الكاتب:
السفير حكمت عجوري
من غير المعقول ان تكون الحرب الاسرائيلية الايرانية في توقيتها ومدتها ان تكون محض صدفة خصوصا وان الطرف المعتدي وهو نتنياهو كان يعد العدة لهذه الحرب منذ اكثر من عشر سنوات وقد كلف من اجل ذلك ميزانية كيانه بليونات الشواقل في التدريب والتحضير والتجسس لهذه الحرب ومع ذلك لم يقم بها لانها لم تكن تخدم مصالحه الخاصة في حينه لانه اثر ان يؤجلها الى ان اصبحت خياره الاخير بعدم دخوله الى السجن ومع ذلك فلدي اعتقاد بانها وبالاضافة الى ما ذكرت فهي حرب حملت في ثناياها مؤشرات خارجة عن الفهم التقليدي للحرب خصوصا وانها انتهت بنصر مؤزر للطرفين بحسب زعم كل منهما وذلك على الرغم من كل ما تسببت فيه هذه الحرب من دمار ولو مختلف نوعيا لهذين الطرفين ففي ايران على سبيل المثال بقي الجيش الايراني قويا متماسكا ولكنه بدون قيادات بعد ان ارتقى معظمهم في اليوم الاول كما وبقي اليورانيوم المخصب تقريبا على حاله ولكن بدون علماء يصنعوه ويطوروه من اجل الوصول الى الغاية سواء اكانت سلمية ام عسكرية ومع ذلك فقد وسم المرشد خامنئي نفسه بوسام النصر.
اما الطرف المعتدي في هذه الحرب وهو اسرائيل فان خسائرها المعلنة في هذه الحرب في المجالين البشري والحجري لم تكن تدميرية لدرجة تبرر الزعم الايراني بالنصر خصوصا وان اي تدمير حجري في اسرائيل يعاد ترميمه بسرعة الصوت وعلى حساب الاخرين بمن فيهم بعض الاعراب ولكن ومع ذلك فان اسرائيل تدمرت كفكرة صهيونية بغطاء توراتي وكانت بداية هذا الدمار تكمن في الشروع بالهجرة لاهلها من اليهود بعد ان اكتشفوا ان ارض العسل واللبن ما هي الا بدعة تم توظيفها بذكاء صهيوني خدمة لاهداف صهيونية عنصرية ولكن بالتاكيد ليست توراتية، هذا على الصعيد الداخلي اما على الصعيد الخارجي فاسرائيل لم تعد لا الديمقراطية الوحيدة في وسط ديكتاتوريات المنطقة ولا هي ايضا الحمل الوديع في وسط غابة من الوحوش كما كانت تزعم و تسوق نفسها لديمقراطيات الغرب وذلك بعد ان كشفت اسرائيل عن انيابها حتى انها استغلت هذه الحرب للاستمرار في نهش اطفال غزة والمستمرة منذ اكتوبر 2023 وبقرار ديكتاتوري نتنياهوي من اجل حماية نفسه وليس كيانه.
ديكتاتورية نتنياهو وبعد ان فشلت في اعتقال القضاء في اسرائيل توظيفا لذات الهدف حوٌل جيشه الى وحش كاسر اشبه بكلب مسعور افلت من عقاله بين اطفال غزة في حرب حيث لم يعد من الممكن لاحد وصفها بغير انها حرب ابادة وتطهير عرقي لشعب يقع تحت احتلالها وهي ما زالت تمارس هذه الابادة ضد اطفال غزة قتلا وتجويعا حتى لا يصلوا الى سن البلوغ لمقاضاته وكيانه على هذه الابادة ولم يعد بالامكان ايضا التغطية على حقيقة ان اسرائيل هي فعلا كلب مسعور وهذه الصورة اصبحت حقيقة حفرتها وسائل التواصل في عقول وقلوب معظم شعوب العالم الذين يشاهدون ما تفعله اسرائيل وجيشها بحق من هم تحت احتلالها وخصوصا في عقول جيل الشباب وقيادات المستقبل التي اصدرت حكمها البدائي على هذا الكيان المارق بانتظار ساعة المحاسبة في قادم الايام.
على صعيد اخر فهذه الحرب الاسرائيلية الايرانية التي تواصلت مع حرب الابادة في غزة وعلى الرغم من انها لم تمس جسديا باي من قيادات اسرائيل لا السياسية ولا العسكرية الا انها اسقطت عنهم الصفة الانسانية في عقول وقلوب كل من لديهم حس انساني في هذا العالم من اصحاب القرار الحالي من زعماء وازنين في العالم من الذين اتخذوا قرار التمرد على الباطل الامريكي الذي تبنى هذا الكيان المارق منذ حرب 1967 اضافة الى ظهور وعي انساني اخر من قبل زعماء الشباب في عالم ضللته ماكنة الاعلام الصهيوني وهم الذين سيحكمون المستقبل.
وبالعودة الى ما بدات به المقال فلدي اعتقاد قد يرقى ليقين بان مدة الحرب الاسرائيلية الايرانية وهي اثني عشر يوما هي السر الذي يخرجها من حدود الحسابات التقليدية للحروب بمعنى ان تكون حرب بحسابات سماوية خصوصا وان عدد ايامها لم يكن محدد من اي من الطرفين المتحاربين وهو ما يوحي بانها قد تكون رسالة حيث ان هذه الحرب قامت بين نظام شيعي يؤمن باثني عشر امام معصومين من نسل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بدأ بعلي بن ابي طالب وانتهاء بالمهدي الذي يعتقد الشيعة بانه سوف يظهر في آخر الزمان وبين نظام يهودي يؤمن بان هناك اثني عشر سبطا من اسباط اليهود خرجوا مع سيدنا موسى عليه السلام من مصر وهؤلاء تشتتوا بعد تدمير البابليين لمملكة اليهود ، واليهود المتدينون يؤمنون بان هذه الجماعات المفقودة ستعود للتجمع في فلسطين بانتظار نزول المسيح المزعوم وانشاء مملكتهم الكبرى قبل نهاية الزمان. الا ان انتهاء هذه الحرب الاثني عشرية بهزيمة الطرفين المتحاربين على الرغم من زعم كل منهما بالنصر على الاخر قد يكون رسالة سماوية تصحيحية لافكار تتعارض مع الديانات التوحيدية الثلاث وهذه الهزيمة للطرفين تعني بان المنتصر الحقيقي في هذه الحرب هو الحرب نفسها انتقاما لاطفال غزة وفي ذلك انذار رباني لكل من يقنل باسمه من غير حق " من قتل نفسا بغير نفس او فسلد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا" صدق الله العظيم وهو الاعلم .