السبت: 12/07/2025 بتوقيت القدس الشريف

إطلالة تحكمها الأصالة

نشر بتاريخ: 12/03/2020 ( آخر تحديث: 12/03/2020 الساعة: 17:28 )
إطلالة تحكمها الأصالة
الكاتب: صادق الخضور
كورونا ثقيل الظل يواصل حضوره، وكلما مرّ يوم؛ كلما حملت الأيام معها إطلالات تستحق وقفة وتحية، للطواقم الطبية والصحية، والإعلامية، والأمنية، والتعليمية، والتطوعية التي تعاملت مع الحدث بروح عالية من المسؤولية، فها هو فايروس "كورونا" يكشف عن أن الأزمات تعيد استعادة واستحضار ما ضاع منّا فينا.

محافظات تبادر، وحملات إسناد لبيت لحم التي ضمدّت جراحها، وغسلت آهاتها بزيت من شجرة الوطن المباركة، ومتابعة حثيثة من المحافظين وبمواكبة من سيادة الرئيس محمود عباس، ودولة رئيس الوزراء د. محمد اشتية...كلها جعلت من هذا التكامل منصّة لنؤكد أن الكل يتحلى بالمسئولية بمنطق مسؤول، فلا فرق بين مواطن ومسؤول.

إطلالات يومية تحكمها الحقائق والوضوح من الناطق الرسمي باسم الحكومة، وهو ما عزز تدفق المعلومة وموثوقية البيانات، وهذا النهج يستحق أن يتم البناء عليه لإرسائه، فالإطلالة بواقع مرتين يوميا -وأحيانا أكثر- في حالة الطوارئ تجربة حريّة لأن تكون واقعا فعليا ولو لمرة واحدة أسبوعيا في الظرف الاعتيادي.

في حالات الطوارئ طبيعي أن تكون الأمور في بداياتها غير طبيعية، لكن سرعان ما حكم الاتزان الموقف وتحديدا ميدانيا في بيت لحم التي برهنت ولا تزال تبرهن يوميا أنها قادرة على اجتياز الاختبار بجدارة، صحيح أن المخاوف لم تبدّد بعد، وأن ثمة منسوب من القلق، وهذا طبيعي، فنحن في اختبار، والمنطق دوما يقول إن الممكن الحد من القلق وأن من الاستحالة القضاء عليه.

في بيت لحم... .إطلالة تتسم بالفاعلية لأمين سر الإقليم محمد المصري وكل زملائه وكل أعضاء القوى الوطنية ممن برهنوا أن الوجود في قلوب الناس يتطلب الوجود في قلب الحدث، فكان التقدير من القلب إلى القلب، ولعل ما أفرزته الأزمة من مواقف يحيلنا إلى ما قاله إبراهيم طوقان ذات يوم في تلخيصه الإنسان حينما قال: "الإنسان موقف".

عديد الإطلالات في كثير من المجالات كشفت عن الوجه الأصيل لأبناء شعبنا، فأصحاب الفنادق كانوا في الخندق ذاته مع الجهد الوطني الهادف، فاستحقوا التحية.

بلديات بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وكل بلديات المحافظة ترفع الجاهزية، وتقدّم دورها المأمول، فكل الشكر.

إطلالة مشاهد التكافل التي ظنّ البعض أنها ولّت إلى غير رجعة جاءت لتقول: ليس فينا وقت الشدّة من ضنّ، وهذه الإطلالة تستحق أن نؤطر لها بما يعزز الاستدامة، ومع ذلك، الفرصة سانحة لمراجعة جملة من سلوكياتنا مجتمعيا:

- الأعراس وما يرافقها من طقوس وصالات...هل بتنا عاجزين عن استعادة رونقها وما يرتبط بها من موروث؟

- حملات الإغاثة والإسناد، لماذا تقتصر فقط على الأزمات؟

- تقدير فرسان العطاء ضرورة، وهل كان لا بد من الأزمة لنقدّر المتفانين المبادرين؟!

فلسطين في ظل نائبة الكورونا تكشف عن أكثر من إطلالة زاهية باهية، وأول ما تكشف عنه الإعلام المسؤول الذي فرض حضوره الأنيق في ذاكرة المشهد.

ثمة من يروّج الإشاعات ... لكنها قلّة، وثمّة تحسن ملحوظ على مضمون ما تحويه وسائل التواصل الاجتماعي من تعليقات، وثمّة مراجعة لعديد السلوكيات الاجتماعية، وثمّة.. وثمّة..... المهم ألا نبالغ في رفع ما نطلبه حين نعتقد أننا قادرون على تغيير الواقع في كبسة زر.

رويدا.. رويدا.... ستنقشع الأزمة بمشيئة الله، وتزول الغمة، وتعاود العصافير شدوها في رحاب المهد... رويدا.. رويدا.