السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

النقاط العشر حاجة تتجاوز الاستثمار

نشر بتاريخ: 17/11/2016 ( آخر تحديث: 17/11/2016 الساعة: 11:24 )

الكاتب: د.أحمد الشقاقي

تشهد الساحة الداخلية الفلسطينية حراكاً سياسياً نوعياً يبشر بإمكانية تجاوزنا لمعادلة التجديد نحو منطق التغيير. النشاط السياسي الفلسطيني الذي أعقب فترة جمود في كافة الملفات، يذهب بنا نحو شتاء دافئ تقدم فيها التنظيمات الفلسطينية وعودا بترتيب أوضاعها الداخلية سواء بانتخابات داخلية تجرى التحضيرات لها عند حماس، أو عقد المؤتمر السابع لحركة فتح نهاية الشهر الجاري.

النوعية التي أصابت الفعل السياسي الفلسطيني تأتي في التوجه الجديد المطروح على الساحة، والذي تتصدره حركة الجهاد بعد أن قدمت مبادرتها ذات النقاط العشر لمحاولة الانتقال بالمشهد الفلسطيني إلى مرحلة العلاج عبر وأد الداء.

جملة من الملاحظات يمكن تسجيلها على مسار خطة العمل التي يتبناها أصحاب النقاط العشر، أولها النوعية، وثانيها المنهجية والآلية، وثالثها قاعدة المشاركة. وتشكل هذه الملاحظات محددات نجاح لعمل منظم يسعى للخروج من المشهد الفلسطيني من إحباط المرحلة وتدنى الآمال في المستقبل.

الانطلاق العملي في برنامج النقاط العشر من نقطته الأخيرة، يؤكد أنها جاءت من منطق الحاجة وليس الاستثمار، بمعنى أن هناك قراراً لدى من يتبنى المبادرة بالاستجابة للرغبات الشعبية والدعوات الجماهيرية، لإنهاء الانقسام بشكل فعلي بعيداً عن اتفاقات محاصصة ولجان العمل الحزبية والمكوكية المتنقلة بين العواصم دون جدوى!!

أولاً: ينبغي الإشارة إلى أن نوعية الدعوة التي وجهتها حركة الجهاد الإسلامي إلى حوار وطني يستجيب إليه جميع المكونات الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، هو انتصار كبير للإرادة السياسية، واقتناع من المشاركين بوطنية صاحب الدعوة، وبسلامة مقصده في الذهاب نحو مصالحة وطنية على قاعدة أن واجب التحرير أسقط وهم السلطة.

كذلك فإن الرؤية السياسية التي تأخذ بالحسبان الحالة الإقليمية والمشهد العربي والدولي تضمن نجاح المبادرة، وتؤكد أن هناك جهداً حثيثاً لتحقيقها، وليس من أجل شغل الساحة الفلسطينية ببرنامج سياسي مثالي لا يتطابق مع منطق الجمهور الفلسطيني، يلامس معاناته، ويتبنى آماله. مسارات الاتصال والحوار مع الشقيقة مصر، والحرص على أن تكون جزءاً من أي تفاهمات يتوافق عليها الفلسطينيون، يدفع بالمركب الفلسطيني في اتجاهه السليم، بالاستناد إلى مصالحة لا تذهب نحو مشروع التسوية الفاشل مجدداً. وهو ما يسجل كنجاح للمبادرة في نقطتها الثامنة التي تدعو إلى الاتصال بكافة الأطراف العربية والإسلامية، والحديث بشكل خاص عن مصر والعمل معها على إنهاء الحصار والسماح بإعادة الاعمار.

ثانياً: المراقب للمنهجية والآلية في أداء أصحاب المبادرة يراها تسير متدحرجة، تحمل معها مزيداً من التأييد، وتضفي عليها زخماً نخبوياً، وأصداء شعبية كبيرة، تؤهلها للنقاش السياسي بين كافة المكونات الفلسطينية، وتجعلها حاضرة بقوة بين الساسة والمثقفين، لتفرض نفسها على جدول الأعمال الوطني بمزيد من المشاركات النقاشية مع أطراف فلسطينية أخرى.

كذلك فإنه من الملفت، سياسة التروي المرافقة لحجم النشاط والعمل الدءوب الذي يحكم مسار عمل النقاط العشر، وهو ما يتضح في حرص الداعين إلى المبادرة لمواصلة العصف الذهني بين النخب، قبل الانتقال إلى الجمهور والقاعدة الشعبية، التي أصبحت تنتظر من المبادرة أن تحقق ما تسعى إليه في عنوانين رئيسيين: المصالحة، وتجاوز المعاناة الإنسانية.

ثالثاً: قدمت ورشات العمل التي تخوض في تفاصيل نقاط المبادرة –بحكم مشاركتي في حلقتها الثانية- نموذجاً لبرنامج ينطلق بالأساس من احترام من يشارك في التعليق على المبادرة، وإثرائها بأفكار نوعية من باب تعزيز حضورها، والمضي بها نحو التكامل بما يتواءم مع منطلقات الكل الفلسطيني، وإن كنّا ننتظر مزيداً من الورشات مع فئات أخرى، وفي كافة مناطق التواجد سواء في الضفة الغربية أو الشتات.

أخيراً فإن الجميع يدرك أن مفتاح المشهد الفلسطيني حالياً يحمله الرئيس محمود عباس، الذي يحتاج مزيداً من الضغط وبكافة الأطر والمستويات شعبياً وتنظيمياً؛ كي ننتقل إلى الخطوة الثانية بعد أن تكتمل مشاهد النقاشات التي تحظى بها الساحة الداخلية، لنصل إلى دعوة جدية باجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، بدلاً من التلويح بالذهاب بشكل منفرد نحو انتخابات تشريعية ومجلس وطني ستعمق الأزمة الداخلية.