الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لعينيك..

نشر بتاريخ: 01/06/2015 ( آخر تحديث: 01/06/2015 الساعة: 13:38 )

الكاتب: صادق الخضور

لعينيك يا قدس وإن طال الشوق حنين لا يجاريه حنين، وشوقٌ للتجوال في أزقّة بلدتك القديمة قدم التاريخ ذاته، ويكفيك فخرا ويكفينا أن حجارة سورك لو نطقت لقالت: نبض التاريخ كامن فينا، عراقة الأمكنة تزيّن الجبين، وقداسة المقدسات لمّا تزل شاهدا على أن القداسة هنا كانت، هنا بقيت، وهنا ستبقى.

لو نطق أقصاها لحكى قصّة قداسة هيهات أن ننساها، ولو تكلمت فيها القيامة لباحت بسرّ خلود القداسة منذ فجر التاريخ إلى يوم القيامة، فهنا، أرخى التاريخ ضفائر عزّه على كتفي مدينة كانت وستبقى ما حيينا إطلالة النبض فينا، وكلمّا أنّ قلبها آن الأوان لنعاود خطب ودّها، فهي التي تجبرنا دوما على استحضار الزمن، والاتكاء على جدران التاريخ لنحافظ على توازننا.

لعينيك يا قدس، تنحني الهامات إجلالا، شامخة أنتِ وإنْ أرادوا لك إذلالا، تفردين ذراعيك مرحبّة بكل وافد شقيق، هي القدس، وكيف لا يفرح قلبها بالقادمين إليها قدوم المتيّم إلى ديار الحبيبة؟! فطوبى لك وأنت تنثرين مداد شموخك على صفحات الأيام، تخطيّن كلمات البوح بمكنون العشق لكل شبر فيك.

القدس: لعينيك وفقط لعينيك يغدو الغزل واجبا، والمدح مطلبا، لا رثاء إلا لحالنا، أمّا حالك، فهو أكبر من أن يكون يوما موضع رثاء، فأنت باقية صنوا للمجد، رافدا من روافد الكبرياء الممهور بطابع استثنائي سبغ الحاضر بعبق الماضي، فلعينيك تنقاد مشاعرنا طائعة لتحط الرحال في محراب تاريخك الزاهي.

لعينيك وليست كل العيون سواء، لعينيك ووميضها اكتسى لون الكبرياء، لعينيك وبريقهما أنار سماء كل فضاء، وهل لنا أن ننساك؟! وأنّى لنا ذلك؟! فقد توطنّت نفوسنا على البقاء دوما رهن إشارتك.

لعينيك، وفي القلب أغنية فاض لحنها بنغمات شجيّة، بانتظار كلمات تتناغم وروعة اللحن، فظلّي وعينيك درّة الأماكن مهما تعددّت الأماكن، وواصلي الإطلالة على غدنا الآتي بثقة.

هنا، كان التاريخ على موعد مع ذاته، وغدت حجارة سورك مداميك في قلعة العلاقة، ودرعا حاميا لمستقبل العلاقة وطبيعة التلاقي.

عيناك وميضا لا يخفت، ربيعا لا يتلوه صيف أو خريف، قمر لا يدهمه أفول، ولهذا، بقيت وبقينا سائرين في مركب واحد.

لعينيك يا قدس كل الولاء والعطاء، وهذا قليل.