الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإنفكاك الإقتصادي على طريق القاهرة - بغداد

نشر بتاريخ: 17/10/2019 ( آخر تحديث: 17/10/2019 الساعة: 13:38 )

الكاتب: سامر سلامه

أنهى وفد حكومي رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء محمد إشتيه، زيارة دولة لجمهورية مصر العربية، وصفها معظم المراقبين بأنها ناجحة، ومبادرة فلسطينية بالإتجاه الصحيح نحو العمق الإستراتيجي العربي. هذه الزيارة هي الثالثة بعد عمان وبغداد خلال أشهر معدودة، في إشارة إلى إهتمام الحكومة الحالية بالإنفتاح على العالم العربي في خطوة واثقة وواضحة الأهداف. وهدف الزيارة المعلن هو تعميق العلاقات الإقتصادية مع عمقنا العربي على طريق إيجاد البدائل الطبيعية والمنطقية لمنتجات الإحتلال تطبيقا لسياسات الحكومة الجديدة بالإنفكاك الإقتصادي التدريجي عن إقتصاد الإحتلال. فما هو الجديد في هذه الزيارات؟ وما هو المأمول منها؟ وهل فعلا سيساعد الإنفتاح على عمقنا العربي في تحقيق الإنفكاك عن إقتصاد الإحتلال .
بإعتقادي أن الزيارات الثلاث قد أخذت طابعا غير مألوف، شارك فيها عدد كبير من الوزراء على رأسهم رئيس الوزراء وتم ترتيب برنامج حافل باللقاءات الثنائية وتوقيع بروتوكولات التعاون ما يعزز مكانة الحكومة الفلسطينية في الأوساط العربية والدولية ويغير نمطية التعامل معها، ويساهم في تجنيد الدعم السياسي لها في مواجهة سياسات الإحتلال والإدارة الأمريكية التي تسعى لتقزيم مكانة السلطة الفلسطينية.
إننا نتطلع فعلا لقطاف ثمار هذه الزيارات والإتفاقيات الموقعة. فكما أعلن رئيس الوزراء فإن زيارة بغداد قد أسفرت عن تفاهمات لإستيراد البترول العراقي عبر الأردن في خطوة لوقف إستيراد الوقود من أو عبر إسرائيل. الأمر الذي سيعزز من إستمرار تدفق الطاقة وإدارة عجلة الإنتاج . أما في عمان فقد تم الإتفاق على عدد من بروتوكولات التعاون في المجالات الزراعية والطبية والتجارية والطاقة الكهربائية الأمر الذي سيفتح المجال أمام مزيد من التجارة الدولية وعبور البضائع عبر الحدود الأردنية وضمان إستمرار الطاقة الكهربائية في ظل إحتكار مصادر الطاقة من قبل إسرائيل. أما المحطة الثالثة في القاهرة فقد أسفرت عن تفاهمات للتعاون في المجالات الطبية والتعليمية والزراعية بالإضافة إلى القضايا المعيشية اليومية وتسهيل الحياة اليومية لأهلنا في القطاع.
لا يمكن أن نغفل بأن هناك ظروف إقليمية تتقاطع فيها المصالح والتي يمكن الإستفادة منها لتحقيق إنجازات إقتصادية تساعدنا بالفعل على تحقيق الإنفكاك التدريجي عن إقتصاد الإحتلال وبناء إقتصاد فلسطيني قوي يستند على الدعم العربي والإقليمي. وعلينا أن لا ننسى أن بروتوكول باريس الإقتصادي وبالرغم من كل التحفظات عليه ومع التأكيد على ضرورة إعادة فتحه وتطويره فإنه يعطي للحكومة الفلسطينية الحق في بناء علاقات إقتصادية مع الدول العربية. هذه العلاقة إذا كتب لها النجاح ستقلل من تبعية الإقتصاد الفلسطيني لإقتصاد الإحتلال وتمده بمقومات إضافية لنموه وتطوره.
فخلاصة القول إن الزيارات الثلاث على خط القاهرة بغداد مرورا بعمان ستغير من المشهد النمطي الإقتصادي الحالي وستحرك المياه الراكدة نحو بناء إقتصاد فلسطيني شبه مستقل وأقل إعتمادا على إقتصاد الإحتلال. ولا يبقى سوى النجاح في تنفيذ ما تم التوافق عليه مع العواصم العربية الثلاث.