السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بأيّ حُلّة عيدٍ جديدٍ عُدتَ يا عام

نشر بتاريخ: 05/01/2021 ( آخر تحديث: 05/01/2021 الساعة: 16:58 )

الكاتب: السفير منجد صالح

هلّ علينا عام جديد 2021، وانقضى عنّا عام بال 2020، لكن بأيّ حُلّة وبأيّ حال وموّال؟؟

كان المُدبر عاما قاسيا على البشرية وعلينا، بشكل خاص، الكورونا وترامب والضم والتطبيع، وسهام مسمومة ضربت حياة البشر والناس والإقتصاد والإستقرار، فهل نأمل خيرا وفيرا ودواء عميما في المُقبل؟؟

في عامنا الجديد ذو العمر المديد نحن بحاجة إلى وقائع وحقائق ومُعطيات وأحداث وأخبار تُقوّينا وتدفعنا قُدما نحو أمل وفجر جديد سديد يبزغ نوره ما بين أشعة الشمس الأولى والشفق الأحمر.

الوضع الحالي يُحتّم علينا أن نُقدّر ونُقيّم وأن نتمسّك، بايدينا وأرجلنا وأسناننا، بما لدينا، حتى لو كان مُضطربا و"تغزّه" ألف شوكة.

هذا يدعونا أن "نُقلّع شوكنا بأيدينا"، ونتوكّل على الله مُغيثنا ومولانا، وعلى قدرات شعبنا المقدام من البر إلى البحر إلى المينا.

وهذا يدعونا، بطبيعة الحال ومنطق الأمور، دون "حاذور ولا دستور"، أن نبلغ ذروة القمة في التضامن والكرم والأخوّة وحبّ العائلة والوطن، وأن نُعبّئ "شوالات أبو حز أحمر" من الصمود والكرامة والفخار.

الأمور البسيطة تشغلنا وتُلهينا في أيّامنا وليالينا و"عركة" الحياة تأخذنا من بين أيدينا، لكن فسحة الأمل بادية في أفقنا ومرامينا، وخاصة حين تلتم العائلة في ليلة شتاء، حتى تحت وطأة الحجر وحالة الطوارئ والبرد القارس، حول المدفأة "تُحمّص و تشوي" على جمرات نارها حبّات الكستنا، تدور بعد تقشيرها على الصغار وعلى الكبار ساخنة مُحمرّة هنيئا مريئا.

هذه إحدى الحقائق الملموسة المحسوسة المُعاشة، للتمسّك بها لأنها ليست "لا سرابا ولا وهما هُلاما"، لكنها الأمن والأمان لبلوغ الخير العميم والسؤدد السديد، لنيل القوّة والمنعة التي نحتاجها لنتسلّق القمة، قمّة الجبل، ونتفادى الوقوع في منحدر الوادي.

يلزمنا أن نتمسّك بالجوهر والحواهر وننبذ دود الأرض والخلدات التي تحقر تحت التراب وأن نعشق الشمس الساطعة التي يتردد مدى إشعاعاتها فوق روابي سنابل القمح المُتمايلة طربا أمام نسمة الجنوب تُداعب مُحيّاها الأصفر الذهبي.

لماذا يتدافع الناس والبشر على السوبرماركتات وكأن يوم الحشر آت، يلوح في الافق بعد سُبات؟!

فهلوة السائقون "المُتفاخرون" يُعربدون "للتعليم" والغمز واللمز على زملائهم المحترمين الملتزمين وكأن القيادة أضحت بلطجة وسلبطة وفذلكة وليست ذوقا وفنّا وقوانين سير وإشارات مرور تنتظرك في كل زاوية وكل "لفّة" وحين، من رفح حتى جنين..

إلى متى يبقى "المريّش" المُتخم يحضّ الفقير المحتاج أن "شدّوا الحزام، شدّوا الحزام"، بينما هو يلبس ثوبا فضفاضا دون مربط ولا حزام؟؟!!

هل سنبقى نجترُّ ماضينا وذكرياتنا وبطولات اسلافنا ونحن نعيش في زمن العولمة والإستهلاك وتسلّط قوى الشر والغرب المتوحّش وتكالبه على الشرق الساذج البسيط المُدان بذنب لم يقترفه؟؟!!

هل ستأتينا البشائر على جناح النسائم تحمل لنا أخبارا بحتميّة حدوث التغيير والتوسّع بالخير بين بني آدم والبشر وخاصة بعد المحن، وسطوة الزواحف والفيروسات، التي عصفت بالكوكب الوحيد المأهول ضمن مجموعة كواكب الشمس السيّارة الدوّارة؟؟

لقد حاول البعض وما زال مُمعنا في المحاولة بزرع وتعميم الخوف على وجه هذه البسيطة، زرع الخوف الذي يؤدّي إلى الصمت بين الناس، بين الدول، بين الجماعات، ضمن أفراد العائلة الواحدة، بين الشخص وذاته ومعتقداته.

هل القوّة الخفيّة المسيطرة على العالم وخيراته ومُقدّراته، تُديره وتُدوّره حسب ما تبغي وتشاء، تعمل على السيطرة على بني البشر فردا فردا حتى في مخادعهم المُستترة الخفية؟؟!!

ليس من السهل أن نُجيب على هذا السؤال وخاصة وأننا مكبّلين باصفاد الشك والريبة وشح وتضارب المعلومات.

لكن يقيننا في صبحنا ومسائنا، في حلّنا وترحالنا، هو أن نحافظ على كرامتنا وعلى الذات. لقد قطعنا كيلومترات وكيلومترات من الصبر والجلد والحفاظ الدائم على الحلم والأمل نابضا متورّدا، يحمله جيل بعد جيل حتى رفع الرايات، رايات صلاح الدين وحطين، عالية خفّاقة على الروابي والحارات.

نحن أحرار فيما نُفكّر ونريد وأن نطلب المزيد مع ميلاد هذا العام الجديد. أن نطلب بأن تغمر إشعاعات شمس الحق والحقيقة والسعادة والنصر والحرية والإستقلال كافة أبناء وطننا الحبيب فلسطين، من الماء إلى الماء، ومن الهواء إلى الهواء، ومن سنابل القمح إلى دقيقها.

ومتّحدون إن شاء الله نرحّب ونصفّق للعام الجديد.

وكل عام وأنتم بخير.

* كاتب ودبلوماسي فلسطيني