الثلاثاء: 07/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مخطط لانهاء الدور السياسي للسلطة الفلسطينية..؟

نشر بتاريخ: 24/02/2019 ( آخر تحديث: 24/02/2019 الساعة: 10:33 )

الكاتب: د.هاني العقاد

حصار اسرائيلي وامريكي دقيق ومحكم على السلطة الفلسطينية ليس من باب الصدفة ولا من باب اجراءات اسرائيلية مؤقتة تأتي على خلفية المعركة الانتخابية الاسرئيلية ومحاولة نتنياهو ممارسة اقصى درجات القسوة على الفلسطينيين، او تأتي من باب الضغط لاجبار ابو مازن التوسل للاسرائيليين لكنها جاءت على خلفية ما يجري من تغييرات اقليمية تتيح لرئيس حكومة اسرائيل اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة تعنت ابو مازن وعدم قبوله صفقة القرن وتصديه لها.
ما يجري اليوم يأتي لتنفيذ مخطط اتخذ بمجرد ان رفض الرئيس ابو مازن الالتقاء بنائب الرئيس الامريكي "مايك بنس" يناير 2018 وتجميد العلاقات بين السلطة الفلسطينية وواشنطن على اثر اعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الكيان. ما يجري الان تنفيذ خطة ممنهجة تهدف لانهاء دور السلطة الفلسطينية سياسيا واعاقة تحولها الى دولة واعاقة ممارسة مهماها كدولة فوق التراب الوطني واضعافها وابقائها مجرد مسمى بلا رأس سياسي وبلا ادوار وطنية وسياسية حقيقية.
يتقاطع الدور الامريكي والاسرائيلي في تنفيذ مخطط يهدف لتجريد السلطة الفلسطينية من اي دور سياسي والذي يبدأ بالحصار المالي، فقطعت الولايات المتحدة الامريكية كل مساعداتها للسلطة ولم تبق على شيء وكان اخرها وقف عمل مؤسسة USAID الامريكية بالارض الفلسطينية وبالاضافة لوقف اكثر من 432 مليون دولار سنويا كانت تدفع لخزينة السلطة الفلسطينية ليس هذا فقط بل سبق هذا وقف امريكا كل مساهماتها (للانروا ) وكالة الغوث الدولية والتي تسعى الولايات المتحدة الى شطبها تدريجا بالبدء بازاحة الدعم المالي نحو العرب لتبقى "الانروا" تؤدي خدماتها بدعم عربي وليس اممي وهذا مخطط لتعريب الاونروا.  
اليوم تكمل اسرائيل المخطط بالسطو على اموال الضرائب الفلسطينية تحت زريعة ان السلطة تدفع لاسر الاسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين بعد قرار الكابينت الاسرائيليي مؤخرا اقتطاع ما قيمته 139 مليون دولار من هذه الاموال على اعتبار ان هذه هي القيمة التي تدفعها السلطة الفلسطينية للاسرى والشهداء والجرحى. ولعل تقاطع الادوار بين امريكا واسرائيل ليس من باب الصدفة ولا جاء نتيجة تردي العلاقات بين امريكا والسلطة الفلسطينية ولكنه جاء كاجراءات مخططة لانهاء دور السلطة السياسي لتبقى مجرد سلطة بلديات وحكم محلي اشبه بروابط المدن لا اكثر ولا اقل.
يكتمل المخطط بهجوم بعض القوى والافراد المجندين النظام السياسي الفلسطيني ورأسه وعلى منظمة التحرير الفلسطينية والتي يقول هؤلاء الناس علانية انها لا تمثل الشعب الفلسطيني وليس لها اي سلطة على الشعب، والمعروف ان كلتا الادارتين الامريكية والاسرائيلية لهم عرابيهم الذين يعملوا حسب برنامج هادئ لاضعاف منظمة التحرير، وانهاء دورها كوصية على عمل السلطة الفلسطينية والمرجعية السياسية لاي دور سياسي تقوم به الحكومة الفلسطينية. 
لم يبدأ الامريكان والاسرائيليين بتنفيذ هذا المخطط الا لانهم البديل عن منظمة التحرير الفلسطينية بدور وظيفي وضيع لتحرك هذه البدائل باتجاه تنفيذ مخططات خبيثة تنال من الكيان الفلسطيني والهوية الوطنية وتنال من حلم الفلسطينيين الكبير وهو الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.  
ولعل هذا المخطط اليوم يأتي في لحظة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ولحظة بات فيه التحول الى الدولة على وشك باعلان انتخابات البرلمان الوطني بعد ان اتخذت المحكمة الدستورية قرارا بحل المجلس التشريعي وفشل كل مساعي المصالحة الفلسطينية واستعادة الوحدة الوطنية ويأتي لشل عمل الحكومة السياسية القادمة التي ستشكل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وهذا من احد اهم الاسباب التي دفعت اسرائيل لتنفيذ بند اقتطاع الاموال والسطو عليها وخاصة ان السلطة تدفع رواتب اسر الشهداء والجرحي والاسري منذ ان قامت منظمة التحرير وجاءت السلطة الفلسطينينة بتكليف منها لتكون النواة للدولة الفلسطينية.
اسرائيل تعرف ان الدور السياسي لمنظمة التحرير وبالتالي السلطة الفلسطينية ينتهي اذا عجزت عن دفع رواتب ابنائها المناضلين وتعرف ان دور السلطة السياسي ينتهي اذا ما عجزت السلطة الفلسطينية عن تحويل مؤسسات السلطة الى دولة واصبحت عاجزة عن تشغيل مؤسساتها الوطنية وسفاراتها وهيئاتها الدبلوماسية بالخارج التي تتحدث باسم الشعب الفلسطيني وتفضح مخططات الاحتلال بالتالي تبدأ هذه السلطة تترنح سياسيا كمن تلقي رصاصة في الرقبة دون ان تكون قاتلة لتبقي تؤدي وظائف بلا راس سياسي. .
هنا باتت السلطة امام تحديات صعبة فاما ان تنهار وتتفكك واما ان تتحول الى دولة وتكبر وتثبت منظمة التحرير ان اي حصار مالي واقتصادي لن ينهي هذه المنظمة ولن يحولها الى اداة بيد امريكا وبعض دول الاقليم تهيمن على قراراها الوطني وتسلبها قدرتها على قيادة الشعب الفلسطيني نحو التحرر والاستقلال. كل هذا بات يتطلب التحرك على مستويين، المستوي الدبلوماسي الذي يشرح ويفضح هذا المخطط الامريكي الاسرائيلي ويقاضي حكومة الاحتلال بتهمة السطو بالقوة على اموال الشعب الفلسطيني وانتهاك القانون الدولي والتخلص من الاتفاقات الاقتصادية والسياسية التي وقعتها مع منظمة التحرير بلااضافة للعمل مع كافة الجهات الدولية والاصدقاء والمناصرين لتوفير البدائل المالية لتستمر منظمة التحرير وتعلن حكومتة وبرلمان الدولة شاءت ام ابت اسرائيل. المستوى الثاني هو تصعيد المقاومة الشعبية بتوجيه مباشر من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على الارض ليتحول الاحتلال الاسرائيلي الى احتلال مكلف تخسر من جرائه اسرائيل اكثر مما تقتطعه من اموال المقاصة وهنا فلابد من مقاومة يومية شعبية ضارية ذات زخم جماهيري كبير لتثبت منظمة التحرير انها صاحبة الارادة الشعبية وهي من يجبر الاحتلال على دفع الثمن وهي من تفشل مخطط اسرائيل التصفوي الاحمق من خلال اشعال المدن والقرى ومحاصرة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس وتعطيل الطرق الالتفافية وتحويل المخيمات لمقابر لجنود الاحتلال وتحريم ضواحي القدس العربية وجود شرطي احتلالي وحماية المسجد الاقصي من قطعان المستوطنين وكهنة الهيكل المزعوم.

[email protected]