السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاردن وفلسطين توأم من رحم نهر مقدس

نشر بتاريخ: 06/04/2021 ( آخر تحديث: 06/04/2021 الساعة: 20:01 )

السفير حكمت عجوري

ألاردن وفلسطين جغرافيا واحدة يقسمها نهر مقدس تعمد فيه رسول السلام والمحبة الفلسطيني عيسى عليه السلام وهو ما يضيف الى هذه الجغرافيا قداسة على ضفتي النهر الشرقية والغربية ومن حيث انها ارض المعراج ايضا فقد منح الله اهلها الطريق الاقصر في رباطهم للتواصل معه وعليه فالضفتين مكملتين لبعضهما البعض وهما كالطائر لا يمكن له التحليق بجناح واحد وكالانسان لا يكتمل الا برئتين اثنتين.

من هذا الادراك لطبيعة العلاقة الاردنية الفلسطينيه وجدت نفسي مُستَفَزا بعد ان استمعت لتسجيلات صوتية احدهما باللغه العربية موجه للشارع الاردني والثاني بالانجليزيه موجه لهيئة الاذاعه البريطانيه ومنها الى العالم ، من قبل الامير الاردني حمزه ولي العهد السابق الاخ غير الشقيق للملك الاردني عبدالله الثاني والذي لم افهم منه شيئا غير انها محاولة شفاهية من قبل الامير للانقلاب على نظام العائلة او مؤسسة العرش في الاردن وذلك لما في التسجيل من تحريض غير مبرر على نظام الملك عبدالله مستخدما الاسلحة الموجعة والمؤثرة في كل النفوس البشرية وهما الفقر والفساد محملا اخوه ولو بشكل غير مباشر وهو عميد العائلة الهاشمية التي حكمت الاردن بكل اقتدار ومنذ سنة 1951، المسؤولية فيما وصل اليه الاردن من حالة اقتصادية متردية وفساد متفشي مضيفا ان الاردن كان قبلها في طليعة دول المنطقة كما يزعم الامير ، رابطا هذا التدهور بحقبة زمنيه من حكم الملك عبدالله الثاني وهي التي يبدو انها تلت خروجه من ولاية العهد وكأن وجوده في ولاية العهد كان سبب ازدهار الاردن كما يزعم وهو ما يجعلني اعتقد ان الموضوع هو صراع على العرش او على القوة وهو ما يفسر وبدون شك ان كل ما تفوه به الامير دفاعا عن المواطن الاردني المسكين هو حق قصد به باطل. ولا شك ان الامير اثبت دون ان يدري ان ابعاده عن ولاية العهد كان قرارا صائبا بدليل التسجيل الثالث الذي جرى بينه وبين رئيس الاركان ونشره وهذا عمل مشين ولا يليق بابناء الملوك.

حب الملك عبدالله الثاني لمواطني بلده لا تشوبه شائبه وهو الذي يخرج متخفيا في الليل ليتعرف على ما خفى عليه من احتياجات الناس وهو من اكثر الزعماء العرب احساسا بمشاكل مواطنيه بدليل كثرة تبديل الحكومات التي يعد عليها انفاسها ومنذ لحظة تكليفها من اجل اصلاح الوضع الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة للاردن وشعبه ولكن ذلك لم يحصل ليس لعدم وجود فساد او استغلال من قبل بعض الوزراء ولكن بسبب قصر اليد ازاء العين البصيرة حيث ان الحفر في الصخر وحده لا يخرج طحين فالاردن دولة فقيرة في مواردها الطبيعية حتى ان حق الاردن في مياه نهره المقدس كان قد تم تمت سرقته من قبل دولة الاحتلال الصهيوني.

الاردن كما توأمه فلسطين دولة غنية بعقول مواطنيها وليس اي شيء اخر والمشكلة التي فشلت فيها كل الحكومات الاردنية هي في عدم وضع خارطة طريق لتطوير الانسان الاردني كما فعلت الدول الغنية الاخرى التي تتشابه مع الاردن في شح الموارد الطبيعيه وذلك بان آثرت هذه الحكومات على ان تعيش بما يتوفر لها من سمك بمعنى المساعدات الخارجية دون اي محاولة من اي من هذه الحكومات في ان تتعلم الصيد كما يقول المثل الصيني.

الاردن وبحكم وضعه الجيوسياسي على حدود هي الاطول مع دولة الاحتلال الصهيوني، صنيعة وربيبة الاستعمار الغربي جعل من الاردن بلدا مستهدفا ومنذ لحظة قيام اسرائيل على امل ان تكون الوطن البديل للسكان الاصليين لغرب النهر (فلسطين التاريخية) بعد ان قامت اسرائيل على مساحة 78% منها وطردت سكانها الذين يعيش معظمهم الان في الاردن .

وبسبب ذلك اصبح الاردن ساحة خصبة لتجارب عدم الاستقرار من خلال الاشاعات بشتى انواعها واشكالها بهدف اشعال الفتن بين سكان الاردن من اصولهم الفلسطينيه واالاردنية وهذه ما زالت كالنار تحت الرماد يشعلها اعداء التوامين بين الفترة والاخرى في اي لحظة يراد منها او بها الضغط على النظام في الاردن وما بين هاتين الفترتين يشعل من ذكرناهم فتيل الفساد ليليه فتيل الجوع والفقر والان يشتعل فتيل الصراع على القوة وتحديدا زعامة مؤسسة العرش بهدف زعزعة الامن والاستقرار في هذا البلد الذي ما زال وبارغم من كل هذه المحاولات والتامر ما زال يعتبر صمام امان استقرار المنطقة باكملها بعد ان اثبتت المحن انه وبسبب حرفية مؤسسته الامنية ايضا ما زال عصيا على محاولات النيل منه

السؤال لماذا الان جاء توقيت تفجير هذه القنبلة التي وبسبب الحكمة والحنكة والواقعية السياسيه وربما الدهاء السياسي التي ورثها الملك الاردني عبدالله عن المرحوم الراحل والده الملك حسين ، كل ذلك جعل من هذه القنبلة ليس اكثر من فرقعه صوتية وذلك على عكس اخيه الامير حمزه الذي يبدو انه لم يرث عن والده سوى الصوت والصوره فقط بدليل وقوعه في شرك تمت حياكته من قبل اكثر حكام اسرائيل اتقانا لفن الخداع والتامر وهو النتن ياهو الذي اراد وبشكل شخصي تهديد نظام الملك عبدالله الذي وقف سدا منيعا امام صفقة القرن كما انه رد انتقامي على اهانة الملك له بحرمانه من الوصول الى الامارات عن طريق الاردن لغرض انتخابي بحت . وهذا يفسر اكثر شخصنة القرار الذي اجزم ان النتن ياهو اتخذه من وراء حكومته باستخدام قدرات الموساد الذي يتبع مباشرة لرئيس الوزراء بعد ان فشلت محاولته قبل ذلك باغلاق اجواء بلاده في وجه الاردن وذلك بقرار شخصي ايضا منه والذي تم احباطه بعد ساعتين بضغط من الاجهزه الامنية في اسرائيل.

ما حصل في الاردن من محاولة فاشلة لزعزعة استقراره باستخدام احد افراد العائلة الهاشمية لم تكن وليدة اللحظة وانما هي جزء من مسلسل تامري صهيوني لن يتوقف ولكنه سيبقى يؤرشف لحين الحاجة ويتم تحديثه ما بين الفترة والاخرى وذلك بتوظيف كل جديد يطرأ على المنطقة والجديد في هذه المرة كان التطبيع الخليجي/العربي الصهيوني الذي لا محاله انه قد تم توظيف بعض ادواته على مل يبدو كاغراء للامير حمزه وذلك من قبل النتن ياهو الذي عين نفسه حارسا على املاك وممالك الخليج ازاء التهديدات الايرانية المزعومه.

هذا المسلسل التامري على الاردن يتم استخدامه او اجزاء منه ازاء اي موقف اردني رسمي لا يروق لحكام الكيان الصهيوني الذين نصبوا انفسهم اوصياء ليس على الاردن فقط وانما على المنطقة برمتها الا ان الاردن وبحكم جيوسياسيته كما اسلفنا يبقى الاكثر اهتماما لدى هؤلاء على اعتبار انه ما زال على لائحة الانتظار كوطن بديل وهذا ما سمعناه في الماضي عن لسان شارون الذي ابدى ندما لعدم قلب النظام الملكي في الاردن ابان احداث ايلول المشؤومه وتسليمه في حينه للفسطينيين ليحكموه وطنا بديلا عن فلسطينهم والذي اعتقد جازما انه كان سيفشل فشلا ذريعا في حينه كما وسيفشل مستقبلا ليس من كونه مرفوض من قبل زعامات البلدين الشقيقين وانما الشعبين ايضا لان التوامة المقدسة للبلدين تحول دون ان يكون احدهما بديلا للاخر ولعلهم في دولة الكيان يعوا ذلك ويكفوا عن عزف هذا اللحن النشاز.