الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

اسرائيل: كيان شاذ على المسرح الدولي مقارنة بباقي الكيانات السياسية

نشر بتاريخ: 12/01/2023 ( آخر تحديث: 12/01/2023 الساعة: 15:55 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

لا ادري الى متى سيبقى العالم يغض الطرف عن كل هذا الاستخفاف الصهيوني والضرب بعرض الحائط الذي ينتهجه حكام اسرائيل ضد كل ما يتعارض مع مزاعمهم او لا يتفق مع روايتهم الكاذبة او حتى يجرؤ على الاعتراض على ممارساتهم غير الانسانية وكانهم اسياد هذا الكون حتى بعد ان بلغ انحطاطهم اللفظي بحق منظمة الامم المتحدة ذروته على الرغم من ان اسرائيل ولدت من رحم هذه المنظمة.

ممثل الكيان الصهيوني لدى منظمة الامم المتحدة وبكل وقاحة يقول بانها منظمة مشوهة اخلاقيا وذلك لمجرد ان هذه المنظمة اعتمدت قرار الطلب الفلسطيني لرأي استشاري من محكمة العدل الدولية لاجل ان تقول كلمتها في حقيقبة احتلال الكيان الصهيوني للارض الفلسطينية والاسوأ من وقاحة السفير الاسرائيلي كانت وقاحة النتن ياهو، رئيس وزراء الكيان الذي بلغت حد ان يقول بان قرار الجمعية العمومية المذكور هو قرار حقير متناسيا انه رئيس لوزراء كيان تاسس بناء على قرار من هذه المنظمة الاممية ويحمل رقم 181 لسنة 1947 والذي تم تمريره بالرشاوى والابتزاز لبعض الدول وعلى حساب الشعب الفلسطيني الذي وبسبب قيام هذا الكيان اصبح نصف هذا الشعب يرزح تحت احتلال هذا الكيان ونصفه الثاني مشتت بين كل اصقاع الارض.

هذا المقال ليس بصدد الدفاع عن المنظمة الاممية لانها ليست بحاجة الى من يدافع عنها ولكني اريد التنويه الى ان المنظمة في حقيقة الامر ليست بحاجة الى راي استشاري من محكمة العدل الدولية فهي اي المنظمة لديها الاجابة مسبقا وتعرف حقيقة هذا الاحتلال الصهيوني الاحلالي العنصري وذلك على اعتبار ان منظمة الامم المتحدة هي الحاضنة للشرعية الدولية وللقانون الدولي والمؤتمنة على تطبيقه بحذافيره وان من يحكم هذه المنظمة هو ميثاقها الذي تمت صياغته على اساس عدم جواز الاستيلاء على ارض الغير بالقوة اضافة الى ان قبول المنظمة لاسرائيل عضوا كباقي الدول في سنة 1949 كان مشروطا بموافقة اسرائيل على تطبيق الجزء الثاني من قرار ولادتها وذلك باقامة دولة فلسطينية على مساحة بنسبة 46% من ارض فلسطين التاريخية وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم ولكن وعلى العكس من كل ذلك عملت اسرائيل ومنذ قيامها وما زالت على عدم الايفاء بهذه الشروط والعمل دون كلل على عدم تطبيق هذه الشروط وذلك بخلق اسرائيل لكل المعيقات الممكنة من اجل ذلك باحتلالها العسكري لكل الاراضي التي خصصتها المنظمة الاممية للدولة الفلسطينية المذكورة اضافة الى ممارستها لسياسة التطهير العرقي بحق الفلسطينيين تحت الاحتلال وذلك من اجل منع اقامة هذه الدولة الفلسطينية.

اسرائيل تحتل بالقوة العسكرية كل اراضي الدولة الفلسطينية ومع سبق الاصرار وبتحدى صارخ للشرعية الدولية و القانون الدولي بدليل انها تضرب بعرض الحائط مئات القرارات ذات الصلة والصادرة عن المنظمةالاممية بجمعيتها العمومية ومجلس امنها وباقي الوكالات التابعة لها ومع ذلك ما زالت اسرائيل تتمتع بعضوية المنظمة الاممية ما يعني ان ما هو بحاجة الى راي استشاري من محكمة العدل الدولية هو تفسير لهذه العلاقة بين المنظمة الاممية واسرائيل والذي لا يبدوان له اي تفسير غير ان المنظمة الاممية هي الأمَة (العبدة) التي ولدت سيدتها (اسرائيل).

ما ذكرته هو مجرد محاولة لتفسير حالة لا يمكن وصفها بغير انها شاذة تجسدها اسرائيل ككيان سياسي على المسرح الدولي وذلك مقارنة مع باقي الكيانات السياسية (الدول) الاعضاء في المنظمة الاممية وهي حالة صنعتها الحركة الصهيونية وفرضتها على العالم كواقع تم بناءه على اساس رواية غير صحيحة وفي نفس الوقت ورقة توت تلحف بها كل ما ترتكبه اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من خطايا وجرائم وهي مستمرة والى يومنا هذا ولا داعي لذكر اي منها كونها موثقة واصبح تكرارها يبعث على الاحباط الفكري في محاولات البحث عن حل غيرعنفي لهذه الحالة التي وصفتها بالشذوذ والسبب ان لا خلاف حقيقي لاسرائيل مع اي كان سوى مع الشعب الفلسطيني ومع ذلك فهي لا تتوانى لحظة عن احباط اي محاولة او مبادرة لحل هذا الخلاف.

اسرائيل وبسبب شذوذها اتخذت قرارا بمعاقبة الفلسطينيين تحت الاحتلال لمجرد انهم وبعد فشل كل المحاولات لايجاد حل للصراع لجأوا الى محكمة العدل الدولية بحثا عن انصاف من الظلم الصهيوني وبدلا من ان تبارك اسرائيل ذلك كونها خطوة فلسطينية حضارية وقانونية وغير عنفية ، قررت معاقبة السلطة بحجب اموالها مع انها اي السلطة هي المسؤولة عن حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال ليس ذلك فحسب وانما ايضا اتخذت اسرائيل قرارا بمعاقبة الاسرى الفلسطينيين المحاربون من اجل حريتهم وحرية وكرامة شعبهم وهم تيجان شرف على رؤوس كل الفلسطيينين ولم يقف الامر عند هذا الحد وانما وصل الى معاقبة حتى العلم الفلسطيني .

اسرائيل بقرارها قرصنة المال العام الفلسطيني (الضرائب التي تجبيها اسرائيل على البضائع المستوردة لصالح الخزينة الفلسطينية مقابل اتعاب تتقاضاها اسرائيل بنسبة 3% بناء على اتفاق باريس) ، فانها اي اسرائيل تضيف سلاح التجويع الى باقي اسلحتها في معاقبة الفلسطينيين اصحاب الارض واصحاب الحق وفي نفس الوقت فهي اي اسرائيل تطالب الفلسطينيين بقبول هكذا وضع وبدون اعتراض وبدون اي مقابل وبكل وقاحة الشذوذ فهي تتوقع من الفلسطينيين ان يقبلوا.

الشذوذ الصهيوني لم يتوقف عند الحد الفلسطيني وانما تجاوزه كما صار معروف الى العديد من المؤسسات والدول ومنها وعلى سبيل المثال لا الحصر ما حصل مؤخرا مع جامعة هارفارد الامريكية حيث رفضت تعيين كينيث روث في مركز تابع لها لدراسات حقوق الانسان مع انه الاقدر والافضل لهكذا منصب بعد تقاعده كمدير لمنظمة هيومن راتس ووتش والسبب هو التقرير الصادر في عهده الذي اثبت بان اسرائيل تمارس سياسة الفصل العنصري وجرائم ضد الانسانية بحق الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة (معا 8/1/23) .

ما ذكرناه ليس سرا ولكن الغريب انه وبالرغم من كل ما يعنيه من استخفاف بالعقل البشري الا انه يحدث وكأنه شيء طبيعي والذي من غير الممكن له ان يكون كذلك لولا حصانة الفيتو الامريكي لاسرائيل والتي بسببها تفلت اسرائيل كل مرة من العقاب والمحاسبة حتى بعد ان ثبت ممارستها اي اسرائيل للمحرمات الدولية وعلى راسها سياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي بحق اصحاب االارض التي تقوم عليها وهو ما يفسرسبب ما بدأنا به المقال من غض الطرف ويفسر ايضا سبب بقاء اسرائيل عضوا في المنظمة الاممية و منذ حوالي 74 سنة والى يومنا هذا وذلك بالرغم من عدم وجود اي سند قانوني او اي مبرر اخلاقي لهذه العضوية.