الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

في تفسير حرب الإبادة الإسرائيلية

نشر بتاريخ: 27/02/2024 ( آخر تحديث: 27/02/2024 الساعة: 16:39 )

الكاتب: عواد الجعفري

في بدايات أزمة كورونا، ضجت منصات الدعاية الإسرائيلية بقصة مفادها أن علماء إسرائيليين يعملون على اختراع لقاح مضاد للفيروس، وقد فرح بعض العرب بذلك.

كان ذلك في مارس من عام 2020، واستمر الحديث عن الإنجاز "المنتظر" مدة من الزمن، ثم توقف الحديث ونسي الجميع القصة.

لكن الحقيقة برزت بعد 3 أعوام: اللقاح الإسرائيلي كان محاولة فاشلة أهدرت عشرات ملايين من الدولارات. طبعا، هذا الخبر مر مرور الكرام ولم ينتبه له أحد، حتى مَن صفّق له في البداية.

وما علاقة اللقاح "الفنكوش" بحرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة؟

الدعاية هي الوجه الآخر للصهيونية، وكل شيء في إسرائيل دعاية. بعبارة أخرى، الكذب جزء أساسي من هذه الدولة التي قامت على احتلال الأرض وتهجير سكانها الأصليين. إنها تحاول التعملق في الدعاية حتى تبدو للآخرين أقوى مما هي في الحقيقة.

وقد كتب المفكر الفرنسي روجيه غارودي كتاباً أثيراً في هذا السياق هو "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية".

الأساطير في دولة الاحتلال الإسرائيلي كثيرة: المخابرات التي لا تنام، والجيش الذي لا يقهر، والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، والتقدم التكنولوجي الرهيب (لقاح كورونا المزعوم أكبر دليل على ذلك).. إلخ.

جاء هجوم السابع من أكتوبر ليهدم كل شيء. في دقائق معدودة هدم فلسطينيون ما حاولت دولة الاحتلال ترسيخه عبر عقود، وكيف؟ بأدوات بالغة البساطة.

لقد هدم الفلسطينيون "الجدار الذكي" (الأصوب وصفه بالغبي). كان الجدار جزءا من الحصار الظالم على غزة. كان من بين أدوات الهدم جرافات متوفرة في كل مكان وبتكلفة حفنة من الدولارات هي أجرة تلك الجرافات، رغم أن الجدار كلّف إسرائيل أكثر من مليار دولار.

جن جنون دولة الاحتلال. ما هدمه الفلسطينيون ليس الجدار فحسب، بل هدموا معه أساطير ظن المحتلون أنها أصبحت من المسلّمات، فالمخابرات لم تعلم شيئاً على الإطلاق، بخلاف حرب أكتوبر 1973، التي كانت قبل السابع من أكتوبر تعد أكبر فشل استخباري في تاريخ دولة الاحتلال. قائمة الفشل طويلة، وتصل إلى كل شيء حتى القيادة السياسية.

بكل تأكيد طرح الإسرائيليون هذا السؤال ذا الوقع القاسي على أنفسهم: كيف يجرؤ فلسطينيون محاصرون في بقعة صغيرة على شن هجوم مباغت عليها، في حين أن دولاً كبيرة ومستقرة وذات ميزانية عسكرية بالمليارات لم تستطع حتى الإقدام على إجراءات دبلوماسية أو مجرد التلويح بالقوة؟

إن هذا الأمر يساعد في تفسير حرب الإبادة غير المسبوقة التي تشنها دولة الاحتلال ضد قطاع غزة: قصف لم يحدث حتى في الحرب العالمية الثانية، وقتل أطفال في أشهر معدودة أكثر من 22 صراعاً وحرباً حول العالم في سنوات طويلة، واغتصاب النساء وسرقة نقود المنازل الفارغة، وتوثيق جرائم التعذيب والنسف بالصوت والصورة.

إن جيش الاحتلال يحاول محو العار الذي لحق به بعد الهجوم الفلسطيني المباغت الذي حطم سمعته إلى الأبد وحطم كثيراً من أوهام الإسرائيليين لكن هيهات.