الأحد: 01/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

"اليوم التالي" يجب أن يجسد وحدة الأرض والشعب والقضية في ظل الدولة المستقلة

نشر بتاريخ: 20/05/2024 ( آخر تحديث: 20/05/2024 الساعة: 14:36 )

الكاتب: مروان أميل طوباسي



زيارة سوليفان للمنطقة هدفت الى توجيه وتصويب العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل أساسا، والتوصل إلى اتفاقيات وتفاهمات تتعلق بالأمن والسياسة في المنطقة طبقا لأسس العلاقة الإستراتيجية بين الطرفين والأرتقاء بها بما يمثل رغبة الولايات المتحدة في تنفيذ رؤيتها حول الشرق الأوسط الجديد وحاجتها لدور اسرائيلي مساعد وشريك في ذلك .
كما والتأكيد على دعم الولايات المتحدة لجهود إسرائيل في استمرار مخططات حرب الإبادة والتهجير بحق شعبنا تحت مبرر عنوان "محاربة حماس".

فهناك توتر واضح بين نتنياهو والإدارة الأمريكية ، حيث أعربت إدارة بايدن عن قلقها من سياسات نتنياهو التي تعتبرها غير مستقرة وقد تزيد من تعقيد الوضع في المنطقة ولا تخدم جوهر العلاقات الإستراتيجية بينهما . فالولايات المتحدة تركز على تعزيز ما تسميه "استقرار المنطقة" ومواجهة النفوذ الإيراني من خلال تنفيذ مشروعهم المسمى "بالشرق الاوسط الجديد" والذي يحمل مفاهيم مشوشة ومنقوصة وغير واضحة حول الدولة الفلسطينية التي يتحدثون عنها بمعاييرهم ويريدون تسويقها دون تنفيذ حقوق شعبنا وبالمقدمة منها حق تقرير المصير ، وقد تكون "دولة" وفق ما جاء في رؤية ترامب سابقا . وهي ترى في بعض سياسات نتنياهو عائقاً أمام هذه الأهداف التي حتى لا تتطلب إنهاء الأحتلال .

هنالك ارتباط بين هذه التوترات بالعلاقة التي لا تؤثر فعليا على مكانة اسرائيل وأهميتها للولايات المتحدة ، بمشاريع أمريكية أوسع في الشرق الأوسط تسعى لها الولايات المتحدة في مواجهة تنامي النفوذ الصيني والروسي ، مثل مبادرة الممر الاقتصادي للشرق الأوسط في مواجهة مشروع الحزام والطريق ، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي واللوجستي لخدمة مصالح الهيمنة الامريكية في المنطقة ، كذلك السيطرة على أحواض الغاز في شرق المتوسط وتعزيز وجودها العسكري من خلال القواعد المنتشرة اضافة الى القاعدة الجديدة بصحراء النقب وما يسمى بالميناء العائم على شواطىء غزة وقناة بن غوريون التي يحتاج تنفيذها الى اراضي قطاع غزة .

ومع ذلك ، وعلى افتراض ان الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير الحكومة الإسرائيلية بشكل مباشر ، فانها تركز على الضغط الدبلوماسي والعسكري لضمان توافق السياسات الإسرائيلية مع مصالحها الإقليمية .

الولايات المتحدة تدرك أن الخلاف بين غانتس ونتنياهو يمكن أن يؤثر على ديناميات الحرب في غزة ، خاصة فيما يتعلق بإدارة الأزمة وتحقيق النتائج . فالبيت الأبيض يفضل التعامل مع غانتس لتسهيل تنفيذ تلك الاهداف في غزة ونوعية العمليات العسكرية الكبيرة، مثل مخطط ضرب فكر وثقافة المقاومة بالمنطقة كما وترات منظمة التحرير الفلسطينية واستكمال مخططات العدوان "الانسانية" في رفح وباقي مناطق غزة بعد تصاعد اعمال حرب العصابات التي تسقط يوميا أعدادا من جنود الأحتلال وترفع كلفته بالميدان وعلى مستوى الأثر الإقتصادي ايضا .كما وتنفيذ الرؤية الأمريكية بمنطقتنا حول التهجير "الطوعي" واضعاف دور السلطة الوطنية ومحاصرتها والمراقبة او المشاركة في استكمال تدمير غزة وجعلها مكانا غير صالح للحياة من جانب آخر .

وفي هذا الخصوص هناك آراء تشير إلى أن إدارة بايدن تسعى لتعزيز دور غانتس الذي يرفض فكرة وجود حماس أو عباس في غزة كما قال وهو ما يتفق فعليا مع وجهة النظر الأمريكية لمسماهم "اليوم التالي" ، كبديل محتمل لنتنياهو ، مما يعكس عدم رضاها عن سياسات نتنياهو المتشددة ويشير إلى رغبتها في رؤية تغييرات في القيادة الإسرائيلية قد تساعد في تحقيق تقدم نحو مفهومها حول سراب حل الدولتين .

بناءً على ذلك ، يبدو أن الولايات المتحدة تستخدم الخلافات الداخلية في إسرائيل كوسيلة للضغط على نتنياهو، ولتوجيه السياسات الإسرائيلية نحو أهداف أكثر توافقًا مع الرؤية الأمريكية، وخاصة فيما يتعلق بإدارة الصراع في غزة وصولا لتنفيذ مقولة اليوم التالي الذي تتحدث عنه .

خطاب بني غانتس الأخير الذي وجه فيه إنذاراً لبنيامين نتنياهو لتقديم خطة ما بعد الحرب على غزة بحلول ٨ يونيو ، يحمل تداعيات كبيرة على استقرار الحكومة الإسرائيلية الحالية . غانتس هدد بالخروج من الائتلاف الحاكم إذا لم يتم تلبية مطالبه، مما يزيد الضغط على نتنياهو، وهو يسعى لتعزيز موقفه السياسي عبر مطالبته بخطة واضحة لإنهاء الصراع دون إنهاء الأحتلال ( كمن يريد ان يأكل الكعكة ويحتفظ بها ) وتحقيق أهداف محددة تشمل بدائل لحكم حماس في غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين التي تتفق مع الرؤية الأمريكية اليوم التالي كما أشرت .

هذه التطورات تضع حكومة الأحتلال في موقف حرج ، حيث أن استقالة غانتس أو خروجه من الائتلاف قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة الحالية . من جهة أخرى، هناك توتر داخل الحكومة بين نتنياهو وأعضاء آخرين، مثل وزير الدفاع غالانت، ومن خارجها مواقف لابيد التي تحدث عنها امس في خطابه امام المتظاهرين ، كل ذلك يساهم في تعقيد الوضع السياسي .

باختصار ، خطاب غانتس يعكس التوترات وتفاقم الازمة البنيوية الداخلية الكبيرة في إسرائيل التي تعمقت على كل المستويات منذ عام ونصف وتحديدا اكثر ما بعد ٧ أكتوبر ، ويمكن أن يؤدي إلى تغييرات سياسية مهمة قد ترغب بها الولايات المتحدة كما ترغب في ان ترى "السلطة الوطنية المتجددة" التي يتحدث عنها سوليفان بما ينسجم مع الرؤية الامريكية وتعمل بتوجيهاتها ، لتكون جزء مشاركا مع حكومة اسرائيلية متجددة في تنفيذ رؤيتهم المتكاملة كما يرغبون .

بينما تسعى الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها بالمنطقة من خلال ما يسمى بالتعاون الاقتصادي ومواجهة التحديات الأمنية ، يبقى الضغط على حكومة نتنياهو نتيجة لهذه التوترات الداخلية والخارجية امرا ضروريا لها لتمرير مشاريعها دون اعتراض او إعاقة .
ويبقى لنا نحن ضحية تاريخ الإستعمار ، التمسك في ان يمثل اليوم التالي رؤيتنا على قاعدة وحدة الشعب والأرض وقضيتنا الوطنية التي يجب ان تتجسد من خلال حق تقرير المصير واقامة دولتنا ذات السيادة والديمقراطية على كامل الاراضي المحتلة عام ٦٧ وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجيئن وفق القرار ١٩٤ كتحقيق لمشروعنا التحرري الوطني والذي يهدف ايضا الى إنهاء الفكر الصهيوني مبرر وجود نظام الإستعمار الاستيطاني والابرتهايد ، بمسوؤلية فلسطينية ويهودية تقدمية مشتركة بمساندة قوى الحرية والعدالة في هذا العالم اينما كانت .