الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مطلوب حماية دولية للأسرى

نشر بتاريخ: 02/05/2023 ( آخر تحديث: 02/05/2023 الساعة: 14:23 )

الكاتب: هبة بيضون

نحن أمام حدث جلل، وهو استشهاد أسير نتيجة إضرابه عن الطعام في معتقلات الاحتلال الصهيوني الغاشم.

إنّ استشهاد الشيخ خضر عدنان لهو مصاب أليم لكل أبناء الشعب الفلسطيني، لرمزيته في إيصال رسالة هامة للعالم، وهي صمود أسرانا البواسل في المعتقلات، وحريتهم المطلقة في فرض ما يريدون وما يؤمنون به، وعدم التنازل عن أيّ من مبادئهم ومطالبهم بحقوقهم المشروعة وفق اتفاقية جنيف، التي تنص المادة (13) منها على أنه يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات.، ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أيّ فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسيماً لهذه الاتفاقية، وغيرها من المواد التي تكفل حقوقهم المادية منها والمعنوية.

إنّ الإضراب عن الطعام وسيلة نضالية يلجأ لها الأسرى في المعتقلات بعد نفاذ جميع الوسائل النضالية الأخرى، وبعد فشل الحوار مع إدارة السجون، ويقومون بها وهم متأكدون من النصر، حيث يرفعون شعار"إمّا النصر أو الشهادة"، وكلاهما نصر. وتعتبر هذه الوسيلة بالنسبة إليهم وسيلة لانتزاع حقوقهم المشروعة وفق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأسرى، حيث أنّ تاريخ الحركة الأسيرة في الإضراب عن الطعام قديم، وكان أول إضراب عن الطعام في معتقليّ الرملة وكفر يونا عام 1969، وتوالت الإضرابات بعدها عبر السنين إلى يومنا هذا لأسباب عديدة منها: الاحتجاج على سياسة الاعتقال الإداري، الاحتجاج على معاملة وإهانة السجّن للأسرى، الاحتجاج على سياسة الإهمال الطبي، والاحتجاج على كمية ونوعية الطعام الذي يقدّم في المعتقلات، وغيرها من الأسباب، وكانت تنتهي الإضرابات إما بعزل المضربين عن الطعام وقمعهم وتعريضهم لإهانة، أو بتلبية مطالبهم أو جزء منها، أو بوعد كاذب بتلبية مطالبهم.

يكون الإضراب عن الطعام في المعتقلات إما بصورة فردية أو جماعية في المعتقل، وقد تكون فردية في معتقل معين، وجماعية تمتد إلى المعتقلات الأخرى، أيّ القيام بإضراب شامل، وعادة ما يتم التنسيق بين الأسرى ليكون الدخول في الإضراب الشامل بصورة تدريجية، ليبدأ بعدد معين، ثم ينضم بعد أيام مزيد من الأسرى إلى الإضراب.

خاض الأسير الشهيد عدنان خضر، خمسة إضرابات عن الطعام موزعة على السنوات 2012، 2015، 2018، 2021، 2023، وقد تمكنّ من انتزاع حريته في الإضرابات الأربعة الأولى، ونال الشهادة في الأخير بعد إضراب عن الطعام دام 87 يوماً.

إنّ هذا الحدث يجب ألّا يمر مرور الكرام، ويجب أن يستغل على أعلى مستويات لفضح إسرائيل وممارساتها بحق الأسرى، كما يجب أن نقدم ملف الشهيد إلى المحاكم الدولية المختصة للمطالبة بمحاسبة الاحتلال على جريمته بحقه.

وكما صرّح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أنّ اغتيال الشيخ جاء بقرار سياسي عسكري إسرائيلي، حيث تمّ وضعه في الزنزانة وهو مضرب عن الطعام وبوضع صحي سيء، بدلاً من أن يكون في المستشفى تحت إشراف طبي. إنّ هذا القرار قرار عنصري أبارتهايدي بحت، وجميع القرارات المجحفة بحق الأسرى الفلسطينيين ما هي إلّا استكمالاً للقرارات العنصرية الصهيونية التي تتخذ بحق الفلسطينيين بشكل عام أينما تواجدوا، والتي تشرعنها دولة الاحتلال بقوانينها العنصرية.

جدير بالذكر أنّ عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 بلغ 273 شهيد، كل شهيد منهم هو ملف وهو قضية يجب أن تقدم للمحاكم الدولية لمساءلة إسرائيل ومحاسبتها عن كل حالة، ولا بد من اتخاذ إجراءات على المستوى الدولي لإجبار إسرائيل على وقف إجراءاتها العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، وبحق أسراه في المعتقلات. وكما نطالب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، علينا أن نطالب بتوفيرها الحماية الدولية للأسرى في المعتقلات، وأن يكون هناك رقابة دولية لمنع الممارسات العنصرية الحاقدة ضدهم والتي تتنافى مع جميع التشريعات القانونية والشرائع الدينية والأخلاقة والإنسانية.

هذه إسرائيل، تتجلّى بأبشع صورها وبأعلى درجات العنصرية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، لم يردعها تقرير منظمات حقوقية، ولا تقارير ولا إدانات دولية، وأصبح لزاماً على المجتمع الدولي أن يبتكر طريقة لردعها عن استمرارها في ارتكاب جرائم الحرب وتلك ضد الإنسانية والمخالفة للقانون الدولي.