السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صراع السلطة الوطنية الفلسطينية وصراع المقاومة

نشر بتاريخ: 18/01/2023 ( آخر تحديث: 18/01/2023 الساعة: 12:48 )

الكاتب: زينب حمارشة

تلتزم السلطة الوطنية الفلسطينية بدولة منزوعة السلاح منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993م وقد غابت عن الضفة الغربية جميع أشكال المقاومة والمظاهر المسلحة منذ أن أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسومًا في السادس والعشرين من حزيران عام 2007م بحظر كافة التشكيلات العسكرية في الضفة الغربية.

في العام الماضي، بدأالمشهد مختلفًا حيث أن المشهد السياسي في الضفة الغربية تغير تمامًا عقب ظهور مجموعات مسلحة تشكلت من عدة فصائل فلسطينية أبرزها الجهاد الإسلامي وحماس وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني حيث برزت هذه المجموعات تحت اسم كتيبة جنين ومجموعات عرين الأسود في مدينة نابلس حيث تمركزت هذه المجموعات في شمال الضفة الغربية.

يقول الباحث السياسي محمود جرابعة، أنه يستبعد أن تتحول عمليات المقاومة الحالية الى انتفاضة منظمة ومسلحة وذلك بسبب تفكك غالبية البنية العسكرية لحركات المقاومة على مدار السنوات الماضية من جهة وبسبب البنية الأمنية التي تتبعها الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضد كافة أشكال عسكرة الانتفاضة من جهة أخرى، بينما يرى الباحث في العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية عبدالله العقرباوي في تصريحات خاصة للجزيرة نت إلى أن أجيالًا جديدة من الشباب الفلسطيني دخلت في سلسلة من العمليات المقاومة ما يشير أن مستقبل المقاومة في الضفة الغربية يسير في مسار تصاعدي وليس على أبواب الضبط خاصة أن جزءًا كبيرًا من الأجيال الشابة غير مؤدلجة بأيديولجيات تقليدية وإنما تقوم بفعل مقاوم من منطلقات وطنية وكرد فعل على جرائم الاحتلال.

أما السلطة الوطنية الفلسطينية فلم يصدر منها موقف رسمي واضح من المجموعات المقاومة، فيما ظهر رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتيه في جنين إلى جانب والد الشهيد رعد الخازم والذي يعتبر مطلوبًا لدولة الاحتلال موجهًا رسائل دعم لأهالي الشهداء والأسرى قائلا "جنين اليوم صوتها عال من أجل أن يرتفع صوت الآخرين، وأن يكون صوتنا أعلى من صوت الاحتلال، فحقنا هو الحق الحقيقي".

أما المحللين السياسيين فقد اعتبر معظمهم أن هذه الزيارة ليست عابرة ولا يمكن أن تمر مرور الكرام، فمن جانبهِ يقول المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، أن هذه الزيارة تحمل رسالة مهمة وهي خطوة بالاتجاه الصحيح، ورأى منصور أن السلطة بدلًا من أن تدخل في حالة صدام مع المقاومين اختارت احتضان المسلحين وذويهم، مضيفًا أن هذه الزيارة تشكل نقطة تحول في العلاقة بين الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية.

في ذات الوقت وعلى الصعيد العملي، قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بإقناع بعض الأفراد بترك العمل المسلح والانضمام للأجهزة الأمنية الفلسطينية فاستجاب لذلك بعض الأفراد، بينما رفضت بعض القيادات تسليم سلاحها وأصرت على استمرار القتال.

يرى الباحث هاني المصري في بحث قدمه لمركز مسارات، أن هذه المجموعات موجه مقاومة مؤقتة وبلا حاضنة وأن ظاهرة المقاومة ستصل ذروتها وستنحسر لعدم وجود حاضنة فكرية وسياسية وقيادية وبرامجية وتنظيمية لضمان استمرارها، مضيفًا أن السلطة لا تؤيد هذه الظواهر لكن وجود الحركات المقاومة في ظل وجود السلطة سيؤدي إلى محدودية موقفها الأمر الذي يستدعي السلطة تحسين موقفها من دون الانخراط بالعمل المسلح.

يُجمع بعض المحللين السياسيين أن بقاء الوضع الراهن وما تشهده الضفة الغربية من تصاعد لعمليات المقاومة سيؤدي إلى رفع تكلفة الاحتلال لتوفير الحماية الأمر الذي يرسم لسيناريوهات عدة مع السلطة الفلسطينية أبرزها انهيار السلطة بشكل كامل بينما في الجهة المقابلة فيرى آخرون أن السلطة الوطنية الفلسطينية في ظل الوضع الراهن ستضع خيار الضغط على المجتمع الدولي لإجبار إسرائيل التزامها بالقرارات الدولية المتفق عليها.

الآن تتصاعد التساؤلات حول الوضع الراهن خاصة بعد تزايد وتيرة العمليات العسكرية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وزيادة نشاط حركة المقاومة خصوصًا في شمال الضفة الغربية حيث لم يصدر موقفًا رسميًا واضحًا من السلطة الفلسطينية واعتمدت عدم الوضوح في موقفها الرسمي، وهذا يطرح تساؤلًا مفتوحًا حول دورها ما إذا كان يجب أن يكون لها موقف معلن في احتضان المقاومة أمام المجتمع الدولي خاصة بعد أن أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا "سيكا" أن بلاده لن تلتزم وحدها بكافة الاتفاقيات مع الجانب الاسرائيلي، أم أنها ستكتفي ببقاء الوضع الراهن دون رد فعلٍ واضح وفق موقف رسمي.