الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

معًا نرتقي في مخاطبة الأب

نشر بتاريخ: 05/09/2021 ( آخر تحديث: 05/09/2021 الساعة: 09:33 )

الكاتب:

د. سهيل الاحمد

في علاقة مكللة بالإحسان، وتواصل يعتريه الشوق والعطف والحنان، كان شوقي وانتظاري لأبي، وحبي وافتقاري لمؤنسي، أبي أخاطبك بأني أعدُّ أيام بعدي عنك فأشعر بسببه بالمجد، وألاقي في ضوء هذا العد جمال الانتظار وقسوة البعد، أبي يا قِبلةَ حُبّي وراحتي إن رؤياك عندي استدامة السعد، وقد أحسن ربي مذ خلقني إذ جعل من يلازمني بالرعاية والعناية من صغري من ليس للعطف معه حد. أبي وهذا أنت يا تاج الرأس وغرة كل محب .. فبين الأب وبين البنت والابن تآلف العلاقة المرضية، وبين الأب وبين الابن والبنت توافر التواصل واستمرار الاحترام والتحببية، أبي يا عظيم الشأن وواسع الفضل، أنت قوة الإعجاب.. أقاربك أنا وأجالسك أحاورك وأشاورك لأنال عندك الاستطباب، لا أجامل في واجب فهذا بعض حقك، وإنما كان الحب للأب أوجب الإيجاب.. شأنك عندي يا سيدي عظيم، ومن أخطأ فجافاك كان سقيمًا، ومن لم يفهم قدرك ولم يقدر حقك فاستخرج من أكنان صدره الجهل والعنف معك كان بفعله هذا لئيم، وأما من وضعك على جرحه فاستعفى، ومن بحث عما يرضيك فاستحفى، فهو لدى كل حكيم منصف كريم، هو قد فهم الرحمة عندك فاستقاها لنفسه وأرادها لغيره ليكون رحيمًا، ويهنأ بأرجاء قلبه المبثوث فيه هذا المعنى المعدود أفراده القلائل بذوي القلب السليم والفكر القويم.. لك يا أبي ما تريد عندي، فطاعتي لك واجبة في ضوء المشروع، وترددي في الإقبال عليك، وترك تقبلك هو الأمر الممنوع ... أكحَّلُ الصباح الحلو لأجلك لأرضيك حتى تشعر بجماله، وتهنأ باستقلاله، وتعايش انفعاله، أقول هذا تجوزاً لأن قناعتي أن كحل الصبح وتجمله هو بيدك، ولا يكحله عندي سواك، يا عال القدر وجالب الخير، ومن تعطي لأقمار الطريق ضياءها، وأنت أجمل هذه الأقمار، إن عطاءك لا ينضب لأنه عطاء دائم ومتزن، يشغله ويجعل همه أن ينير لغيره شموس الصبح بنور جماله الوضاء، إنارته هذه ليهنأ بها غيرك ويسعد، ويحيا بها ويحفد، هناءة العطاء، وحفاوة وفسحة المضاء، وأن يستشعر الضعيف بالاستقواء، فمن كان مثلك رُجي له الإكرام لفضله وحنانه ورعايته وامتنانه، رجاء يطلب للأب لأنه كم وكم سهر ليلاً لراحة غيره، ولكم أملاً بنى على ابنه بفكره ودعائه وتصرفه وتضحيته وإقدامه، ويأتي دعاء الله تعالى له بقول الولد البار به: اللهم يا من زرعت الرحمة في قلب أبي والحب في نفسه، فثرت عطاءه وجملت ذكره ورفعت قدره.. اغفر له وارحمه وارض عنه، وباعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب..