الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

طفولة تُستباح على مرأى بشر

نشر بتاريخ: 18/10/2015 ( آخر تحديث: 18/10/2015 الساعة: 10:02 )

الكاتب: صادق الخضور

مشاهد كثيرة، لطفولة تُستباح، والعالم صمت رهيب، قلنا إن الصمت قد يكون مردّه الذهول، لفظاعة المشاهد، لكن العالم واصل الصمت، وأقصى ما باح به: قلق، واستنكار، والتعبير عن الانزعاج!!!!!!!

طفولة تفقد كل ما يجب أن يقترن بالطفولة، ومشهد الطفل السوري الذي شغل الدنيا وملأ الناس لطفل وجدوه ملقى على ساحل بحر، بات يتكرر يوميا، فطفل هنا ملقى على قارعة طريق، وثان ذهب لشراء حاجياته ولم يعد لبيته ولحضن أمّه الدافئ، وثالث يصرخ ويستصرخ ويتأوّه، ولا يُقابل سوى بشتم ونعيق.

طفولة تُزهق، وأرواح بريئة تغادر الدنيا وقد تركت خلفها ألف علامة استغراب، فلماذا تبقى الأسئلة المشروعة لأطفالنا دون جواب؟
ولماذا أقفرت مواقف العالم عن إسناد أطفال عزّ عليهم أن تكون أرضهم من الأرض اليباب؟
ولماذا لا تستثير المشاهد حفيظة عالم لطالما تشدّق بحماية حق الأطفال؟ ولماذا؟
عندما كان صغارا، كنّا نلعب لعبة لماذا؟ ولأن. 

عشرة أسئلة مبدوءة ب"لماذا" مقابلها عشرة إجابات تبدأ ب" لأنّ"، وكم كانت الإجابات عفوية ومضحكة، وإذا ما أردنا الإجابة عن الأسئلة التي طرحناها في هذه الإطلالة لكانت الإجابات المبدوءة ب"لأن" مما يندرج في إطار" شرّ البليّة ما يضحك"، ف" لأن العالم لا يريد اتخاذ موقف" ولأنه غير معني، ولأنه... ولأنه ...............
طفولة، والطفولة يجب أن تقترن بالأمان، كيف لا وهي مهد البراءة؟!
طفولة تبحث عمّن يوفّر لها الحماية، والعالم بمؤسساته، وباتفاقياته، وبمواثيقه، عاجز عن توفير الحق في الحماية!!
طفولة ترحل، والمشاهد الفظيعة لا تنجح في تحريك مشاعر العالم الحرّ، هي لا تنجح لأن العالم رسب في امتحان الانتصار لطفولة كانت كل جريمتها أنها حالمة بالحياة؛ عازمة على صنع الانتصار.

تتراءى الطفولة في أروع تجلياتها في صورة طفل يبحث عن فضاء في سماء تلبدّت بالاحتلال، يتراءى المشهد مرارا وتكرارا والعالم لا يجيب، وتتماهى الصورة، والنتيجة أنه في المحصلّة رحيل دون موقف واضح لعالم لا يزال ينحاز لموقف ضبابي غير واضح.

يرى الأطفال مستقبل أوطانهم "على مرمى حجر"، وتُستباح طفولتهم على"مرأى بشر"، والمشاهد الموثقّة بالصوت والصورة لا تستجلب موقفا يتناسب وطبيعة الحدث، وكأن قلوب البشر باتت كالحجر.

قديما قالوا في وصف أي حدث جلل أو أي شخص استثنائي:" ملأ الدنيا وشغل الناس" ، ويبدو أن رحيل أطفالنا ملأ الدنيا لكنه للأسف لم يشغل الناس!!!!!!!!!!!!!!