الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورشة عمل وطنية

نشر بتاريخ: 10/11/2016 ( آخر تحديث: 10/11/2016 الساعة: 11:25 )

الكاتب: د.أحمد الشقاقي

عادت الفصائل الفلسطينية لتجتمع مجدداً على طاولة حوار مشتركة، لتناقش مبادرة النقاط العشر التي قدمها د.شلح الشهر الماضي، وننتظر أن نجد اختراقاً عملياً في مسألة تبني المبادرة، أو تناول تفاصيل عناوينها الرئيسية بنقاشات جادة تجعل حذر بعض الأطراف منها مسألة أساسية ومطلباً منطقياً للذهاب نحو تبنيها.

القرار الفصائلي بالذهاب نحو الحوار الوطني لبحث المبادرة هو أولى نجاحات المبادرة في نقطتها العاشرة وفق ما دعا د. شلح، هذا النجاح يسجل لنوعيته في المضمون المطروح للنقاش؛ فالحديث الفصائلي بهذا المجموع والحضور يذهب بنا نحو مربع جديد في شكل العلاقات الداخلية، ويضع المقاومة كصاحبة برنامج وهوية تستطيع أن تقدم جديداً، وأن تصيغ مع باقي مكونات شعبنا قواعد اللقاء وأجنداته الوطنية على الأرض الفلسطينية.

مبدئيا وفي إطار ما فعلته نقاط المبادرة من نقاشات جادة بين السياسيين والمثقفين والنخب فقد تمكنت من تحقيق نجاحات نوعية، أهمها: مواجهة التراجع الحاصل في الساحة الفلسطينية على الصعيد الرسمي، وبدلاً من تشخيص واقع مأزوم، أصبحت الأقلام والآراء تناقش آلية واقتراح وبرنامج ومدى جدواه وإمكانيات تطبيقه وتجاوز ما يمكن أن يشكل عائقا أمام تطبيقها، بما لا يتعارض مع أساسها الذي طرحت بناءً عليه.

كذلك فان السياق الذي تتدحرج عبره المبادرة يكسبها مزيداً من الزخم، ويمدها بعوامل إجماع وطني، فقد وجدنا حرصاً من فصائل وطنية ومراكز بحثية على المبادرة إلى نقاش النقاط العشر وسبل تطبيقها، بما يعزز منطق الحاجة إليها في ظل حالة الفراغ والترقب السياسي للحالة الفلسطينية.

إدارة حركة الجهاد الإسلامي لسياق مداولات المبادرة مع الفصائل الفلسطينية، تؤكد أن هناك خطة عمل لطرح هذه المبادرة، فبعد التواصل الذي قامت به الجهاد مع الفصائل وتسليمها لتفاصيل المبادرة، وصلنا أخيراً إلى مشهد ورشة العمل الذي يعني أن هناك حرصاً لدى أصحاب المبادرة على الاستماع إلى الملاحظات البناءة في سبيل تحقيق غاية المبادرة، وليس الترحيب والإشادة فقط.

صمام الأمان في ورشة العمل التي انطلقت هو أن البرنامج الذي تقدمه وطني بامتياز، يتجاوز الصراعات السلطوية، ويتعامل مع المرحلة بمرونة سياسية عالية، خصوصا وان أطراف الإقليم بدأت أيضاً تتفاعل مع المبادرة، والدعوة المصرية لوفد الجهاد لزيارة القاهرة يمكن أن تأتي بنتائج مهمة، حال جاءت الزيارة بعد نتائج ايجابية تخرج بها ورشة العمل المنطلقة.

وأمام ورشة العمل هذه فإن مجمل ما ينتظره الفلسطيني من هذه اللقاءات والحوارات يتحدد في:

أولاً: أن تستمر المشاركة الفلسطينية بكافة الأطياف السياسية في الورشة الوطنية، بما يعالج أوجه التحفظ لدى البعض منها، وبما يضمن تحقيق برنامج توافقي ينطلق من أسس نوعية، بعد فشل خيار التسوية والتهرب الدولي من استحقاقات عملية السلام.

ثانياً: أن يتجاوز المجتمعون الإطار الفصائلي، وان يضعوا نصب أعينهم عمق الحاجة الشعبية لحلحلة الوضع الصعب على الصعيد الإنساني والخدماتي، بما يعزز صمود الجمهور ويؤهله لمواصلة احتضان مقاومته، من خلال البحث في آليات محددة لضمان تحقيق ذلك.

ثالثاً: الجمهور الفلسطيني بحاجة إلى وضعه بصورة النقاشات التي تجرى بين فصائله وهو يحدد خياراته في التعامل مع استحقاقات المرحلة، وإن كان ينبغي الاستماع لموقفه بصورة مباشرة على اعتبار أن قرار الشارع قد يسبق ساسته، الذين يضعون في اعتبارهم مواءمات سياسية يتخلص منها الجمهور.

رابعاً: تميزت المبادرة بنقاطها، وبأسلوب نقاشها، وهو ما يدفعنا للقول إن الأرض الفلسطينية التي احتضنت هذا الحوار الوطني مكسب حقيقي، بحاجة للتطوير، فمثل هذه الورشات ننتظرها في الضفة الغربية والشتات الفلسطيني بعد أن بدأت في قطاع غزة.

المكسب الحقيقي بحالة الحوار الوطني يدفع بمزيد من الأمل لتواصل هذه اللقاءات على قاعدة الوطن، وليست الحكومة والكرسي. لقد خضنا تجربة لجان المصالحة والمحاصصة ففشلت كل تفاهماتها، ومحاولة النقاط العشر كسر الجمود السياسي نجحت، وننتظر استثماراً جدياً لطرح وطني، بحاجة إلى آليات محددة في التمييز بين إدارة خدمة المواطن، وإدارة الصراع مع الاحتلال، وآليات تعزيز صمود الناس، بما يشكل دعائم قرار وطني مستقل.