الأحد: 16/06/2024 بتوقيت القدس الشريف

مرة اخرى حول جدلية انعقاد وانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني ...

نشر بتاريخ: 22/12/2016 ( آخر تحديث: 22/12/2016 الساعة: 15:35 )

الكاتب: يونس العموري

كثيرة هي الاحاديث العامة والعمومية بخطوطها العريضة التي تتكاثر هذه الايام ومنذ فترة بعيدة وتحديدا ما بعد انعقاد دورة المؤتمر السابع لحركة فتح ، وتزايدات هذه الاقاويل حتى اصبحت حقيقة ضمن ما يسمى بوثيقة المصالحة بين قطبي معادلة الانقسام الوطني حول ضرورة انبعاث الحياة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، على راسها مؤسسة المجلس الوطني واعادة تأهيل عضويته من جديد وذلك من خلال الانتخابات العامة له في كافة اماكن التواجد الفلسطيني وهو الامر الذي اعتقد انه يشكل حالة جدلية لابد من اعادة تفكيك رموز معادلتها حتى نتفهم هذا الجدل الدائر في اروقة الاطر القيادية الفلسطينية على مختلف توجهاتها ومشاربها... 

وهنا لابد من التوقف والتأمل قليلا امام هذه الاطروحة وحتى نستوعب هذا الجدل لابد من اعادة الامور الى مفاهيمها ومنطلقاتها الصحيحة والاساسية حيث انه من المعلوم ان مؤسسة المجلس الوطني انما يعتبر المؤسسة العليا التشريعية لمنظمة التحرير ومنظمة التحرير هنا من المفترض انها بمثابة إئتلاف القوى الثورية العاملة على الساحة الفلسطينية لإنجاز الاهداف الوطنية العامة للشعب الفلسطيني وتحصيل حقوقه التاريخية والمتمثلة بانجاز حقه بتقرير المصير واقامة الدولة المستقلة ذات السيادة وكنس الاحتلال عن كامل التراب الوطني الفلسطيني وانجاز حقه بالعودة الى دياره التي شُرد منها تشريدا... 

وعلى هذا الاساس فان منظمة التحرير ووفقا لنظامها الاساسي وميثاقها الوطني الناظم لها ولعلاقاتها ولمفاهيمها وشعاراتها العملية واساليب فعلها ونضالها وكفاحها هي المعبر الفعلي عن جماهير الشعب كل االشعب، وبالتالي فان منظمة التحرير الفلسطيينة هي الاسم الفعلي والحقيقي للثورة الفلسطينية المنطلقة من اجل تأطير العملية الكفاحية ضد الاحتلال وقواه وتحالفاته، وهي الثورة التي انطلقت من منطلقات الفهم الثوري النضالي الكفاحي القائم على اسس علمية عملية وبالتالي اضحت هذه الثورة هي المعبرة الفعلية عن الشعب الفلسطيني وتطلعاته وعلى هذا الاساس جاء تشكيل منظمة التحرير وتم مأسستها على اساس ثوري كفاحي يلبي وقائع مرحلة التحرر الوطني وقوانينها وبالتالي كان المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان الثورة) قد باشر بوضع اللبنات الاساسية لمفاهيم العملية التحررية الوطنية وصاغ جملة الاهداف والمنطلقات وانطلق بالتالي بممارسة التشريع الثوري النضالي اتجاه تفاعلات القضية الفلسطينية بمختلف محطاته وحيث ان منظمة التحرير قد ادركت حقيقة مهمتها بالاساس فقد صاغت برامجها على تلك الاسس سالفة الذكر وتشكلت بالتالي المجالس الوطنية وفقا لمتطلبات الواقع الثوري الكفاحي التي بالضرورة ستكون معبرة عن حقيقة المرحلة وحقيقة الشعب بمختلف تنوعاته ومشاربه الفكرية والايدلوجية والجغرافية وتنوع طبقاته وشرائحة الاجتماعية حيث استطاع هنا القائمون على تأسيس منظمة التحرير القادة الاوائل من ابتكار المعادلة التوافقية التي تلبي احتياجات الفعل المؤسساتي المتطابق مع الفعل الثوري النضالي وضروراته . 

وهنا انتزعت منظمة التحرير التمثيل الوطني والشرعي للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده بل اضحت هذه المنظمة هي الممثل الوحيد والحصري للشعب الفلسطيني الامر الذي جعل من مؤسسة المجلس الوطني الفلسطيني مؤسسة تشريعية حقيقية يتم اتخاذ القرارات المصيرية للمسار السياسي والكفاحي لجماهير الشعب وبالتالي لتشكيلات الثورة والمقاومة وهو ما اكسب مؤسسة المجلس الوطني مكانة رفيعة لها التقدير والاحترام وبقيت مسألة تشكيل المجلس خاضعة للصيغة التوافقية ما بين القوى الكفاحية النضالية وفقا لقوانين مرحلة التحرر الوطني ولإفرازات الاتحادت الشعبية والنقابية المؤطرة في تكوينات المجتمعات الفلسطينية على امتداد بقاع الشتات واللجوء حيث ان ما يسمى باجراء الانتخابات العامة لبرلمان الثورة لا يمكن ان يستوي والفعل النضالي التحرري... وكان قانون صناديق البنادق النضالية من يفرض المعادلة لا صناديق الانتخابات...

واستنادا على ما تقدم يفرض السؤال ذاته هنا هل من الممكن اجراء انتخابات لبرلمان الثورة (المجلس الوطني)...؟؟ وهل يستوي الفعل التحرري بقوانين مرحلة التحرر الوطني وقواعد ما يسمى بالعملية الديمقراطية..؟؟ ان الاجابة على هذه الاستفسارات يتطلب اولا واساسا الاجابة على السؤال المركزي والمتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية ذاتها فهل ما زالت تشكل الثورة...؟؟ بمعنى هل منظمة التحرير الفلسطينية ما زالت فعلا المعبر الفعلي والحقيقي عن ثورة الشعب الفلسطيني..؟؟ وحيث ذلك نستطيع هنا ان نعرف ونعلم ان كان يستوي اجراء انتخابات لبرلمان الثورة او لا..؟؟

ان منظمة التحرير ووفقا لميثاقها ولنظامها الاساسي ما زالت هي الثورة والمُعبر عنها من خلال م.ت.ف ومن الناحية القانونية المجردة فإن منظمة التحرير انما يُعبر عن هويتها وبكافة المحافل الاقليمية والدولية كونها حركة تحرر وطني، بمعنى انها ثورة الشعب الفلسطيني.. وحيث ذلك فإن حركة التحرر (الثورة) لا تتشكل وفقا لفعل انتخابي ديمقراطي او وفقا لإستفتاء شعبي عام.. وشخوص هذه الثورة لا يمكن ان يأتوا الى مؤسساتها عبر الانتخابات التي تسمى بالديمقراطية... الثورة هي الفعل المضاد والعنيف بقوة الشعب والجماهير المؤمنة بحريتها وانتزاع حقوقها من خلال قيادة النخبة للثورة التي تلتف حولها ويكون لها الالتفاف والاعتراف بها بما تمثله من قبل جماهيرها وبالتالي يكون لهذه الثورة ولأطرها الاعتراف والتأييد بما تلبي من خلال فعلها وبرامجها تطلعات جماهيرها وهذه قوانين الفعل الثوري...

ان هذا الجدل الذي اخذ المنحنى الخطير حتى اصبح وكانه القاعدة التي من المفروض ان تسود والمسمى بضرورة اجراء انتخابات المجلس الوطني (برلمان الثورة الفلسطينية) حتى يكون الاصلاح المنشود لهياكل واطر المنظمة ما هو الا جدلا يحمل بطياته الفعل الخبيث بشكل مقصود او غير مقصود، وقد يؤدي وحتما سيؤدي الى الهاوية واندثار المعنى الثوري لمنظمة التحرير حيث الليبرالية الجديدة والقوى المضادة حتما ستجد لذاتها المكان الابرز في واجهة القيادة الامر الذي يعني نسف كل ادبيات المنظمة وبالتالي افراغ هذه المنظمة من محتواها الوطني بابعاده الثورية التحررية على طريق احالتها الى اكازيون التقاعد لتصبح بالتالي مجرد يافطة فارغة مجوفة المضامين والمعاني...

وحيث ذلك ونباء على ما تقدم ووفقا للفهم الموضوعي والعملي لماهية منظمة التحرير ومنطلقاتها وحسب منطق الواقع الراهن بكل تجلياته ومعطياته وافرازاته وتوصيف مرحلة التحرر الوطني اتصور ان الدعوة بضرورة اجراء انتخبات عامة للمجلس الوطني (برلمان الثورة) ستكون بمثابة نهاية الثورة (منظمة التحرير الفسطينية) بمعناها الكلاسيكي التحرري الثوري الكفاحي.