الخميس: 09/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

منشأة استخبارية أم تمهيد لسفارة أمريكية في القدس؟

نشر بتاريخ: 14/05/2018 ( آخر تحديث: 14/05/2018 الساعة: 20:06 )

الكاتب: واصف عريقات

خبير ومحلل عسكري
هذا المقال كتبته يوم 10 - 2- 2014 وتم نشره واليوم يؤكد ما جاء فيه
ذرائع إقامة منشأة استخبارية كبيرة لوكالة الأمن القومي الأمريكية إن إس إيه في مدينة القدس المحتلة واهية وضعيفة ولا يمكن لعاقل أن يصدقها وهي خطوة تثير الكثير من الشكوك والوساوس والأسئلة، في زمن تستعر فيه الإجراءات الإسرائيلية لتهويد القدس وإلغاء للوجود الفلسطيني والعربي الإسلامي فيها ويكثر فيه الحديث عن حلول ومقترحات ومشاريع اطر أمريكية، وهي في حقيقة الأمر تمهيد لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس التي طالما تأخرت لدواعي أمنية تتحقق الآن وهذا يعني اعتراف غير مباشر بالقدس عاصمة لإسرائيل وحقوقها المزعومة فيها، إضافة للتأكيد على الدور الأمريكي المؤيد والمنحاز بالكامل لإسرائيل وينفي عنه صفة الوسيط النزيه وهو ما أكده ويؤكد عليه الفلسطينيون دائما، وهنا نتذكر عرض الرئيس الأمريكي جونسون على السوفيت بعد عدوان 1967 أن تتولى واشنطن حماية الأماكن المقدسة في القدس مع ضمانات دولية بحرية الوصول إليها، ومع عدم تنفيذ الاقتراح أعلن جونسون"أن أحدا لايرغب في أن يرى المدينة المقدسة مقسمة مرة أخرى" وكذلك فعل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان عام 1981 ثم وقع عقد إيجار لأربعة عشر فدانا من أراضي الوقف الإسلامي في القدس لمدة 99 سنة مقابل دولار واحد في السنة لدواعي إنشاء السفارة الأمريكية عليها . وفي عام 1990 أعلن الرئيس جورج بوش حق الصهاينة في استيطان القدس وأصبحت قضية نقل السفارة ميدان منافسة ومزايدة للأحزاب الأمريكية من اجل الوصول للحكم وإرضاء إسرائيل، لكن الخطوة الأخطر جاءت في إقرار الكونجرس الأمريكي لقانون سفارة القدس عام 1995. كما اعترف بيل كلينتون بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووقع جورج بوش عام 2001 مذكرة تسمح للخارجية الأمريكية بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس مع إرجاء التنفيذ ستة أشهر كما كان يفعل بيل كلينتون .
أما الحديث عن نصب هوائيات تستخدم لرصد الإشارات اللاسلكية من الأقمار الصناعية والاختباء تحت عباءة أن الموقع الجغرافي للقدس المحتلة يتيح التقاط الإشارات من أهم الأقمار الصناعية المخصصة للاتصالات في العالم، الأمر الذي يساهم بشكل ملحوظ في تعزيز قدرات الاستخبارات الأمريكية في هذا المجال. ما هو إلا كذب وتضليل وقنبلة دخانية للتعمية على المخططات الأمريكية المشبوهة ويزيد الطين بله . فلا يمكن أن تكون القدس مقرا للتجسس والتصنت والاعتداء على حريات الغير والتخطيط للشر، مكانة القدس ارفع وأسمى من ذلك وهي عاصمة للدولة الفلسطينية ومدينة للسلام والوئام وتلاقي الأديان ، فالموضوع الإستخباري التقني لو كان هو الهدف فيمكن أن تقوم به القاعدة الأمريكية الضخمة (نباطيم) براداراتها ومعداتها المتطورة الموجودة في النقب وفيها أكثر من 120 ضابط وخبير أمريكي، والتي تستطيع رصد وملاحقة أي جسم بحجم كرة البيسبول وعلى مسافة 4700 كم وكذلك يمكن فعلها مع الإشارات اللاسلكية والرسائل والمكالمات.
وقد أقرت الولايات المتحدة الأمريكية بالقدرات الإسرائيلية الإستخبارية الموجودة في النقب أيضا وخاصة وحدة التجسس والتصنت 8200 . كما أوردت مجلة (ليموند دبلوماتيكا) الفرنسية تقريرا عن اورانيم أكبر قاعدة تنصت إسرائيلية التي تتواجد فيها الوحدة وقالت أنها تضاهي القواعد الأمريكية والفرنسية، كما أن تواجد المعدات والبوارج الحربية والأساطيل الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط وفي المحيطات يفي بالغرض المطلوب وهو ما تفعله بقية الدول ومنها روسيا وفي هذا السياق أكد السفير الأميركي في موسكو مايكل ماكفول خلال مقابلة مع محطة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية أن "الحكومة الروسية لديها قدرة هائلة على التصنت على المحادثات الهاتفية"، وهو ما تعرض له هو شخصياً".علما بأن أجهزة استخبارات روسيا غير موجودة في القدس . كما تنصتت الأجهزة الإستخبارية الأمريكية وذات الوكالة على الإسرائيليين (اولمرت وباراك) وعلى مكالمات رؤساء دول العالم من مواقعها خارج القدس ومن ضمن هؤلاء الرؤساء رئيسة وزراء ألمانيا إنجيلا ميركيل حيث اكتشفت أنهم يتنصتون على هاتفها المحمول الشخصي ومنذ العام 2002. وكشفت الصحيفة الألمانية دير شبيجل التي أوردت الخبر عن وثيقة سرية من عام 2010 أن فروع التجسس الأمريكية موجودة في نحو 80 موقعا حول العالم بما في ذلك باريس ومدريد وروما وبراغ وجنيف وفرانكفورت كما كشفت صحيفة واشنطن بوسط الأمريكية نقلا عن العميل السابق ادوارد سنودن عن اختراق وكالة الأمن القومي الأمريكي للروابط الإلكترونية بين جوجل وياهو حول العالم وأصبحت مطلعة على ملايين الحسابات الشخصية والرسائل الإلكترونية والمقاطع الشخصية والفيديوهات وتخزنها في سيرفر خاص بمقرها في مقاطعة فورت ميد" . وهو ما يؤكد أن هناك غايات أخرى من وراء الإدعاء الأمريكي بأهمية الموقع الجغرافي للقدس لهذه المهمات الاستخبارية.
لا يهمنا ما تفعله الأجهزة الإستخبارية الأمريكية من أفعال تجسسية بل يهمنا مكانة وهيبة فلسطين مهبط الديانات السماوية وبعث الأنبياء وموئل الحضارات باختلاف اديانها ومذاهبها وأطيافها، والقدس والمسجد الأقصى أرض الإسراء والمعراج أكثر بقاع الأرض قداسةً واقترابًا من السماء بالمقياس البشري والمطلق الإلهي، وأن تبقى مستقرا روحيا آمنا للجميع وأن يبعد الظلم والظالمين وأعمالهم الشريرة عنها.
ويهمنا أيضا أن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين.