السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا تذهبوا الى وارسو ...؟

نشر بتاريخ: 02/02/2019 ( آخر تحديث: 02/02/2019 الساعة: 23:36 )

الكاتب: د. هاني العقاد

لم تتوقف الولايات المتحدة الامريكية عن محاولات فضل الامة العربية عن قضيتهم الام وجعلها قضية ثانوية وليست مركزية ولم توقف اشكال التخريب المقصود لملف الصراع وتفكيكه بازاحة قضايا كبرى في الصراع عن الطاولة كالقدس واللاجئين والحدود والاعلان ان اي مفاوضات قادمة بشأن حل الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين لن تتناول قضيتي القدس واللاجئين...
اليوم وبعد ان صمت العرب على موضوع القدس وبعد ان بدت الجامعة العربية عاجزة عن تنفذ مقررات القمم المتعاقبة التي دعت الى قطع العلاقات مع اية دولة تنقل سفارة بلادها الى القدس وبعد ان باتت تقرر السياسة العربية لحظة بلحظة من داخل البيت الابيض، لا بل ولعبت في فكر الشعوب الوطني لتغير ثوابت وطنية ورثوها من الاجداد وقرأوها في كتب التاريخ واهمها عروبتهم التي باتت محط استهداف ليبقوا في حاجة للولايات المتحدة الامريكية وحدها لحمايتهم.. وبالتالي اصبح العرب كلهم أدوات توجهها هذه الدولة المنحازة كليا لاسرائيل ومشروعها الاستعماري لذلك نرى العديد من مؤتمرات التطبيع العربي الاسرائيلي والعديد من مبادرات تشجيع اشكاله واصدار امريكا التعليمات للعرب بتسريع كل اشكال هذا التطبيع وتسير الوفود الاختصاصية بالمجالات المختلفة الى تل ابيب وبل العكس.
مؤتمر وارسو المزمع عقده في بولندا ما بين 12- 13 فبراير الحالي هو مؤتمر من اعداد واخراج ادارة ترامب تحت مسمى "مواجه الخطر الايراني في المنطقة" على اعتبار ان التحدي الاول اليوم في المنطقة هو ايران وسلاحها وصواريخها وهو التهديد الحقيقي للامة العربية، وليس اسرائيل التي تهدد كل التراب العربي والهوية الفلسطينية بالذات وتفتت تماسك الامة العربية وتنتهك شرفها وتدنس مقدساتها وتحتل وتقتل وتدمر وتعتقل الفلسطينيين بل وتنخر في عظم العرب كالسوس الاسود... ليس هذا فقط بل تنفذ مخطط تهويد القدس والاستيلاء عليها عملا بقرار ترامب باعلان القدس عاصمة لاسرائيل ديسمبر 2017. وهذا يعتبر تصريحا وخط اخضر لاسرائيل التي تستولي على القدس العاصمة التاريخية للفلسطينيين وتدفع بالمتطرفين المستوطنين واعضاء الكنيست الي الاقصى ليس لتقسيمه زمانيا ومكانيا بل لاقامة ما يسمى جبل الهيكل في باحاته وقد تكون الخطة ابلغ من ذلك وهو محو المسجد الاقصى عن الخارطة رويدا رويدا عبر ازالة اجزاء كبيرة منه لصالح مشروعهم المزعوم.. هذا المؤتمر هو مؤتمر الشر مؤتمر التطبيع العربي الاسرائيلي.. مؤتمر الخيانة باعتبار انه سيكون فاتحة لتطبيع كافة دول الخليج العربي مع اسرائيل وهو اعلان رسمي للحلف العربي الامريكي الاسرائيلي الجديد.
هذا المؤتمر سيلتقي فيه وزراء الخارجية العرب بنظيرهم الاسرائيلي والامريكي وسيكون نتنياهو على راس هذا اللقاء وسيبحثوا سبل العلاقات المشتركة اقتصاديا وسيايا وامنيا وسوف تعقد في هذا المؤتمر العديد من اللقاءات في الدهاليز لتبحث ما هو سرا ومحرما، بالاضافة الي سبل دفع العلاقات بين العرب واسرائيل لتصل الى حالة العلاقات الرسمية.
ملف الصراع مع اسرائيل لن يكون حاضرة في المؤتمر ولن تكون بالتالي القضية الفلسطينية مركز بحث باعتبار ان الادارة الامريكية الان ستعلن صفقتها المشؤومة بعد الانتخابات الاسرائيلية وما على العرب سوى مباركتها والمساهمة في تمريرها ليس اكثر، ولن يتم بحث حل الصراع على اساس حل الدولتين الذي سيتجاهله المؤتمر تماما كما وسيتجاهل قرارات الشرعية الدولية واحترام حقوق الانسان الفلسطيني وسبل حماية هذه الحقوق، لانه مؤتمر صهيوني بامتياز يسعى لتوفير البيئة الازمة لاستكمال المشروع الصهيوني ومشروع دولة اسرائيل الكبرى وانكار الحقوق الفلسطينية واهمها حق تقرير المصير... في هذا المؤتمر سيركز المؤتمرون على تحديث المبادرة العربية التي لم تعد عربية بعد ان داسها نتنياهو في اكثر من عاصمة عربية.. واعتقد ان المبادرة العربية الان تم قلبها وتغير قراراتها لتصبح مبادرة تعني صنع السلام مع العرب والتطبيع والاعتراف والصلح اولا ومن ثم اجبار الفلسطينيين على القبول بانهاء الصراع حسب المخطط الامريكي وصفقتهم المشؤومة والا فان امريكا والعرب واسرائيل هم الذين سيفرضوا الحل باسولبهم ومؤامراتهم الماكرة .
وزير الخارجية البولندي بأحلك الاوقات مع توافر جملة من الدلائل تؤكد ان الامريكان وحلفائهم مزمعون على تصفية القضية الفلسطينية بالكامل وهنا لابد من القول ان اي قبول فلسطيني لحضور هذا المؤتمر ولو بمسمى رمزي فانها كارثة كبيرة وتساوق مع مؤامرة التطبيع والقفز على مركزية القضية الفلسطينية في الشرق الاوسط بل ويعني الانخراط في التطبيع وتشجيعه....
وهنا نقول لا تذهبوا الى وارسو ايها الفلسطينيين ولا تشاركوا في مؤتمر بأي مستوى كان وعلى الرئيس ابو مازن ان يعلن صراحة عدم مشاركة فلسطين واي فلسطيني يشارك في هذا المؤتمر هو خارج الاطار الوطني ولا يمثل الا نفسه ولن يكلف اي احد بتمثيل فلسطين او التحدث باسم الفلسطينيين وبالتالي لا يجوز ايضا لاي من العرب التحدث نيابة عن الفلسطينيين والتحدث في اي قضية من قضايا الصراع... ليس هذا فقط بل على قادة منظمة التحرير الفلسطينية الاستشعار بخطورة ما يجري ومخاطبة جامعة الدول العربية لتخاطب وزراء الخارجية العرب وتقنعهم بعدم المشاركة تحت اي مسمي وخاصة ان " فردريكا مؤغريني" مقررة السياسات الخارجية بالاتحاد والاوربي لن تشارك في المؤتمر ولن تحضر لان موقف الاتحاد الاوروبي من الصرع هو موقف ثابت بان اي حل للصراع او اي حديث في اي حل لا يرتكز الى حل الدولتين لن يحظي بقبول واسع زلن يوافق عليه الاتحاد الاوروبي .

[email protected]