السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بناء عالم جميل في العصر ما بعد الجائحة

نشر بتاريخ: 19/01/2022 ( آخر تحديث: 19/01/2022 الساعة: 11:36 )

الكاتب: السفير قوه وي

في الوقت الراهن، دخل العالم إلى مرحلة جديدة من الاضطرابات والتحولات غير المسبوقة في ظل تشابك تغيرات العصر وجائحة القرن. كيف نهزم الجائحة؟ وكيف نبني العالم في الفترة ما بعد الجائحة؟ في 17 كانون الثاني 2022، حضر الرئيس الصيني شي جينبينغ الجلسة الافتراضية للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2022 وألقى خطاباً فيها، حيث طرح الحلول الصينية من منظور تاريخي وفلسفي.

أولا، التعاون وحشد القوة لهزيمة الجائحة. إن دول العالم لم تكن على متن أكثر من 190 قارب صغير، بل تكون على متن سفينة كبيرة تشترك في مصير واحد. القارب الصغير لا يتحمل الرياح والأمواج بينما السفينة العملاقة تستطيع الصمود أمام الأمواج الهائجة. إن الطريق الصحيح الوحيد لهزيمة الجائحة هو تعزيز الثقة والتحلي بروح الفريق الواحد. ويجب على دول العالم تعزيز التعاون العالمي في مكافحة الجائحة والعمل على التعاون في مجال بحث وتطوير الأدوية وبذل جهود مشتركة لبناء خط الدفاع متعدد المستويات لمكافحة الجائحة وتسريع وتيرة بناء مجتمع مشترك تتوفر فيه الصحة للبشرية. إن الصين صادقة لأقوالها وحازمة في أفعالها. قد قدمت الصين أكثر من ملياري جرعة من اللقاح إلى أكثر من 120 دولة ومنظمة دولية. في الشهر الماضي، تم تسليم واستلام التبرع الصيني بـ80 ألف جرعة من اللقاح للأونروا من أجل المساهمة في حملة تطعيم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن. وسيتم تسليم واستلام التبرع الصيني بـ40 ألف جرعة من اللقاح للأونروا في سوريا قريباً.

ثانيا، الحد من مختلف المخاطر لتدعيم التعافي المطرد للاقتصاد العالمي. المطلوب من كافة دول العالم الالتزام بالتعددية الحقيقية ، والتمسك بكسر الجدار بدلا من بنائه، والتمسك بالانفتاح والاندماج بدلا من الانعزال وفك الارتباط، والدفع ببناء اقتصاد عالمي منفتح. ويجب على الاقتصادات الرئيسية تشكيل الوعي بمجتمع مستقبل مشترك وتعزيز المفهوم للمنظومات وزيادة شفافية السياسات والمعلومات وتعزيز تقاسمها، وتنسيق الأهداف والقوة والوتيرة للسياسات المالية والنقدية، تفاديا لسقوط الاقتصاد العالمي إلى الحضيض مرة أخرى. وعلى الدول المتقدمة الرئيسية تبني سياسات اقتصادية مسؤولة وضبط تداعيات السياسات على الخارج، تفاديا لصدمات خطيرة على الدول النامية. وعلى المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية لعب دور بناء في بلورة توافقات دولية وتعزيز التنسيق للسياسات لمنع مخاطر بنيوية.

ثالثا، تجسير الهوة التنموية لإعادة النهوض بقضية التنمية العالمية. شهد مؤشر التنمية البشرية انخفاضا لأول مرة منذ 30 عاما، وازداد عدد الفقراء في العالم بأكثر من 100 مليون نسمة، ويعيش قرابة 800 مليون نسمة في ظلال الجوع، وتتكثر الصعوبات في المجالات المعيشية مثل الأمن الغذائي والتعليم والتوظيف والطب والصحة. مهما كانت الصعوبات، ينبغي على دول العالم التمسك بمفهوم التنمية الذي يضع الشعب فوق كل الاعتبارات، ووضع هدف تعزيز التنمية وضمان معيشة الشعب في مكانة بارزة للسياسات الكلية العالمية. وتعد مبادرة التنمية العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ منفعة عامة مفتوحة للعالم برمته. تحرص الصين على التعاون مع كافة الأطراف للدفع بتنفيذ هذه المبادرة، وتحاول جاهدة ألا تترك أي بلد يتخلف عن الباقين.

رابعا، نبذ عقلية الحرب الباردة وتحقيق التعايش السلمي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. إن السياسات الحمائية والأحادية لا تحمي من ينتهجها، بل وستلحق أضرارا به وبالآخرين في نهاية المطاف. أما الذين يمارسون الهيمنة والتنمر، فهم يعاكسون تيار التاريخ. من الطبيعي أن تكون هناك تناقضات وخلافات بين الدول، غير أن اللعبة الصفرية التي يكون فيها الغالب والمغلوب لا تنفع في إيجاد حل. إن التنمية السلمية والتعاون والكسب المشترك تمثل طريقا مستقيما في العالم. وينبغي أن تتطور الدول والحضارات بشكل مشترك على أساس الاحترام المتبادل، وتحقق التعاون والكسب المشترك من خلال السعي إلى قواسم مشتركة مع ترك خلافات جانبا. وينبغي العمل على صيانة الاستقرار للنظام الدولي وتكريس القيم المشتركة للبشرية والدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. ومن المطلوب رفض الأحادية والحمائية والهيمنة وسياسة القوة بأي شكل من الأشكال.

خامسا، الصين تشارك العالم فرص التنمية. يشهد النمو الاقتصادي الصيني زخما طيبا بشكل عام، إذ أن الناتج المحلي الإجمالي للصين ازداد بمعدل حوالي %8 في العام الماضي، ولم تتغير أساسيات الاقتصاد الصيني التي تتسم بالصمود القوي والإمكانيات الكبيرة والآفاق الجيدة. وستبني الصين منظومة سوق موحدة ومفتوحة، تسودها المنافسة المنتظمة، بغية ضمان مساواة جميع الشركات في مكانتها أمام القانون وفرصها أمام السوق. وترحب الصين برؤوس الأموال بكافة أنواعها لمزاولة أعمالها في الصين وفقا للقوانين واللوائح ولعب دور إيجابي في التنمية الصينية. وستلتزم الصين بتعهداتها بشأن بلوغ ذروة الكربون وحياد الكربون. كما ستقوم الصين بنشاط بالتعاون الدولي في مواجهة تغير المناخ، وتعمل سويا على دفع التحول الأخضر الشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ الاتجاه الصحيح للعمل على توحيد المجتمع الدولي لهزيمة الجائحة، والطريق الجذري لتدعيم التعافي المطرد للاقتصاد العالمي، والمسار الواقعي لردم الفجوة التنموية، والطريق الصحيح للتعامل بين الدول. إن الصين بإرشاداتها ستعمل مع كافة الأطراف على تعزيز الثقة والمضي قدما بجرأة وبناء عالم جميل في العصر ما بعد الجائحة.