الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ثلاثاء...الامتحان للمصالحة الفلسطينية..!!

نشر بتاريخ: 09/10/2017 ( آخر تحديث: 09/10/2017 الساعة: 18:05 )

الكاتب: عماد عفانه

بعدما أعلنت كل من فتح وحماس أسماء وفديها للقاء المصالحة المقرر عقده الثلاثاء في مقر المخابرات المصرية، أعلنت مصر أن اللقاء سيحظى بسرية تامة بعيدا عن الاعلام المتهم بإفساد الطبخات عبر تسريبه للروائح الكريهة للقاءات أحيانا.
متابعو لقاء القاهرة سيكونون بالتأكيد أكبر بكثير من متابعي مباراة المنتخب المصري أمام الكونغو للتأهل لكأس العالم، غير أن الجماهير في غزة لن يتسنى لها متابعة اللقاءات عبر الشاشات في المقاهي والساحات العامة، فللمخابرات ترتيبات تختلف كليا عن ترتيبات كرة القدم.
أعلنت حكومة الوفاق برئاسة الحمد الله أنها تسلمت كافة مقاليد الحكم في غزة، كما أعلنت حماس أن سلمت كافة الوزارات في غزة للحكومة التي باتت مسئولة مسئولية تامة عن غزة بكل تفاصيلها، إلا أن الحكومة بوزرائها والمئات من المدراء والمرافقين غادروا غزة وكأنهم ضيوف وليسوا أصحاب البيت، تاركين خلفهم مئات الوعود الجافة.
ينقسم الشعب الفلسطيني حيال المصالحة بشكل عام بين متفائل ومتشائم ومتشائل، نظرا لتضارب المعطيات على الأرض والتي منها على سبيل المثال:
أعلن الرئيس عباس بنفسه ان العقوبات سترفع عن غزة وسينعم أهلها بالكهرباء والدواء والمعابر والوظائف وغيرها فور حل حماس للجنة الإدارية، فحلت حماس اللجنة ولم ترفع العقوبات.
ثم قالوا إن تأجيل الإعلان عن رفع العقوبات حتى عقد اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح، فانعقد اللقاء ولم ترفع العقوبات.
ثم قالوا إن تأجيل رفع العقوبات سيتم حتى اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح فانعقد الاجتماع ولم ترفع العقوبات.
ثم ها هي حكومة الحمد الله تؤجل رفع العقوبات والوفاء بوعودها انتظارا لنتائج لقاء الثلاثاء في القاهرة، علما أن اللقاء سيناقش أمور لها علاقة بالمرجعيات الكلية وليس بتفاصيل حياة الغزيين كأزمة الكهرباء والدواء والتحويلات الطبية وغيرها. !!.
أعلن السنوار رئيس حماس في غزة أكثر من مرة وأمام أكثر من تجمع للشباب تارة وللفصائل تارة أخرى أن حماس لم تعد عنوانا للحكم في القطاع، وأن تخليها عن حكم غزة نهائي؛ ما يعني أن مسؤوليتها في التصدي لهموم أهل غزة كالأوضاع الاقتصادية ومصير الموظفين وغيرها ليست أكثر من مسئولية فتح أو الجبهة الشعبية أو غيرها.
دحلان الغائب الحاضر:
أجبرت أعباء الحكم في ظل الحصار حماس على تجرع السم عبر فتح خطوط تعاون مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان الخصم اللدود لمحمود عباس، للحصول على الدعم المادي الاماراتي لأهل غزة، إلا أنها وبعد التخلي عن الحكم لم تعد حماس بحاجة لاستمرار هذا التعامل اللهم إلا كما يتعامل صاحب بيت على وجود المراحيض فيه.
حرمة سلاح المقاومة:
قلنا وسنبقى نقول إن مطلب عباس من حماس حل اللجنة الإدارية لإتمام المصالحة وعودة حكومة التوافق إلى غزة لم يكن هو الغاية بل كان الستار، وان عين الرئيس عباس ومن خلفه "اسرائيل" ستبقى على سلاح حماس، لذلك كان أول شيء طرحه عباس في أول مقابله صحفية له بعد المصالحة مع لميس الحديدي هو سلاح المقاومة عبر الشعار الذي رفعه سلطة واحدة قرار واحد سلاح واحد.
إلا أن حماس تستطيع بسهولة التغلب على هذا المطلب غير الواقعي عبر التحصن بالمرجعيات الكلية للقضية الفلسطينية، وإعادة القضية إلى وضعها الطبيعي كقضية تحرر وطني وليس خلاف على سلطة تحت الاحتلال، وتستطيع حماس بسهولة تدعمها العاطفة الوطنية تكوين رأي عام شامل من كافة القوى والفصائل والشخصيات الاعتبارية تعجز معه حركة فتح المساومة على سلاح المقاومة لتحقيق مطالب الشعب.
أعلنت حماس بشكل غير مباشر أن مصر هي الضامن لسلاح المقاومة، وان سحبه من عدمه مرتبط باتفاق شامل مع "اسرائيل"، نظرا لأن المخابرات المصرية بات تدرك أن سلاح المقاومة له وعليه، وأن بقائه ضمانة لعدم شيوع حالة من الفوضى نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية للناس، وانه أحد ضمانات حماية شمال سيناء من تسلل المتطرفين إليها عبر الحدود مع رفح. لكن يخطئ من يظن أن سلاح المقاومة يمكن أن يشكل حالة ردع أو أن يطلق رصاصة واحدة على شعب جائع إذا فكر بالانفجار شمالا عبر حواجز الاحتلال، أو جنوبا عبر الحدود المصرية.
كما أن حماس تستطيع أن تتحول من مقاعد الدفاع إلى الهجوم في لقاء الثلاثاء عبر طرح عدد من القضايا الكلية للقضية الفلسطينية، مثل قضية موقع الضفة المحتلة من المصالحة ومسؤولية السلطة عن توفير الحريات لشعب تنتهك حرمته تحت حراب المحتل دون أن يتمكن سلاح السلطة الوحد في الضفة من الدفاع عنه، فضلا عن قضية المعتقلين السياسيين والتعاون الأمني مع العدو رغم قرارات اللجنة المركزية للمنظمة مؤخرا بوقفه.
كما تستطيع حماس أن تطرح موضوع الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في المنافي والشتات ودوره في مقارعة الاحتلال من خلال إعادة بناء منظمة التحرير البيت المعنوي للشعب الفلسطينية، والإصرار على الانتخابات المتزامنة للرئاسة والوطني والتشريعي ومن قبله البلديات.
لا تذهب حماس خالية الوفاض من أوراق القوة، ففي الوقت الذي يبدي فيه متحدثو حماس إبداء أقصى أنواع المرونة، ربما بات على متحدثيها أيضا التلويح ببعض أوراق القوة مثل ورقة انفجار الضفة الغربية وانهيار السلطة ودور السلطة في تسهيل الاستيطان والتهويد وغياب أي أفق السياسي لخيار عباس.
غازلت حماس في الأيام الأخيرة كثيرا النظام المصري ورئيسه السيسي، فيما بدا أنه تنكر لداعميها السابقين، لذا يجدر بحماس إرسال إشارات إيجابية لداعميها التقليديين وإن بدت أنها واثقة من تفهمهم لمواقفها الأخيرة، فالمراهنة على طرف دون آخر في بيئة الرمال السياسية والإقليمية المتحركة يعتبر خطأـ كبير.
حماس وصفقة القرن:
أدرج بعض كبار المحللين المصالحة الفلسطينية وهذه الهرولة المصرية باتجاه حماس والصمت الصهيوني والموافقة الامريكية في إطار تنفيذ صفقة القرن القاضية بتسكين القضية الفلسطينية وتخزين سلاح المقاومة لتمرير الهجوم العربي للسلام والتطبيع على أرضية حل مؤقت للقضية الفلسطينية عبر دولة في غزة ذات امتداد في سيناء، الأمر الذي يطرح على حماس بعض التساؤلات من قبيل:
ماذا لو أجبرت المصالحة وضامنها المصري حركة حماس على تخزين سلاحها في غزة لتمرير صفقة القرن. !!.
وما هي فرص حماس في اللجوء إلى حلفائها الإقليميين للمساعدة في تمويل إحياء جبهات مقاومة أخرى على الحدود مع العدو...!!.
وما هي فرص حماس في النهوض بواقع المقاومة في الضفة والقدس المحتلة لجهة محاكاة البنية التحتية للمقاومة في غزة. !!.
وما هو الدور الجديد المنوط بالفلسطينيين داخل حدود 48 في ظل معركة الوجود الشاملة التي يشنها العدو على شعبنا الفلسطيني. !!.
تساؤلات ذات إجابات صعبة لكنها ضرورية للنجاح في الامتحان الوطني.