الأربعاء: 01/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما لا تعرفه عن صفقة القرن...!!

نشر بتاريخ: 03/07/2018 ( آخر تحديث: 03/07/2018 الساعة: 13:03 )

الكاتب: عماد توفيق عفانة

مرت على القضية الفلسطينية منذ القرن الماضي، عشرات المشاريع والخطط الأمريكية الهادفة إلى طرح تسويات غير عادلة، كان آخرها ما تتداوله الصالونات السياسية اليوم حول ما يسمى بصفقة القرن.
يقود هذه الخطة فريق ثلاثي صهيوني يميني متمثل جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره، وجيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي للسلام لمنطقة الشرق الأوسط، ويَعتبر المراقبون هذه الصفقة الأسوأ على الإطلاق، كونها لا تخضع لشروط الصفقة التي يتبادل بها طرفان المنافع والمصالح بقدر ما هي مجرد املاء لوجهة نظر الإدارة الأمريكية الجديدة التي لا تعترف بوجود قضية وطنية فلسطينية، بل قضايا إنسانية معيشية لشعب مقسم جغرافيا بين الضفة وغزة والشتات.
يهدف الفريق الصهيوني الأمريكي لتطبيق رؤية اليمين الصهيوني للتصفية السياسية للقضية، عبر إملاء هذه الرؤية على العرب وهم في أضعف حالتهم.
تهدف الخطة إلى تجاهلٍ تام للحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، ودفن جوهر الصراع الأساسي وهو الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية، وتغييبه تحت ركام الحاجات المطلبية للسكان بعد وضعهم تحت ضغط الفقر والحصار.
وتتمحور الخطة حول ما يسمى "بالسلام الاقتصادي" عبر مجموعة من المحفزات الاقتصادية التجميلية أمام الشعوب حتى تنشغل بالمنافع، والتطبيعية مع الحكومات حتى تندمج "اسرائيل" في المحيط العربي وتصبح ربما عضوا في جامعة الدول العربية.
والمثير في هذه الخطة هو سعي إدارة ترامب إلى تحميل دول خليجية عبئ تكلفة هذه العملية المسماة زورا عملية سلام.
لكن رغم كل هذا الثقل الأمريكي حول الخطة في المنطقة، إلا أن الفلسطينيين قادرون على إفشال الصفقة كما أفشلوا ما سبقها من مبادرات وخطط لتصفية قضيتهم، شرط أن يبقى الموقف الفلسطيني ثابتًا في رفضه لها، إلى جانب القيام بحملة لاستجلاب دعم الرأي العام العربي والعالمي، للمساعدة في مقاومة الضغوط الساعية إلى الحصول على موافقته عليها.
من المتوقع ان يواصل الوفد الاميركي برئاسة كوشنير وغرينبلات والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان جولتهً الدبلوماسية لتشمل دول أخرى إلى جانب الدول العربية الأربع التي زارها الوفد حتى الان وهي الأردن، والسعودية، ومصر، وقطر إضافة إلى "إسرائيل" بهدف تسويق الخطة التي لم تكشف الإدارة الأميركية رسميًا عن تفاصيلها التي تروّج لها عبر التسريبات التي بلغت وسائل إعلام عربية وأجنبية عديدة، والتي ترسم صورة تقريبية عن فحوى الطرح الأميركي، والغايات التي يسعى بإلحاح إلى تحقيقها.
وعلى عكس الخطط والمبادرات الأمريكية السابقة التي كانت تبدأ غالبا بالقضايا الهامشية والسهلة قبل الولوج إلى القضايا الكبيرة، فان هذه الخطة تبدأ بالقضايا الكبيرة - قضايا الوضع النهائي وهي القدس، والمستوطنات، والحدود، واللاجئين، والمياه- وتقوم بتفريغها من مضمونها مسبقًا، ودون مفاوضات.
وبدأت الإدارة الامريكية بأكبر هذه القضايا وهي القدس، وأخرجتها من التفاوض عندما اعترف ترامب، في ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة "لإسرائيل"، ودشن هذا الاعتراف عمليا بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس في الذكرى السبعين لإعلان قيام كيان العدو.
في المقابل يدور الحديث عن طرح بديل للقدس كعاصمة للفلسطينيين متمثلا ببلدة أبو ديس، الى جانب الانسحاب من عدد من البلدات العربية شرق وشمالي القدس.
لكن في المقابل سيحافظ العدو على جميع المستوطنات الصهيونية في الضفة المحتلة، وعلى رأسها مستوطنات أريئيل في نابلس، وغوش عتصيون في بيت لحم، ومعاليه أدوميم في القدس، وسيبتلع كامل لمنطقة الأغوار الى جانب ما يعرق بمناطق "ج" إلى السيطرة العبرية.
في المقابل، سيحصل الفلسطينيون على فتات المال العربي على شكل مشاريع تحت ستار أغيثوا غزة، خصوصا بعد تخلي الإدارة الأمريكية عن دفع التزاماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)؛ والبالغ (350 مليون دولار) ما زاد حدة المعاناة لنحو مليون وثلاثمائة ألف لاجئ فلسطيني في قطاع غزة.
المثير في الأمر أن تصبح المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس من متطلبات تطبيق صفقة القرن الأمر الذي ربما يكفل عودة السلطة إلى غزة من بوابة حكومة تحمل طابع الوحدة وطنية، تعمل على احتواء حماس ومقاومتها واحتياجاتها المطلبية لموظفيها مقابل احترام التزامات السلطة، فهل ستنجح..!!.