السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

المهبط ودلال.. دلالات الهبوط

نشر بتاريخ: 04/06/2017 ( آخر تحديث: 04/06/2017 الساعة: 12:03 )

الكاتب: رامي مهداوي

مع كثرة الأخبار في الفضاء الفلسطيني، أصبحنا لا نستطيع النظر الى ما وراء الحدث و/أو ربط الصور المتناثرة هنا وهناك ببعضها البعض حتى نستطيع مشاهدة الصورة الأكبر والإطار الحاضن لها. ومن زاوية أخرى كيف يجب أن نتعامل مع ما حدث من خلال الإجابة على: لماذا هذا الحدث؟ كيف تم الحدث؟ هل كان بالإمكان عدم حدوث الحدث؟ والأهم ما وراء الحدث؟!
لا أعرف إذا ما كانت مجرد مصادفة وقوع حدثين منفصلين خلال الأيام الماضية، الأول غرب مدينة غزة والثاني في بلدة برقة بمحافظة نابلس. وتم التعامل معهما كخبر والمرور عليهما مرور الكرام دون استخلاص العبر والإجابة على الأسئلة التي ذكرتها في الفقرة الأولى من قبل جهات الإختصاص والمؤسسات ذات الصلة، بل على العكس هناك من إكتفى فقط بإصدار بيان!!
الحدث الأول: أعلن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة ليلة أمس، الثلاثاء 30 أيار 2017، عن وقف دعمه لمركز نسوي فلسطيني في بلدة برقة في محافظة نابلس استجابة لطلب من الاحتلال؛ وذلك بحجة اطلاق اسم الشهيدة دلال المغربي على المركز، مع الأخذ بعين الإعتبار أن النرويج سبق وأعلنت رفضها اطلاق اسم دلال المغربي على المركز. وطالبت السلطة الفلسطينية بإزالة شعار وزارة الخارجية النرويجية عن المبنى الذي ساهمت في بنائه، واستعادة الأموال التي دفعتها في بناءه. وجاء هذا الموقف على لسان وزير خارجية النرويج بورج براند.
الحدث الثاني: وضع السفير القطري محمد العمادي برفقة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية قبل أيام حجر الأساس لبناء مقر اللجنة القطرية وبيت السفير في أرض مهبط طائرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات.
وجه الشبه والإختلاف بين الحدثين؛ هو من يدفع المال يريد تغيير المفاهيم والهوية الوطنية بما يتلاءم مع أجنداته، لكن المعيب أن يتم الإنسياق وراء ذلك لأسباب مادية فهو التخذال بحد ذاته، لسبب بسيط وهو أن هناك فرق كبير بين تدمير التاريخ وإستبداله برواية تم نسجهاحديثاً من جهة، وإعادة إحياء تاريخ الشهداء في ذاكرة الأجيال الجديدة من خلال بناء العمل الوطني على قواعد سليمة للأجيال من جهة أخرى.
وما بين المهبط ودلال تكمن العديد من دلالات الهبوط التي يجب أن تقرأ بشكل عميق، أهمها أن إسرائيل من خلال مؤسساتها المختلفة تتابع عملية محو الذاكرة الفلسطينية بأدوات دبلوماسية في المقابل لا يوجد أي عمل من الطرف الفلسطيني في مواجهة ذلك أو/ و النضال المعاكس لما تقوم به ماكنة الإحتلال من نسج الروايات المختلفة التي تعزز صورتها كدولة لها تاريخها وحضارتها والأمثلة على ذلك كثيرة.
أما حركة حماس عليها أن تستيقظ من حالة الهبوط وأن لا تخسر شعبيتها التي بدأت بالتراجع بعد أن أظهرت جوعها وعطشها للسلطة غير مكترثة بالهوية الوطنية بقدر ما تهتم بذاتها الإسلاماوية حتى تضمن أنها تتنفس وعلى قيد الحياة. على حماس أن تدرك بأن المساس بإرث ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين وكل القيادات هو ليس المساس بحركة فتح أو حماس والفصائل الأخرى فقط!! وإنما المساس بتاريخ شعب ورموزه.
أخشى ما أخشاه بأن دلالات الهبوط أصبحت تتزايد غير مكترثين بالنتائج بعيدة المدى، والمحزن أننا نتعامل معها فقط كأخبار سريعة، وردود أفعالنا لا تتجاوز بيان صحفي بصيغة عامة، للأسف ليس فقط الإحتلال من يهدف لمحو الذاكرة الفلسطينية بل أصبح البعض الفلسطيني يستمتع في ذلك مفتخراً!!