الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

للقدسِ عشق آخر

نشر بتاريخ: 23/02/2015 ( آخر تحديث: 23/02/2015 الساعة: 14:21 )

الكاتب: عطا الله شاهين


عطا الله شاهين
أنْ تُحِبّ القدس أكثر من مدن أخرى ، فهذا يعني أنك منجذب بشغف غير عادي إلى جمالها الإلهي ، الطّاغي على جسدها المتمدد على تلال تُغتصب من مستوطنين أتوا لإزاحة شعبٍ آخر . ففي القدسِ عُذب المسيح عليه السلام وما زال شعبنا الفلسطيني يتعذّب على أسوارٍ تحيطها من كل جانب.. على بوابات بأسوجة شائكة بشعة ... وحين تلِجُ في أزقتها يختلجك شعورا غريبا له طعم عشق سرمدي يعبق بروائح البخّور الآتية من كنائس الخشوع ..
أنْ تعشقَ القدس وأنتَ تُمنعُ عنها من قبل احتلال عنصري لأنّ سِنّكَ لمْ يشفعَ لك بالمرور عبر حاجز يذّل أناسا يتوجهون للصلاة في الكنائس والمساجد فهذا بنظر الاحتلال أنّكَ ما زلت صغيرا لدخول القدس..
وحين تكبر ستراها هي بجسدها الجميل الذي لا يشيخ ولا يهرم ، ولكن بأسوارها الحزينة الشاهدة على جرائم احتلال كانتْ ومستمرة في استهداف عاشقيها.
لمْ أُحِبّ مدينةً أكثر من القدس .. ولنْ يتفوّقَ حُبٌّ عليها سوى حُبّي لأُمي.. هل لأنها تصغي لي وأنا أحلم بالعودة إلى حنين التاريخ وهي تنتصر على مغتصبيها؟ ...
فللقدسِ عشق آخر .. عشق يختلف عن أي عشق .. ينخر في جسدي ويشعلني ليل نهار .. وأنا أنتظر هرمي لكي أدخل إليها .. هل ستنتظرني أم سيأُخذها أُناسا لا يعترفون بالآخرين ...
القدس تبكي .. وأنا أبكي .. ولكن من يمسح دموعي كل يوم عند مشاهدتي لها من بعيد.. وأنا محروم من الوصول إليها .. طبعا لا أحد سوى يدي الشغوفتين والتّواقتين للمس حجارة أسوارها الباكية والصّامدة ، والتي تُخزّقها رصاصات كثيرة ما زال أزيزها يسمع حتى الآن.