الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

زمن تكتبه خديجة

نشر بتاريخ: 17/04/2016 ( آخر تحديث: 17/04/2016 الساعة: 12:43 )

الكاتب: عوني المشني

يكتب الزمن حكايات العظماء فتكتب خديجة ابو عرقوب حكاية الزمن الفلسطيني العظيم
ليست مناضلة فحسب ، هي سفر كفاح كامل ،
ليست انسانة فحسب ، درة التاج على جبين الانسانية
ليست فلسطينية فحسب ، أيقونة فلسطينية خالدة
انها خديجة ابو عرقوب

قالو البداية كانت ١٩٦٥ فكانت قبل البدايات ، قالو الهزيمة عام ١٩٦٧ فجرت الغضب فكانت قبل الهزيمة ثورة غضب ، كانت ثورة قبل الثورة ، وبقيت ثورة بعد الثورة ، يتغير الزمن ولا تتغير ، يشيخ الرجال وخديجة لا تكبر ، انها بعمر الأمل لا اكثر وبعمر النصر لا اكثر وبعمر الشعب لا اكثر ، حملت السلاح مبكرا ، دخلت المعتقلات الاسرائيلية مبكرا ، خضعت للإقامة الجبرية مبكرا ، ولكنها لم تتقاعد مبكرا، كانت " امرأة وردة " ، صار الورد خديجة ، كانت بحجم الوطن ، صار الوطن بحجمها ، خديجة لا وقت لديها لتيأس ، ولا وقت لديها لتموت ،

الم تتعبي يا خديجة ؟!!!
ضحكت ببساطة وقالت ربما أنتم تعبتم مني
خديجة حكاية ليس لها نهاية
دائما لديها ما تفعله
ماذا تفعلي الان ؟!!
الف في الشوارع التقط الأولاد المتسربين من الدراسة واعيدهم للدراسة ، بفخر يبدو في عينيها قالت : من الأولاد الذين أعدتهم للمدرسة هناك واحد تخرج من الجامعة وآخر ما زال يدرس جامعة ،
كفى ، كفى يا خديجة ، لا تتكلمي ، كفى
كفى كم كشفت عجزنا وضعفنا ويأسا وبؤسنا
كفى فقد أسقطت كل أوراق التوت عن عوراتنا
كفى لقد فضحت كَذَبنا ونفاقنا
خديجة : لمن الأوسمة تعطى اذا لم تعطى لخديجة لمن الوطن يغني اذا لم يغني خديجة
لمن الورود يتفتح اذا لم يتفتح لخديجة
نسيت ان أقول : هناك من لا يعرفك ؟!!
قالت : وهناك من تنكر لمعرفتي .
قلت : من لا يعرف الوفاء لا يعرفك ، ومن لا يعرف الإيثار لا يعرفك ، ومن لا يعرف الانتماء لا يعرفك ، من لا يعرف الحنون والنرجس وشقائق النعمان لا يعرفك . من لا يعرف ابو شنار لا يعرفك ،
ضحكت بخجل وقالت الله يوفقهم ويحميهم

خديجة تذهب الى الادارة والتنظيم عسى ان ينصفوها ، يطلبون منها أوراق وإثباتات ، كيف لخديجة ان تثبت ؟!!! كيف لنهر ان يثبت مجراه ، كيف لزيتونة ان تثبت زيتها ، كيف لوردة ان نثبت أريجها ، لكيف لمخلوق ان يثبت خالقه ، كيف لرصاصةان تثبت بندقيتها ، كيف لام ان تثبت وليدها !!!!!!!
خديجة راتبها ثلاث آلاف شيكل !!!! يكفي ذلك !!! أكان الفيلسوف اليوناني العظيم ديوجين الذي قال ان الفضيلة هي غاية وسر السعادة ، أكان يتكلم عن خديجة ؟؟؟ ربما كان قبل الالاف السنين يذكر بحسه الفلسفي ان في مستقبل الزمان ستكون هناك خديجة ، ربما انه بمصباحه الذي كان يضيئه طيلة النهار بحثا عن الانسان الكامل لم يجد هذا الانسان الكامل اثناء حياته ولكنه بالتأكيد وبعد موته وجد خديجة ابو عرقوب هذا الانسان الكامل .

لي يا رب ثلاث امنيات
ان يعطى لنا بقدر ما نعطي ، وان تكون قامة الناس بقدر عطائهم ، وان يكون حساب الآخرة بما يفعله الانسان خيرا او شرا في وطنه
حينها ستكون خديجة من أغنى أغنياء فلسطين ، وستكون قامَتَها بعلو السماء ، وستحتل مكانة في الآخرة اقرب الى الاله من اي فلسطيني اخر
خديجة ، يا خديجة ،
الوطن اسمه خديجة
الوفاء اسمه خديجة
التضحية اسمها خديجة
كل الحكايات الجميلة كانت خديجة
البطولة ليس ان تموت من اجل الوطن ، البطولة ان تحيا من اجل الوطن ، هكذا هي خديجة .
ترى هل نسيت شيئا ؟!!!
نسيت انني احببت وطنا فيه خديجة
نسيت انني قرأت لغة أبجديتها خديجة
نسيت انني تعلمت درسا كتبته خديجة
هل نسيت شيئا ؟!!!
نسيت ان أنسى خديجة
لكن خديجة لم تنسى
ولم تطوى
وعلى جبين الشمس كانت
كم كبرت يا خديجة ، كم انت طفلة يا خديجة ، كم انت خديجة يا خديجة