الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

طنة ورنة...

نشر بتاريخ: 22/12/2019 ( آخر تحديث: 22/12/2019 الساعة: 19:06 )

الكاتب: رامي مهداوي

المتابع للعالم الإفتراضي وبالأخص موقع التواصل الإجتماعي"الفيسبوك" يجد بأننا كشعب أصبحنا إفتراضيين ونمارس حقوق المواطنة من خلال عدد من وسائل التواصل المجتمعية الحديثة بمختلف الأشكال والأدوات، وهذا مهم اذا ما نظرنا من الزاوية الإيجابية بأن قلب الشعب مازال ينبض.
لكن هذا النبض موجود في غرفة الإنعاش على الصعيد الشعبي الواقعي أي في العالم الحقيقي، ما جعلنا أشبه ما نكون بأننا أموات أحياء؛ أموات في العالم الحقيقي أحياء في العالم الإفتراضي، والخطير في الأمر بأننا رضينا بهذا الدور وإكتفينا به.
تلك الحالة وضعتنا جميعاً وبالأخص ممن يصنفون أنفسهم بأنهم من فئة "المثقف" في حالة عزلة مجتمعية لتغيير الواقع الفعلي كما كان في عهد ما قبل التطور الإلكتروني، ما أدى الى بروز مصطلح افتراضي جديد وهو "المؤثر"، فتسابقنا من يريد أن يكون هذا المؤثر وتجميع أكبر عدد من المتابعين، ونشر المواضيع التي تحصد "اللايكات" دون الخوض في مضمون النص وطريقة معالجة القضايا المطروحة على أرض الواقع.
أكاد أجزم بأنه كل يوم وكل اسبوع هناك العديد من القضايا التي تطفو على سطح العالم الإفتراضي وتختفي، والغريب العجيب بأن القضايا تأتي تباعاً وكل قضية تظهر تغطي على القضية التي سبقتها وهكذا تدار القضايا في هذا العالم الإفتراضي نشجب ونستنكر ونكفُر بالواقع ونلعن الظلامية دون أي فعل يذكر حتى ولو كان بإشعال شمعة!!
طنة ورنة هو أفضل وصف لطريقة تعاملنا مع انفصامنا بين الواقع والإفتراض، طنة ورنة مع أي خبر كان، طنة ورنة مع أي حدث، طنة ورنة على القرارات، طنة ورنة بمزاجيتنا ندعم أو نشوه من نريد، طنة ورنة على القاتل والمقتول، طنة ورنة على أي خطأ قد يرتكبه أي مواطن أو مسؤول مصادفة أو دون قصد، طنة ورنة دون أي فعل في عالم الحقيقة من أجل ترجمة ما كتبه"المثقف" "المؤثر".
نصبح ونمسي ما بين الطنة والرنة في العالم الإفتراضي وبين الواقع المؤلم المُعاش، فنتحول الى شعوب وقبائل افتراضية كلٌ يغني على ليلاه ونعيش حالة التيه وكأننا في دوامات دون أن يكون هناك ولو تحرك بسيط من أجل تغيير ما يمكن تغييره!!
لا شيئ يتغير، نحن كما نحن، نكتفي بهذا الدور وكفى الله المؤمنين شر القتال، وهذا ينطبق على جميع القطاعات من سياسية، اقتصادية، رياضية، ثقافية، اجتماعية.... الخ ما جعلنا مُعريين في العالم الإفتراضي دون خجل ولا إحساس بل ونتفاخر بمن يُعرينا دون أن نسأل ان كان بإستطاعته مد يد العون في معالجة الجروح الكثيرة التي بحاجة الى من يقدم يد العون في معالجتها ويستر على نزيفنا من أجل تضميدها ولا يزيد الجروح ألماً.