الإثنين: 21/07/2025 بتوقيت القدس الشريف

رد موظفي القطاع العام على مقال السيد سمير حليله بعنوان: “الزيادة في العلاوات: جوهر أزمة الرواتب”

نشر بتاريخ: 21/07/2025 ( آخر تحديث: 21/07/2025 الساعة: 17:23 )

الكاتب: بسام زكارنه

نُقدّر للسيد سمير حليله اهتمامه بالشأن المالي الفلسطيني ومحاولته قراءة جذور الأزمة التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية.
لكننا نرى أن مقاله مع الاحترام لم يكن موجّهاً لتحليل واقعي موضوعي بقدر ما بدا كأنه رسالة لمن يبحث عن “قيادات المرحلة القادمة” لا لمن يعيشون في قلب الأزمة ويدفعون ثمنها يوماً بيوم.

نحن موظفي القطاع العام نجد أنفسنا مضطرين لتوضيح مجموعة من الحقائق الجوهرية التي غابت عن المقال وتسببت – للأسف – في تحميل الموظف العام مسؤولية أزمة معقدة ومتعددة الأبعاد: سياسية، اقتصادية، واحتلالية رغم ان الموظف يحمل الجزء الأثقل من هذه الأزمة و يقدم الخدمة و أطفاله جياع او بلا قوت مناسب همه منع انهيار السلطة مقدمة الدولة و وقفا مع شعبه ضد حرب الابادة .

أولاً : عن “العلاوات”.. لم تذكرها في مقالك و نسأل ما هي العلاوات التي يتحدث عنها؟

الحديث عن “علاوات تُمنح بلا مبرر” غير دقيق بل غير موجودة اطلاقاً هناك نقص في العلاوات .
العلاوات التي يتقاضاها موظفو الخدمة المدنية والأمنية تُصرف وفق قوانين رسمية مثل قانون الخدمة المدنية وقانون قوى الأمن وتشمل:
• علاوات مهنية (كالطبيب، المعلم، المهندس، القاضي…)
• علاوات بدل مخاطرة وطبيعة عمل و بعض الوظائف لم تحصل عليها حتى الان و نناضل من اجلها وفق القانون المُقر وليس طلب جديد.
• علاوات تنقلات ومواصلات
.علاوة اجتماعية ( تخيلوا علاوة زوجة 40 شيكل ، علاوة مولود 20 شيكل )
فهل من العدالة مساواة طبيب يُجري جراحات طارئة في غرفة عمليات و معلم يحمل عبء دراسي فوق طاقته بموظف مكتبي اداري خلف طاولة؟
وهل يعلم السيد حليله أن تكاليف المواصلات تضاعفت مرات بفعل الحواجز؟
حيث أن موظفًا كان يتنقل بـ5 شواقل يومياً يدفع اليوم 20–30 شيكلاً يومياً بسبب انعدام المسارات السلسة و هل علاوة زوجة 40 شيكل منصفة او علاوة مولود 20 شيكل منصفة !!! لكن هذا ما نص عليه القانون و ليست منة من احد .

ثانيًا: الرواتب لم ترتفع… بل تتآكل منذ 2014

منذ عام 2014 لم تُصرف علاوة غلاء المعيشة رغم أن القانون ينص على ربط الأجور بمؤشر غلاء الأسعار وحتى ما صرف قبل 2014 لم يصرف كاملا .
والنتيجة: تآكل القيمة الحقيقية للرواتب بنسبة تصل إلى 40%.

بل أكثر من ذلك:
• لم تُدفع الرواتب كاملة منذ أكثر من 44 شهرًا
• تراكمت مستحقات الموظفين لما يزيد عن 12 شهرًا من الراتب الكامل ولم تلتزم الحكومة بدفع فوائد التأخير و هكذا خسر الموظف ما نسبته 11% من قيمة المتأخرات بل و اكثر من ذلك اضطرّ لقرض من البنك و دفع 11% عليها بمعنى ان هناك خسارة للموظف 22% من قيمة مستحقاته .
• ما يُصرف فعليًا لا يتجاوز 54% من الاستحقاق الكلي للموظف و لا زال صامداً يخدم شعبه .
ومع ذلك لم يُسجَّل أي تعافٍ مالي في الموازنة… اذن ما هو السبب الحقيقي للعجز ؟
ببساطة الاحتلال … و وقف الدعم الأوربي و العربي و ليس علاوة الموظف المسحوق .

ثالثا ً: أين الاحتلال من مقالك ؟

من الغريب أن يُحمَّل الموظف المسؤولية دون ذكر دور الاحتلال كما هي الحقيقة رغم أنه الطرف الأكثر تأثيراً في الأزمة المالية من خلال:
• التحكم الكامل بأموال المقاصة (وهي تشكل 70–75% من الإيرادات)
• اقتحام واستهداف البنية التحتية للوزارات والمقار
• منع العمال والتجار من الوصول إلى أراضي 48
• احتكار الموارد الطبيعية في المناطق المصنفة C
• خصومات تعسفية تزيد عن 850 مليون شيكل سنوياً

هل يُعقل أن نناقش أزمة الرواتب بمعزل عن هذه المعطيات البنيوية؟ حتى مظاهر الفساد من العار ذكرها كسبب رئيسي لانها ليست كذلك و داخليا واجبنا محاربتها دون السماح بإستخدامها شماعة لمعاقبة السلطة وكأن هناك مصادر كافية و يختلسها كبار الدولة نعم موجود فاسدين و يختلسوا لكن ليست هي سبب عجز السلطة عن الوفاء بالتزامتها.

رابعا : هل تعلمون واقع الوزارات؟

نحن لا نطلب امتيازات بل الحدّ الأدنى من بيئة العمل حيث الواقع في الميدان يُظهر:
• نقص حاد في الكوادر: في الصحة، والتعليم، والداخلية، والمالية
• إحالة للتقاعد دون تعيين بدائل
• اصبح الطبيب يعمل بدوام مضاعف ومعلم يُكلف بـ30–35 حصة أسبوعياً علما ان العبء للمعلم 21 حصة و هكذا في وزارات اخرى .
• مستشفيات متبرع بها معطّلة لعدم وجود طواقم
• اكتظاظ صفوف داخل المدارس إلى حد تجاوز 50 طالباً في بعضها

فهل المطلوب استنزاف الموظف اكثر ثم لومه على “ارتفاع فاتورة الرواتب و راتبه الكامل لا يوفر حياة كريمة ، بعض المعلمين يعمل سائق تكسي ليطعم أطفاله.


خامساً : من يتحدث عن “الإنفاق الزائد”؟

موظفو القطاع العام اليوم بدلًا من أن يكونوا أساس الدولة باتوا ضحايا ضغط معيشي متفاقم:
• لا يحصلون على تأمين صحي فعّال رغم الاقتطاع الشهري يعني نقص أسرة و نقص أدوية بل انعدامها غالباً.
• يُهدد أبناؤهم بالفصل من الجامعات بسبب الأقساط المتراكمة و يقدموا للمحاكم بسبب الشيكات الراجعة و يدفعوا مخالفات بسبب عدم القدرة على تجديد رخصهم!!!.
• يُفصلون من السكن لعجزهم عن دفع الإيجار
• يُقطع عنهم الماء والكهرباء بسبب تراكم الفواتير
• يعيشون على قروض بنكية بفوائد عالية، بدون أي حماية تشريعية

فهل طالب أحد بخفض الفوائد البنكية؟ أو مراجعة تسعيرة الاتصالات والكهرباء؟ أو وقف جبايات مكررة على نفس الراتب المبتور؟

و تقول الموظف ظالم !!! اي لغة هذه … الموظف فدائي لشعبه الان .


سادساً : ماذا عن الحقوق غير المدفوعة؟

بدلًا من الحديث عن “زيادات” لماذا لا نُذكّر بالحقوق التي لم تُصرف أصلاً ومنها:
• علاوة غلاء المعيشة (متوقفة منذ 2014) وقبلها مجتزأة.
• علاوة ندرة لتخصصات حرجة (أطباء تخدير، مختبرات، وقانونيين و من يعملوا بدباغة الذهب و سائقي المعدات الثقيلة وووو الخ …)
• علاوة مخاطرة لأصحاب المهن الميدانية في الأمن والصحة لم تدفع للجميع .
• ترقيات مؤجلة مرّ على استحقاقها ضعف المدة القانونية او اكثر للعسكرين و المدنين .
• رواتب العسكريين أصلا لا تزال تُصرف بنسبة 50% منذ عام 2003 خصمت بقرار الشهيد ابو عمار !! و اسال إذا لا تعلم !.

أين هذه كله من “الزيادة في العلاوات” المزعومة؟!
ماذا لو طلب الموظفون حقوقهم المنصوص عليها في القانون !!…
كان الاولى ان تذكر ذلك و تقول شكراا للموظفين الصابرين الصامدين .!


🧭 سابعا : نريد إصلاحاً حقيقيا… لا وصفات فوقية

نحن لسنا ضد الإصلاح بل نطالب به…
لكن نرفض أن يبدأ الإصلاح من الحلقة الأضعف: جيب الموظف.

إذا كان السيد حليله يدعو لتشكيل “مفوضية إصلاح”. فنقول:
• لا بد من مشاركة ممثلين عن الموظفين والنقابات
• نطالب بكشف تكلفة هذه المفوضية على الخزينة
• نسأل بوضوح: هل سيقبل أحد من الخبراء “الإصلاحيين” بأقل من 20,000 شيكل راتباً شهرياً ؟
و يعلم الدكتور حليلة ان هولاء و حتى هو رواتبهم بين عشرة الاف دولار و عشرين الف !!
يعني اعلى من راتب الرئيس و رئيس الوزراء باضعاف!!!

ونُذكّر أن بعض المستشارين اليوم في القطاع الخاص يتقاضون ما يزيد عن 25 ضعف راتب موظف من الدرجة العليا في السلطة.

فهل هؤلاء هم من يُقنعنا بـ”شد الحزام”؟!

أخيراً : الموظف ليس الأزمة… بل ضحيتها

الموظف الفلسطيني هو من أبقى الدولة قائمة في أصعب ظروف:
• في ظل الانقسام
• وتحت الحصار
• وأمام تغييب العدالة الاجتماعية

وإذا كان هناك من يجب أن تبدأ به “الإصلاحات” فليكن من:
• امتيازات المسؤولين
• موازنات الهيئات المستقلة
• مراجعة موازنات الأمن والمكاتب الخارجية
• فتح ملفات الاقتراض من صندوق التقاعد (أكثر من 4 مليار دولار!)
. طرد الفاسدين.
. تعيين خبراء في استقطاب المساعدات .
. تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب و وقف الترقيات دون قانون .

الموظف ليس الأزمة… بل العمود الفقري للدولة

والإصلاح الحقيقي لا يبدأ من راتبه بل من بنية السلطة نفسها.

وندعو السيد حليله وكل من تعنيه العدالة الاجتماعية إلى حوار حقيقي وشفاف.
ليس فقط على الورق… بل في الشارع حيث يعيش الموظف كل يوم أزمة حقيقية تتجاوز كل الأرقام.