم ظهرنا جميعا وفصل اسود في تاريخ الشعب الفلسطيني يجب ان ينتهي عملنا ولا زال من اجل ان ينتهي هذا الفصل الاسود من تاريخنا وللملمة البيت الداخلي للأسف حتى الان الجهود تتعثر".



واستبشرت المنظمات كباقي أبناء الشعب الفلسطيني العام الماضي باتفاق الشاطئ وما تلاه من تشكيل حكومة التوافق الوطنية لكن للأسف على أرض الواقع بعيد جدا عن المصالحة وما زال الانقسام ينخر والمؤسسات الرسمية معطلة ومازالت قضايا اساسية عالقة بحاجة لجهود على حد قوله شقورة.

ويؤكد الحقوقي شقورة أن معيار المنظمات الحقوقية هو سيادة القانون والمعايير الدولية، ولن تنحاز هذه المنظمات الا لسيادة القانون .

وتحدث شقورة عن الانتهاكات التي جرت وما زالت نتيجة الانقسام في غزة والضفة، مشيرا لوجود سوء توظيف لما يصدر وتقوم المنظمات بعمل حقوق انسان في كافة الاراضي الفلسطينية.

وحاولت المنظمات الحقوقية منع انزلاق الانقسام الفلسطيني الى القضاء الذي يفترض ان يوفر ملاذا امنا للفرقاء لكن فشلت مع تأكيدها على ان كل الاجراءات جرت في نوفمبر وديسمبر من العام 2007 غير قانونية وغير دستورية.

ويقول الحقوقي شقورة :"نحن كأجسام قانونية لا نتعاطى ولا يجوز ان نتعاطى مع اجسام غير قانونية الوضع الذي نشئ بعد استلام حماس لغزة وضع غير قانوني ولا يجوز ان نكون منظمة تدعو لسيادة القانون ونحن نمارس عكس ذلك".

ويضيف "نحن رفضنا التعامل مع أجسام غير قانونية وحاولنا ان نبحث عن بدائل واضطرينا للعمل في مساحات لم نكن نعملها في السابق".

وتابع :" وفي ضوء استمرار الانقسام تفاكرنا كمنظمات وكان الرأي باستئناف عملنا امام القضاء بحالات اختبار ندرك المحدودية ومشاكل القضاء وفي حالة الانقسام لا يوجد استقلال في القضاء مع ذلك توجهنا للقضاء وفي الثلاثة قضايا التي توجهت بها المنظمات الثلاث المركز الفلسطيني والضمير والميزان كانت الردود سلبية".

من ناحية يرى خليل ابو شمالة مدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان أنه ليس مطلوبا من منظمات حقوق الانسان ان تحقق اهدافها بشكل كامل لان الهدف الرئيس والاستراتيجية التي تعمل من اجل هي سيادة القانون وليس من اجل الوصول للسلطة التي هي ليس من اهداف المنظمات.


ويقول :"نحن ننتقد ونثير الموضوع ولا يمكن لنا ان نكون داعين ومحرضين ومنظرين ولا ينبغي لها ان تكون لها قواعد لتقول للناس انزلوا للشارع الذي يستطيع ان يفرض على السلطة احترام القانون الجماهير والذي يقود الجماهير القوى السياسية".

ويضيف :"راس حربة أي تغير في أي مجتمع القوى السياسية والمجتمع المدني الذي من بينة المنظمات الحقوقية هي جزء من الادوات ولكن ليست كل الادوات".

واما عن نجاح واخفاق عمل منظمات حقوق الانسان يتابع الحقوقي أبو شمالة :"النجاح والاخفاق يقاس بتفاعل القوى السياسي والجماهير، ونجحنا في ان نفرمل خطوات حركة حماس في كثير من القضايا والقوانين والقرارات التي كانت تفرضها مثل الحجاب على المدارس والشيشة في بالأماكن العامة والبنطال الساحل وغيرها وقلنا كلمتنا ولنا مواقف واضحة وصريحة ضد كل القوانين التي سنت من قبل كتلة التغيير والاصلاح في المجلس وأيضا لنا مواقف ضد كل المراسيم الرئاسية التي خالفت نصوص القانون الاساسي لكن هل استطعنا ان نوقف كل هذه القرارات والقوانين لا بالطبع لماذا لأنه لم يكن هناك ارادة سياسية من قبل حماس في غزة والسلطة برام الله بالالتزام بالقانون ولم يلتئم المجلس التشريعي".

وأردف :" لذلك نحن نعيش في فراغ والمنظمات حولت في كثير من المواقف الى مجموعة من المخاتير لحل قضايا الناس وكنا مضطرين مخاطبة رؤساء الاجهزة الامنية بشأن عدة قضايا"، ويقول :"منظمات حقوق الانسان لا يستطيع احد ان يقول فشلت هي افشلت".

وتحاول منظمات حقوق الانسان الى تطوير ادواتها ولكن المشكلة أنك تعيش في منطقة استثنائية من العالم لا يمكن ان تخطط فيها الى شهر على حد قول الحقوقي ابو شمالة.

ويؤكد أبو شمالة أنه ليس المطلوب من الجميع ان يعرف عمل منظمات حقوق الانسان ومن يريد ان يطلع على عمل منظمات حقوق الانسان عليه ان يزورها ويطلع ما لديها من شكاوي.

ويعتقد سمير زقوت منسق وحدة البحث الميداني في مركز الميزان انه وبغض النظر من كل ما سبق من حملات التشوية التي تعرضت الها المنظمات الحقوقية الا انه في المحكات الرئيسية تجد هناك احترام وتقدير من الجميع، وفي كثير من المناسبات بدى هذا واضحا.

وعن دور المنظمات في المصالة يقول الحقوقي زقوت :"لا اعتقد لنا دورا مؤثرا وفاعلا ودائما نحن نحث ونطالب ونمارس ضغطا في اللقاءات الثنائية لأننا نحن اكثر من المتضررين من استمرار الانقسام لكن لا يوجد أي دور فاعل لان الموضوع ليس فنيا ولا تقنيا ولا توعويا بقدر ما هو ناشئ من مصالح سياسية بين طرفين يتصارعان على السلطة".


ويعتقد زقوت أن الظروف الانسانية في غزة بلغت حدا غير مسبوق وهذا لا يمكن عزلة عن الحصار والاحتلال لكن ايضا لا يمكن تجاهل اثر الانقسام على ذلك، حيث يقول :" لو ان هناك وحدة وطنية لما استمر الحصار الى يومنا هذا لان جزء من الحصار ارادة مجتمع دولي وعربي وجزء منه السلطة".

وعملت المنظمات الحقوقية طوال فترة الحروب السابقة التي شنت على قطاع غزة بدور وصف اكثر من رائع في نقل الحقيقة بدون تجميل او اضافة الحقيقة، ويقول الحقوقي شقورة:" لا يوجد بالعالم توثيقا اكثر من الحالة الفلسطينية في الانتهاكات وهذا بفعل المنظمات بالإضافة الى المراقبة والنشر بالإضافة الى العمل القانوني بناء ملفات قانونية بما فيها القضاء الاسرائيلي ومتابعة مئات الملفات القانونية عبر الية محددة تتبع تقديم شكاوي للمستشار القضائي في الجيش الاسرائيلي وهناك توجه لوزارة العدل الإسرائيلية للحصول على تعويضات".

ويضيف :"تجربتنا مريرة على مدار الحروب الثلاثة وخلاصة عملنا بان القضاء الاسرائيلي بكل مكوناته عندما يتصل الامر بحقوق المدنيين الفلسطينيين فان القضاء يتحول الى غطاء لجرائم الحرب ولا ثقه لنا بأي مستوى من المستويات بالقضاء الاسرائيلي".

وتابع "دفعنا بكل ما أوتينا من طاقة حتى تنضم فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية وقد انضمت وهذا تحد كبير وباب عدالة مهم واساسي لردع الاحتلال وملاحقة الاحتلال على جرائمه ومستمرة والاستيطان والعقاب الجماعي والحصار وقضايا المعتقلين والتعذيب هذه كلها جرائم حرب".

بدوره يقول الحقوقي ابو شمالة :"على مستوى المعركة القانونية المفتوحة مع الاحتلال منظمات حقوق الانسان متقدمة على منظمة التحرير وهذا باعتراف المنظمة في موضوع التقارير الموازية امام مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة وكل مؤسسات الامم المتحدة".

ويرى ابو شمالة أن منظمات حقوق الانسان هي الحلقة المركزية في ادارة ملف ملاحقة جرائم الحرب الاسرائيلية، ويقول:" كل مؤسسات الشعب لم تستصدر على مدار 60 قرار بإلقاء القبض على مجرم واحد اسرائيلي في حين استطاعت هذه المنظمات اصدار قرارات بإلقاء القبض على قادة جيش الاسرائيلي في عدة دول وكان هناك قرار محكمة ولم تحترمه السلطة التنفيذية لكن المشكلة ان السياسة غلبت على القانون وضحوا بالقانون وحقوق الانسان".

ويعتقد الحقوقي زقوت أن محكمة الجنايات الدولية ميدان جديد للاشتباك مع الاحتلال ومعركة مهمة يجب ان تحشد جهود الفلسطينيين جميعا من اجل محاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم.

ويقول زقوت :"لدينا ارث سابق تقرير غولدستون والتقرير الاخيرة والاف التقارير التي نشرت من المنظمات كلها وثائق وتدعم وتساهم في النجاح في مهمة الذهاب لمحكمة الجنايات في الضفة ولدينا مادة دسمة من استيطان وتهويد القدس والتمييز العنصري كلها جرائم حرب مستمرة".

وتؤكد المنظمات جاهزية الفلسطينيين بالتوجه لمحكمة الجنايات الدولية بل لديها طاقات لا تقدر بثمن بإمكانها العمل امامها.

يذكر أن المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية شرعت بما يمسى التحقيق الاولى وهي في اطار جمع معلومات وتقييم الحالة لفحص ما اذا سيتم الشروع في تحقيق جنائي في الفترة المقبلة على ما ارتكبته اسرائيل في قطاع غزة.

تقرير: أيمن أبو شنب