الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس، وعظمة التاريخ

نشر بتاريخ: 14/07/2015 ( آخر تحديث: 14/07/2015 الساعة: 14:53 )

الكاتب: صادق الخضور

في شوارعك تسير عربة التاريخ معرجّة على عديد المحطّات؛ هنا كتب التاريخ عراقته بمداد الأحداث الضاربة جذورها في عمق الأصالة.
شوارعك واسعة مهما تضيق، فهي تستوعب وتستوعب، وكأنها قلب كبير يحوي عددا لا متناهيا من البشر، فقد جاؤوك عاشقين متيمين، كل همهّم أن يكونوا على موعد على التواصل مع عبق التاريخ وروح القداسة.

سورك ليس مجرّد سور، فقد اعتدنا أن تكون الأسوار أسيجة، دلالة على الانغلاق لكن سورك دلالة انفتاح على التاريخ في عزّ تجلياته، هو الانفتاح على فضاءات لا متناهية من ذاكرة التاريخ.

يا قدس،،،،،
فيك وفيك فقط يطيب اللقاء، وإليك يحلو النشيد، وتنقاد القلوب طائعة بشغف، فالقلب قد هواكِ، والبوصلة عن السير نحوك لا تنحرف، فأنت العصيّة على النسيان، الباقية في الوجدان، حالمة وإنْ حرموك النوم، فأنت الفريدة المتفردّة، الواثقة دوما من أن الغد أزهى وأبهى.

زرناك فكان اللقاء ذا وقع خاص، ففيك يتبدّى التاريخ في لحظة، وفيك يشعر القلب باطمئنان لا يدانيه اطمئنان، فظلّي كما عهدناك يا زهرة المدائن، وارفة الظلال في أرواحنا، دائمة النبض في قلوبنا.

يا قدس،،،،
حجارة شوارعك التي أكل الدهر عليها وشرب لمّا تزل وكأنها في ريعان شبابها بل في أوج طفولتها، فهي كلما مرّ عليها زمن زهت، وأرسلت وميضها من جديد، وتألقت وتعملقت، وكلما دخلت من بوابة من بوابات القدس تشعر وكأنك تقتحم حصنا من حصون التاريخ، وسرعان ما يعتريك شعور بأنك أسعد الناس وأكثرهم اطمئنانا.

أقصاها، والصخرة، والقيامة وغيرها من الأماكن التي تشبعّت سماؤها برذاذ التاريخ تحكي قصة القداسة، وتميط اللثام عن عشق متوارث نتاج خلطة عجيبة من التفاعل بين الإنسان وال" زمكان".

أحبّك الأطفال حتى قبل أن ينعموا بلقائك، هكذا على الأقل كان حال محمد وفرح وميار، وإذا كان هناك حبّ من أول نظرة، فحبّك تسلل إلى نفوس الأطفال حتى قبل النظرة الأولى، فأي ملكوت هذا الذي تملكينه؟ وأي سلطان هذا الذي تضربين بسيفه ؟

للقدس يطيب الكلام، وفي أكنافها يحلو اللقاء، وفي كل ركن من أركانها غرس التاريخ طيفا من تجلياته التي تجبرك على إعادة محاولات استكشاف ما تحمله معها من أسرار التميّز، ولانها القدس: ترحّب بزائريها، وتنشد من جديد نشيد البقاء على العهد.

هي القدس: بها ومعها ولها ، نمضي، ولها نجدّد عهد الانتماء سواء أتم ّ اللقاء أم لم يتم، فلا زالت في القدس حكايات من الوفاء وروايت من الحب، فالقدس رواية، بل موسوعة أو خاطرة .........لا بل ..هي كل هذا وذاك، ولذا أعلينا أسوارها في بناء الروح، فبات كل استحضار لها سببا في منح نفوسنا مزيدا من الألق.
دمت يا قدس، مدينة تجمع ولا تفرّق، كل ساحة فيك واحة، وكل شارع فيك جسر محبّة.