الجمعة: 06/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الفلسطينية والكونفدرالية بين غزة والضفة الغربية

نشر بتاريخ: 13/02/2021 ( آخر تحديث: 13/02/2021 الساعة: 16:45 )

الكاتب: الدكتور عماد البشتاوي

هل نحن أمام تفاهمات و اتفاقية "أوسلو فلسطينية " بين حركتي فتح و حماس, اتفاقية تحاول إيجاد الحلول للقضايا اليومية و الحياتية للشعب الفلسطيني , و رهن و إرجاء القضايا الجوهرية و "قضايا الحل النهائي " الى المستقبل المنظور و غير المنظور , في انتظار تحولات و تغيرات و تغييرات قد تأتي من هنا أو هناك , لصالح هذا الطرف أو ذاك .

للوهلة الأولى , قد يثير العنوان و ربما الطرح أو التوقيت حالة من الاستهجان والاستغراب, و لكن مراقبة و تتبع الأحداث و تسارعها تدفع باتجاه هذا الخيار بشكل مباشر أو غير مباشر , بغض النظر عن المسمى.

فشلت عشرات المحاولات لإنهاء الانقسام و رأب الصدع بين ضفتي الوطن, و عشرات الأفكار طرحت للنقاش والتحليل , في محاولة لإعادة دوران عجلة الديمقراطية الفلسطينية و تداول السلطة , لكن الفشل كان مصيرها.

ما أفشل تجارب الماضي إصرار كل طرف على التمسك ب "ما يملك " و " التقاسم " مع الآخر في " ما يملك " , ففتح لم و لن تتخلى عن الضفة الغربية و تبحث عن دور ما في قطاع غزة , و في المقابل حماس لم و لن تفكر بالتخلي عن غزة فيما تفكر في استعادة دورها وضخ الدماء في شرايين تنظيمها في الضفة الغربية , تحسباً و ترقباً لأية ترتيبات مستقبلية في انتظار ما ستؤول إليه الأمور في المرحلة ما بعد "العباسية " .

الأحداث المتسارعة في الأشهر القليلة الماضية, فجرت حولنا أسئلة أكثر من محاولتها الاجابة , ان هذا الاندفاع ان لم نقل "التسرع" لانجاز "صفقة" الانتخابات و تغليبها على باقي الاستحقاقات الوطنية الكبرى تجعلنا نتساءل عما يدور في الغرف المغلقة و في الكواليس : فلسطينياً و إقليميا و دولياً , وماذا تخبئ هذه الأطراف من مشاريع و خطط لهذا الشعب الفلسطيني المترقب و المتلهف لبوادر أمل تأتي من هنا أو هناك .

الأطراف الإقليمية المندفعة و المتحمسة , لاحتضان و احتواء الحوارات و التفاهمات و تذليل الصعوبات الانتخابية, أين كانت طوال كل هذه السنين الماضية . لما كل هذا الحرص على إنجاح ملف الانتخابات تحديداً دون غيره , وإرجاء و ترحيل الملفات الجوهرية .

لقد أصبحت الانتخابات بين عشية و ضحاها ,هي البداية و النهاية و هي الوسيلة و الهدف , لجميع الأطراف الفلسطينية و الإقليمية . ما الذي ستقوم به الانتخابات غير "هندسة" المجلسين التشريعي و الوطني , و"هندسة" التمثيل السياسي , من خلال إعادة انتخاب الرئيس مرة أخرى , مع ابقاء الوضع التنظيمي و العسكري و المالي لفتح و حماس خارج سيطرة السلطة التي ستحتفظ بشكلية التمثيل السياسي الخارجي, دون مزاحمة كل تنظيم في منطقة نفوذه .

إن الاتفاق بين فتح و حماس على بعض القضايا, وإرجاء الأخرى الأكثر إلحاحاً وعمقاً و استحقاقاً , لا يمكن فهمه أو إدراجه إلا في إطار الكونفدرالية بين الضفة الغربية و غزة . تلك الكونفرالية التي تحافظ على مصالح كل طرف في منطقة نفوذه و هيمنته , و في نفس الوقت تجدد الشرعيات تلبية لرغبات و ربما ضغوطات الخارج , كاستحقاقات ومتطلبات إجبارية تمهيداً للدخول للمرحلة "البايدنية" , و هذا ما نلحظه و بشكل واضح , حيث أن القوى والدول الإقليمية, سارعت لإبداء سياسات حسن النوايا , تجاه الرئيس الأمريكي بايدن و إدارته الجديدة , و لاسيما في مجالي الديمقراطية و حقوق الإنسان .

يبدو ان فكرة الكونفدرالية أصبحت أمراً واقعاً , إنها خيار من لا خيار له فلا وحدة وطنية تتحقق , ولا قدرة طرف على إنهاء الآخر ممكنة , و لا تعهد أو ثقة حقيقية باحترام نتائج الانتخابات و تسليم السلطة و الحكم للفائز .

لقد أصبحت الانتخابات هدفاً للجميع : الشعب و الفصائل و القوى الخارجية , على الرغم من المخاوف و الشكوك التي تراودنا تجاه النوايا و النتائج لكل طرف من هذه الأطراف .ان الخوف الحقيقي,هو أن تكون تلك الانتخابات بمثابة إعادة إنتاج ,و إدارة الانقسام ,وتحقيق للكونفدرالية .

* أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل- فلسطين