الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
جيش الاحتلال يعتقل جهاد نواجعة رئيس مجلس قروي سوسيا بالخليل

في ظل حكومة الفاشية، هل إسرائيل هي دولة اليهود «الديمقراطية» أم هي دولة اليهود «الدينية»؟!!

نشر بتاريخ: 16/01/2023 ( آخر تحديث: 16/01/2023 الساعة: 12:18 )

الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة

مساء أول أمس السبت، شهدت تل ابيب تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين احتجاجاً على خطط حكومة الائتلاف اليمينية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو لعمل تعديلات قضائية يخطط لها وزير العدل الجديد ياريف ليفين. ويسعى ليفين إلى تمكين الأغلبية البرلمانية من نقض قرارات المحكمة العليا، كما يخطط لتغيير تركيبة الهيئة التي تعين القضاة، وستكون للأغلبية البسيطة في الكنيست (البرلمان) سلطة إلغاء أحكام المحكمة العليا فعليا. وقد يمكّن هذا الحكومة الحالية من تمرير تشريع دون الخشية من إسقاطه، الأمر الذي يعد من أبرز المخاوف لدى المحتجين. ويخشى المعارضون لتلك الإصلاحات وأبرزهم رئيس المحكمة العليا في إسرائيل، والمدعي العام الإسرائيلي، من أن تستخدم الحكومة الجديدة تلك التغييرات لإلغاء المحاكمة الجنائية الجارية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتم محاكمته امام القضاء في أربع تهم فساد.

ورغم الظروف الجوية الماطرة، وصل عدد المتظاهرين قرابة الــ ١٠٠ الف، والكلمات والرسائل التي قيلت امام الجماهير كانت قوية، وخاصة كلمات بيني غانتس وتسيفي ليفني ويهود باراك،

وجميعهم أكدوا على ضرورة حماية الديمقراطية والقانون في إسرائيل وايقاف الانقلاب على القضاء الذي يقوده وزير القضاء الاسرائيلي ليفين، ومن خلفه نتنياهو وشركائه. وجميهم هتفوا "لا للتمييز برعاية الحكومة"، "بن غفير وسموتريتش هما كارثة"، "إسرائيل تريد المساواة" و"المواطنون متساوون، يهود وعرب".

إن ما يجرى الان في إسرائيل هو صراع على هوية الدولة، بين أكثرية علمانية وأقلية دينية، برسم السؤال هل هي دولة اليهود "الديموقراطية" الذي يعتبر الدين أحد المركبات في هويتها، ام هي دولة اليهود "الدينية" التي تعتبر أن "الدولة" قامت من اجل خدمة الدين؟!!

ولا شك أن منظومة القضاء تعتبر اخر معاقل الليبراليين في اسرائيل الذين يعتقدون انه يمكن المزاوجة بين اليهودية والديموقراطية والحديث بالتأكيد لا ينطوي على الفلسطيني بل الحديث الديموقراطي يتركز في المربع اليهودي اليهودي، فاذا سيطر الفاشيين على القضاء وأضعفوا قدرته ان يكون "كابح" لتغول ديموقراطية الاغلبية اليمينية الفاشية والدينية، عندها اعتقد ان اسرائيل لن تستطيع ان تسوق فكرة المزاوجة بين الدولة اليهودية وبين الديموقراطية كما طرح ذلك بن غوريون في وثيقة الاستقلال.

إسرائيل تمر بتغيير هويتها وإعادة تعريف نفسها من الدولة العلمانية إلى الدولة الدينية والحديث ليس عن بن غفير فقط وإنما عن 16 عضو متطرف في الحكومة وهذا يعني أن نصف الحكومة من المتطرفين، والصراع يحتد بين الليبراليين والمتطرفين الفاشيين وقد بدأ بالقضاء ثم التعليم ثم تعريف الهوية. وهذا آفيماعوز الحاخام الديني المتطرف الذي يدعو إلى تطبيق الشريعة اليهودية، ويستلهم تعاليمه من الحاخام تسفي إسرائيل تاو، أخذ صلاحية النشاطات التعليمية غير المنهجية، وهذا جزء مهم في تنشئة الشباب اليهودي وزرع هويتهم وبالتالي سيزرع الهوية الدينية بالشكل الذي تطرحها الحركة الصهيونية الدينية.

واضح ان هناك صراع على هوية اسرائيل، واليهود العلمانيين يؤكدوا على مخاوفهم من تغيير الهوية وخاصة وثيقة الاستقلال الذي اعلنت عام ١٩٤٨م، والتي قالت عنها ليفني اذا كانت الدولة هي الجسد فإن وثيقة الاستقلال هي الروح، ولا يمكن فصل الروح عن الجسد.

إن احتدام الصراع فيما بين العلمانيين والفاشيين المتطرفين، سيؤدي بالتأكيد إلى إشكالية في العلاقة بين الدين والدولة وإلى انقسام ديني علماني داخل المجتمع الاسرائيلي وإلى زيادة في حدة الاستقطاب بين الكيانات والمكونات الإسرائيلية المتنافسة، واختلال التوازن بين السلطات، لصالح السلطة التنفيذية، مما سيفتح شهيتها لتواصل هجماتها لتصل للمؤسسة العسكرية والأمنية والتي هي العمود الفقري لحفظ مكونات الدولة الأمر الذي سيسرع في مسارات تعميق هيمنة اليمين الفاشي، الديني والقومي، على الدولة والمؤسسة والمجتمع في إسرائيل، ويسارع في تغير شكلها من ديمقراطي علماني إلى يميني ديني. والسؤال المهم الان هو هل العالم سيظل يتعامل مع إسرائيل مع هويتها الدينية الجديدة؟

إن ما يحدث الآن في إسرائيل هو رسالة مهمة للعالم، هل هو مع إسرائيل الديمقراطية "واحة الديمقراطية" كما تدعي، أم هو مع إسرائيل الدينية المتطرفة كما نرى؟!!!

اما على صعيد تأثير الازمة الداخلية علينا كفلسطينيين، مادام نحن في مرحلة ردود الفعل والعمل الارتجالي لن نستفيد نهائياً من تلك الظروف المعقدة اليهودية اليهودية، بل بالعكس يمكن ان نكون مخرج لتنفيس ازماتها نحو تصديرها تجاهنا سواء في غزة او الضفة الغربية.