الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ليس هذا تطبيعاً، اهلاً بالمثقفين العرب

نشر بتاريخ: 16/04/2016 ( آخر تحديث: 16/04/2016 الساعة: 15:58 )

الكاتب: بهاء رحال

استمعت الى الروائية العربية الكويتية وهي تقول لبعض الاصوات التي تتهم القادمين الى فلسطين لزيارتها بأنهم مطبعين مع الكيان الاسرائيلي، طارحة السؤال الآتي في مقابلة اجراها معها الشاعر الفلسطيني عبد السلام العطاري عبر أثير محطة راية المحلية، وقد امتلأت بكل اسباب الفرح والحزن والمشاعر المختلفة لحظة وصولها رام الله للمشاركة في أمسية قامت بإحيائها في متحف محمود درويش الى جانب عدد من الكتاب والشعراء والروائيين العرب والذين احتفلت بهم فلسطين عامة واستقبلتهم بحفاوة وترحاب ومن بين هؤلاء الزوار كان الروائي الجميل ابراهيم نصر الله والشاعر البحريني قاسم حداد والروائي السوداني حمور زيادة واللذين اضاءوا شمعة جديدة في التواصل مع فلسطين وأثلجوا صدورنا بهذه الزيارة وهذه الامسيات التي كانت تعبر عن اشتياق فلسطين لكل عربي وعربية من المحيط الى الخليج، لكن عدداً قليلاً من الاصوات عادت لتكرار اسطوانة التطبيع ذاتها التي تسوقها في كل مرة، والغريب في هذه الاصوات لهذا اليوم أنها لم تفرق بين التطبيع مع اسرائيل وبين زيارة فلسطين وسكان الارض المحتلة وما تعنيه هذه الزيارة من اسباب صمود وتواصل مع الاشقاء العرب وفي شتى المجالات، وليس فقط في مجال الثقافة والفن والإبداع بل في كل حقولنا الانسانية.

التساؤل الذي طرحته بثينة العيسى هو ما دفعني للكتابة حول هذه الزيارات التي شاركت بها لكي اتنفس الهواء العربي في فلسطين حقيقة كما تنفسوا هم هواء فلسطين وزيتونها وارتشفوا عميقاً من قهوتها ، قبل ان تنتهي زيارتهم القصيرة فتركوا احلامهم هنا وعادوا الى بلادهم ، على غير عادة الزائر الذي اذا زار بلداً حمل احلامه معه حين يعود الى بلده ، هؤلاء الكتاب الكبار لم يحملوا احلامهم من فلسطين بل حفظوها هنا تحت زيتونة ظللت امنياتهم واحتضنتها، لان فلسطين التي أحبوا وعشقوا وراحوا ينتظرون عمراً منذ أن كانوا صغاراً، منذ سنوات طفولتهم وقفوا ينتظرون موعداً مع فلسطين.

وفي وعودة الى تساؤل بثينة العيسى في مقابلتها حين قالت:
كيف اكون مطبعة وأنا جئت لزيارة فلسطين ووقفت على حواجزها انتظر لساعات كحال أي فلسطيني يسافر بين مدينة وأخرى ، فلو كنت مطبعة مع ذلك الكيان لفتحت لي الطرق جميعها، ولو كنت مطبعة لما اقتصر تصريح الزيارة عن ايام معدودة جداً، ولو كنت مطبعة لما حظيت بهذا الحب الذي استقبلتني به رام الله !!
هكذا اختصرت الروائية الكويتية اجابتها، وهكذا قطعت الطريق على تلك الاصوات التي تدعوا العرب الى عدم الزيارة، والى الابقاء على فلسطين معزولة عن عمقها العربي، فلا تكتفي فلسطين بالتواصل مع اشقائها العرب حين نزورهم وحين نجد كرم الضيافة والحب والشوق الذي يندفع من اعماقهم الى فلسطين، بل ان فلسطين تنتظر زوراها، تنتظر الاشقاء ان يتنفسوا هواءها ليكسروا عنها جدار العزلة ويغلقوا الافواه التي تريد ان تبقي فلسطين بعيدة، ويقطعوا الطريق أمام المخططات التي تهدف الى زرع المزيد من العزلة.