الجمعة: 10/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

حكومة المهمات الصعبة

نشر بتاريخ: 01/02/2019 ( آخر تحديث: 01/02/2019 الساعة: 21:43 )

الكاتب: ماجد سعيد

ينشغل الناس باستقالة حكومة الوفاق الوطني والمشاورات الجارية بين فصائل منظمة التحرير، وهذا الانشغال لا يخلو من الترقب والحديث عن شكل الحكومة القادمة وشخصياتها، وهل ستتمكن من القيام بما سيسند اليها من مهام، سواء على مستوى القضايا السياسية كما تريدها حركة فتح او التحضير للانتخابات؟ وهل ستتمكن الحكومة المقبلة من تخطي الازمات الداخلية وصولا الى تحقيق أهدافها؟
بداية وقبل الإجابة عن ذلك، فانه وعلى الرغم من ان هناك من يرغب في القول ان الحكومة استنفذت مهامها بانهيار العلاقة مع حركة حماس وانسداد الأفق امام المصالحة على الأقل في المدى المنظور باعتبارها حكومة وفاق وطني، الا ان الحقيقة الجلية ان الجماهير الرافضة لقانون الضمان الاجتماعي هي التي أطاحت بهذه الحكومة، وان حركة فتح عندما اوصت بتغييرها كانت تستجيب لصوت الشارع.
ان الحكومة المقبلة التي حددت وظائفها بالتحضير للانتخابات والتصدي للمشروع الاميركي الإسرائيلي، قد لا تبدو قادرة على انجاز المهمة الصعبة في أي من هاتين الوظيفتين، فقضية اجراء الانتخابات تحتاج أولا الى توافق وطني كي تتمكن من اجرائها في غزة فيما استبعاد حماس عن هذه الحكومة فانه يمثل استبعادا لغزة من الانتخابات، وثانيا اعتقد انه لا يمكن لاي احد ان يقبل اجراء الانتخابات دون القدس التي سيكون من الصعب اليوم الوصول اليها بعد ان اعترفت واشنطن بها كعاصمة لإسرائيل.
اما مهمة الحكومة الأخرى، فقد قلنا سابقا ان المطلوب في التغيير الحكومي ليس استبدال الوجوه بقدر تغيير السياسة والنهج، وكي تنجح بالفعل هذه الحكومة بالمهمة عليها الاقتراب من المواطن واحتياجاته من اجل تعزيز صموده كي يكون قادرا ومستجيبا وملبيا للنداء عند الحاجة للتصدي لمخطط تصفية القضية الفلسطينية الذي تعمل عليه كل من واشنطن وتل ابيب.
لكن هناك أيضا قضية تمثل أولوية وضرورة ويجب ان تكون متلازمة مع ما سبق وهي العمل بكل صدق وجدية على تحقيق الوحدة الداخلية، اقولها رغم الشكوك الكبيرة التي تعتريني ككثير من الفلسطينيين من إمكانية تحقيق ذلك في ظل غياب النوايا الحقيقية لدى الخصماء، واليقين بان غزة ذاهبة الى الانفصال بعد الانقسام.
ان قواعد اللعبة السياسية اليوم اختلفت عن ذي قبل، فالمؤامرة الاميركية الإسرائيلية التي يعي اليها الجميع وتحديدا فيما يتعلق بما يعرف بصفقة القرن الهادفة الى تفتيت القضية الفلسطينية يجري تطبيقها بالفعل على ارض الواقع فغزة التي يراها المتآمرون لب الدولة الفلسطينية تتجه اليوم الى الانفصال والشواهد كثيرة وما الاموال القطرية التي تتدفق عبر إسرائيل الا لتدجين حماس والعبور الى غزة من خلالها.
وفي الجانب الاخر تعمل إسرائيل على بناء منظومة جديدة في العلاقة مع السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية التي لا تريد فيها أكثر من حكم ذاتي محدود على بقع متفرقة من الأرض، وما استباحة المدن بالاقتحامات والمداهمات الا شكلا من سياسة إعادة تشكيل دور السلطة ووظائفها بما يلبي هذا المخطط.
كل ذلك يدفع بضرورة التفكير مليا وبشكل أكثر جدية تجاه السعي الى تحصين الوضع الداخل بشتى السبل والتعالي على النظرة الحزبية لصالح الكل الفلسطيني، والا فان على القضية السلام.