الثلاثاء: 21/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تحديات كبيرة ومواجهة مستمرة

نشر بتاريخ: 28/07/2019 ( آخر تحديث: 28/07/2019 الساعة: 11:03 )

الكاتب: بهاء رحال

ما من شك فيه أن حكومة الاحتلال ماضية في سياسات القضم والضم وفرض الأمر الواقع، وإحكام السيطرة تحت الأرض وفوق الأرض في اطار سعيها الدائم للاستيلاء على الضفة الفلسطينية والقدس، تنفيذاً لمخططاتها الاستيطانية التوسعية الرامية إلى سلب المزيد من الأرض لصالح بناء مستوطنات جديدة أو توسعة مستوطنات قائمة، أو لاستغلال موارد الأرض وما في جوفها، من أجل تغيير الطابع الجغرافي والطبوغرافي، ورسم ملامح جديدة تتوافق والرؤيا الاستعمارية الصهيونية الحديثة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، ويرعاها البيت الأبيض برئاسة دونالد ترامب وكبار مستشاريه الذين يتفقون مع فكرة الاحتلال والتطرف، ويرسمون خططتهم وفق ما تراه اسرائيل.
لعل الذي حدث من اعتداء آثم على بيوت الآمنين في واد الحمص، وعمليات الهدم والتهجير العلني في وضح النهار التي أصابت الناس هناك، يجعل العالم يغير من نظرته المنحازة للكيان الغاصب، ويضعهم أمام تحمل مسؤولياتهم في دفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني. ولعل الذي جرى من عمليات قهر وظلم واعتقال وشتات جديد وتهجير قسري وهدم، يجعلنا أكثر وحدة وتماسك وقوة في اطار العمل المشترك ووحدة المصير، والسعي لدرء المخاطر التي تتربص بنا من كل جانب، وقد بات واضحاً ما تخطط له حكومة الكيان وما تسعى لفرضه، وهي تتنكر لكل التفاهمات والاتفاقيات بما فيها ما يعرف بمنطقة A، والتي هي مناطق سيادية فلسطينية كاملة لا يحق للاحتلال أن يمارس فيها أيّ عربدة وتعدي واعتداء، ولا يحق له أن يهدم أو يطرد ويشرد الناس، ولكن ما حدث في واد الحمص، وهي منطقة تسمى بحسب اتفاقية اوسلو منطقة A، حدث مرات كثيرة، ويحدث كل يوم، ولم تعد منذ سنوات اسرائيل تعترف بما جاء بالاتفاق، إلا ببعض النصوص وخاصة القسم الاقتصادي منه، لأنه يعود بالمنفعة عليها وما تجنيه من ضرائب وما تحصله من أموال، أما فصول الاتفاق السياسي، فهي لا تعترف على أرض الواقع بشيء منه، وهذا يدعو إلى المطالبة من جديد باتخاذ قرار فلسطيني شجاع وجريء. قرار يراه البعض بأنه مغامرة، وقد يجلب العناء ويزيد من تعقيد الواقع المعقد أصلاً، ولكن هل من جدوى لبقاء الحال على ما هو عليه؟ وهل لاستمرار الوضع كما هو حاصل من أثر ايجابي، أو فرصة قد تبدل الواقع مثلاً.
بعض شعارات الفصائل أصبحت تكرر نفسها، والكثير منها يشبه صورة جبر الخاطر المكسور، وأن مواقف الفصائل الفلسطينية في بعض الأحيان تشعرنا بعدم النضوج الكامل لمقتضيات المرحلة، والتحديات الجسام التي تقف على أبوابها المنطقة برمتها.
بعض القرارات ضرورية وإن كانت صعبة، وبعضها واجبة مهما بلغت خطورتها، ولكن من الضروري جداً أن تكون وفق خطة وطنية واضحة ومتفق عليها بين الجميع، على قاعدة تقصير عمر الاحتلال، وزيادة كلفته، وأن تعمل على فرض حصار دولي وأممي عليه، بما يخدم مرحلة التحرر الوطني الشامل والكامل. وهذا ممكن، وسط عالم يعيش القلق جراء غطرسة الولايات الأمريكية التي تسعى للهيمنة على العالم، وسرقة خيراته جميعها كما تسرق الآن خيرات دول النفط، وتدفع عليهم بالمصائب.
وفيما لو قيل أن الأمر أكثر تعقيداً، وأن أي قرار يتخذ قد يجلب المزيد من العدوان على شعبنا، سنسأل عما إذا كان ممكناً البقاء في هذه المنطقة الرمادية، التي تضعنا عند زاوية، إذا لم نتجاوزها الآن، فلن نستطيع الخروج من دوائر عدمية الجدوى، وسط تراجع قوة الفعل.