السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل من حق المحكمة الدستورية حل المجلس التشريعي؟

نشر بتاريخ: 25/12/2018 ( آخر تحديث: 25/12/2018 الساعة: 22:41 )

الكاتب: د.عبد الله كميل

استغرب حالة الجدل المفتعلة او الناتجه عن جهل بالقانون او عدم مقدرة على التحليل الموضوعي فيما يتعلق بالقرار التفسيري الذي اصدرته المحكمة الدستورية والذي قضى بحل المجلس التشريعي والذهاب الى انتخابات نيابية خلال ستة اشهر وكثير ممن اعترضوا لم يقرأوا القانون الأساسي والذي يذهب بنا الى ضرورة حل المجلس التشريعي لا بل كان من الضروري وحسب رأيي ان يتم حله بعد اختطاف قطاع غزة والسيطرة عليه بقوة السلاح وبعد احداث دامية اودت بحياة المئات من افراد وضباط الاجهزة الامنيه التابعة للسلطه التنفيذيه وهي احدى السلطات الثلاث في دولة فلسطين وكذلك عدد كبير من المدنيين من ابناء شعبنا وبرأيي فان المجلس منذ ذلك الحين قد فقد دستوريته لان من قام بذلك فصيلا يستحوذ على الغالبية العظمى من اعضاء المجلس التشريعي وكلهم ايدوا بل قادوا التمرد العسكري في قطاع غزه ومنذ تلك الفترى تعطل عمل هذا المجلس ..وبالتالي فان الحكم في ذلك هو ليس للسياسيين او الفصائل بقدر ما هو للدستور وفي حالتنا الفلسطينيه القانون الاساسي والذي يحوز على قوة الدستور ..اذن يتم الاعتماد على النصوص الواردة في الدستور والقوانين "ولا اجتهاد في مورد النص" ولا من منطلقات حزبيه او فئويه او شخصيه لاي نص قانوني او دستوري ..فمن هي صاحبة الصلاحيه بالتفسير الملزم للكافة حاكما او محكومين..انها المحكمة الدستورية والتي لا سلطان عليها سوى الدستور .
يبرز هنا دور المحكمة الدستورية وصلاحيتها وكذلك يبرز سؤال هل يحق لهذه المحكمة ان تفصل بموضوع بقاء المجلس التشريعي من عدمه ؟ وللاجابة على كل ذلك ، فقد نص القانون الاساسي لسنة ٢٠٠٢ المعدل ٢٠٠٣ في مادته رقم ١٠٣ على ضرورة انشاء محكمة دستورية عليا بقانون يعهد اليها رقابة دستورية القوانين واللوائح أو النظم اضافة الى تفسير القانون الاساسي والتشريعات وغيرها من الاختصاصات" فالنظام القضائي المتكامل في الدولة الحديثة هو ذلك النظام الذي يكفل الفصل في النزاعات بين الافراد ورقابة مدى ملاءمة او مطابقة تصرفات الادارة العامة "السلطة التنفيذية"للقانون بمعناه العام ،ومدىمطابقة اعمال السلطه التشريعية "والسلطه التنفيذيه عندما تشرّع"للدستور ومن هنا استقر في الدولة الحديثة وجود محاكم عادية وأخرى ادارية وأخرى دستورية ..وعليه فان تشكيل المحكمة الدستورية العليا الفلسطينية هو استحقاق دستوري حيث صدر قانون هذه المحكمة ونشر في الجريدة الرسمية تحت رقم 3 لعام 2006 وذلك بتاريخ ١٧/٢/٢٠٠٦ وقد اثير جدلا واسعا في حينها واستمر فترة طويله بسبب عدم تشكيل هذه المحكمة تنفيذا للقانون واحالة صلاحياتها للمحكمة العليا حيث ان ذلك اعتبر طعنا في استقلالية المحكمة والتي من الواجب ان تكون مستقله وليست جزءا من النظام القضائي على اعتبار ان المحكمة تعتبر الحارس الأمين على الدستور وعلى مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث ولا يجب ان تكون تابعة لأي من هذه السلطات كما جاء في نص المادة الاولى من القانون رقم 3لعام 2006 والذي قال "تنشأ بمقتضى أحكام هذا القانون محكمة دستورية عليا وهي هيئة قضائيه مستقلة قائمة بذاتها في فلسطين ....." ومن هنا فاننا نستدل على ان قيام الرئيس ووفق نص قانون المحكمة الصادر عن المجلس التشريعي بتشكيل المحكمة فانه بذلك يجب ان ينهي حالة الارباك والجدل حول تولي المحكمة العليا مهام المحكمة الدستورية اما القول بعدم وجود.ضرورة لانشاء محكمة دستورية في الوقت الحاضر فهو لا يستند الى دليل فالمحكمة الدستورية لبنة مهمة وأساسية في بناء المنظومة القضائية لكل دولة لها دستور فكيان الدولة القانونية وهي دولة الحاكمين والمحكومين المتقيدين جميعا بالقانون لا يكتمل بدون وجود محكمة دستورية تحمي مبدأ المشروعية من أي انتهاك من السلطات الثلاث، اضف الى كل ما ذكر بان غياب المحكمة الدستورية في فلسطين ادى الى حالة من الارتباك والفوضى التشريعية والقضائية حيث انه لا رقيب على اداء السلطة القضائية وكذلك فان السلطه التشريعية معطلة منذ اكثر من اثنتي عشر عاما ما ادى الى استئثار السلطة التنفيذية بعملية التشريع، وكذلك ادى غياب المحكمة الدستورية الى تفوق الخلافات السياسية بين القوى والفصائل وتحديدا بين فتح وحماس حيث صبغت هذه الخلافات بالصبغة القانونية وكل ذلك بسبب عدم وجود المرجعية القادرة على تفسير الدستور والقوانين ، وتتمثل هذه المرجعية بالمحكمة الدستورية ،ما ادى الى حالة الانقسام التي تشهدها الساحة الفلسطينية والتي ترسخت بعد اختطاف قطاع غزة من قبل حماس بقوة السلاح ما أشر الى خطورة عدم وجود المرجعية القضائية ممثلة بالمحكمة الدستورية القادرة على الحكم على سلوك اي من السلطات الثلاث ومدى توافقه مع نصوص الدستور فكانت الفوضى واعتماد المواقف الحزبية سيدة الموقف ما ادى الى ما هي عليه الاوضاع من تمزق افقي وعمودي على الساحة الفلسطينية.
اذن نستدل مما سبق أهمية وجود اامحكمة الدستورية الحارسة على مبدأ سمو الدستور وكمرجعية قضائيه قادرة على حماية نصوص الدستور وعلى الفصل في سلوك اي من السلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والتشريعية ومدى ملاءمتها وتطابقها مع نصوص الدستور فهي الجهة الوحيدة المخولة في ذلك وهي الجهة المخولة بتوصيف ما حدث ١٤/٦/٢٠٠٧ من قبل حماس والتي تستحوذ على غالبية اعضاء السلطة التشريعية الممثلة بالمجلس التشريعي فهل ما حدث يعتبر تمردا عسكريا او انقلابا ام حسما عسكريا كما تردد حماس ومن وجهة نظري القانونية واستنادا لنصوص الدستور"القانون الاساسي "فان حماس انقلبت على الدستور والذي لا يسمح باستخدام القوة العسكريه لأي تنظيم للسيطرة على السلطه ومن هنا كان على الرئيس ومنذ التمرد العسكري الذي قادته ومارسته حماس واستنادا للقانون الاساسي الاعلان عن قطاع غزة اقليما مخطوفا بقوة السلاح ما يرتب اثارا قانونية مهمة وبرأيي كان ذلك سيقصر عمر الانقسام الناتج عن هذا التمرد والعصيان العسكريالا انه وعلى ما يبدو راهن على امكانية التوصل الى اتفاق بين فتح وحماس الا ان الامل في ذلك وبعد هذه السنوات الطويله انعدم ما فرض التوجه الى الى القضاء الدستوري للخروج من هذا النفق المظلم .
اما عن القرار التفسيري الذي خرجت به المحكمة الدستورية في ١٢/١٢/٢٠١٨والذي اعلن عنه الرئيس محمود عباس فهو قرار سليم حيث اعتمد على المادة ٤٧ من القانون الاساسي وفي هذه الحالة تتم الانتخابات عملا بقانون الانتخابات القرار بقانون رقم١لعام ٢٠٠٧ ..اذن نستدل على ان المحكمة الدستورية اعتمدت في قرارها التفسيري على النص الوارد في القانون الاساسي والمتعلق بانتهاء ولاية المجلس وكذلك انعدام فعاليته نتاج الانقسام وكنت اود ان تبحر المحكمة في تفسيرها وتتطرق لهذا الموضوع معتمدة على القانون الأساسي حيث من المؤكد انها كانت ستعطي توصيفا قانونيا وتفسيرا لما حدث في١٤/٦/٢٠٠٧ وهو العصيان او التمرد المسلح ما ادى الى تعطيل عمل المجلس التشريعي والذي ادى الى اقرار الانتخابات التشريعية مباشرة بسبب انعدام قانونية المجلس التشريعي بسبب العصيان ما ادى الى تعطله منذ حوالي اثنتي عشر عاما ومع كل ذلك فان المحكمة اصابت عندما قالت ان "ا-إن شرعية وجود المجلس التشريعي تكون بممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية ونظرا لعدم انعقاده منذ سنة 2007 يكون قد فقد صفته كسلطة تشريعية وبالنتيجة صفة المجلس التشريعي.
- عدم انطباق نص المادة (47 مكرر) من القانون الأساسي في حالة عدم إجراء الانتخابات الدورية للمجلس التشريعي كل أربع سنوات، وهذا يعني أنه لا يمكن تطبيق نص المادة (47 مكرر) إلا في ظل وجود مجلسين، مجلس منتهي الولاية القانونية، ومجلس جديد
-إن المجلس التشريعي في حالة تعطل وغياب تام وعدم انعقاد منذ تاريخ 5/7/2007، وانتهت مدة ولايته بتاريخ 25/1/2010 أثناء فترة تعطله وغيابه، وما زال معطلا وغائبا بشكل كامل حتى الآن، وبناء عليه فإن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ومصلحة الوطن تقتضي حل المجلس التشريعي المنتخب بتاريخ 25/1/2006، وبالتالي اعتباره منحلا منذ تاريخ إصدار هذا القرار".
واخيرا فان لم تكن المحكمة الدستورية هي صاحبة الحق بالفصل في هذا الموضوع المفصلي والرئيسي والدستوري فمن هي هذه الجهة ..وبصورة اخرى فان لم يكن الدستور هو الحكم بين الفرقاء اذن من هو الحكم ..وان لم تستطع الفصائل الاتفاق طوال هذه السنوات فهل يعقل ان يتم تعطيل الحياه البرلمانية والتشريعية والديمقراطية وفقا لأهواء الاطراف او احد الاطراف ..