الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

إشاعة الأزمة وأزمة الاشاعة ..

نشر بتاريخ: 17/03/2020 ( آخر تحديث: 17/03/2020 الساعة: 19:29 )
إشاعة الأزمة وأزمة الاشاعة ..
بقلم : أنور عبد العزيز

الإشاعة ظاهرة نفسية اجتماعية قديمة، وقد تطورت هذه الآفة المجتمعية بفعل التحولات الاجتماعية والتحديات الثقافية وثورة الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي والوسائط المتعدددة التي تسهل نقل هذه (البضاعة الرخيصة) وانتشار فيروساتها وخاصة وقت الأزمات والكوارث والأوبئة.

وهي تنمو في ظل أجواء مشحونة بعوامل متعددة وتعتيم اعلامي وفقر في المعلومات والحقائق والتوجيهات الصحيحة ويشكل ذلك بيئة خصبة لسريانها وانتشارها وتحقيق اهداف مطلقيها ومروجيها، بقصد تضليل الرأي العام وإثارة الفتنة والخوف والرعب والقلق الاجتماعي، وتفكيك وحدة الصف وارباك الإجراءات والقرارات الحكومية.

ومع انتشار فيروس كورونا في مناطق واسعة من العالم والذي اثار قلق منظمة الصحة العالمية بدأ مطلقو الشائعات ببث سمومهم حول هذا الوباء الذي أصبح أزمة حقيقية تشكل تحديا كبيرا أمام الدول .

إن أخطر ما في الشائعات تلك التي تنتشر في الصورة الفكاهية سواء كانت نكات مكتوبة أو مصورة أو مرسومة أو مقاطع فيديو ساخرة لتضخم الحدث أو تبرزه وتنافي الوقائع والحقائق ويشكل تكرارها المستمر منفذا يسهل عملية تمريرها الى اللاوعي، فتصبح ثابتة وراسخة في الأذهان إذ تستهدف العقل والفكر والخيال والوجدان وتصبح مرضاً خطيراً وظاهرة فتاكة تهدد صحة وسلامة المجتمع وبالذات مع انتشارها واتساع نطاقها .

ولذلك فإن الأخطر من (كورونا) الشائعات التي تتمحور حوله، والتحليلات غيرالمنطقية وربطها بأمور لا أساس لها من الصحة وأيضاً قيام بعض العقول المريضة التي تعشق اختلاق القصص وفبركتها في بث وإطلاق بالون الشائعات البغيضة لأهداف مكشوفة ومآرب مفضوحة، تدلل على الخواء الفكري والفراغ النفسي والكراهية والحقد وانسياق أصحابها وراء الانحراف الأخلاقي والسقوط الوطني.

لقد شكلت الحالة الفلسطينية ومنذ بداية انتشار الفيروس عالميا وظهور إصابات بالمرض في فلسطين نموذجا فريدا في التعامل مع الأزمات ومواجهتها رغم قلة الإمكانات وصعوبة الظروف السياسية والاقتصادية.

وكان اعلان سيادة الرئيس محمود عباس "ابو مازن" حالة الطوارئ في فلسطين والإجراءات والقرارات الحكيمة للقيادة والحكومة الفلسطينية أثرا مهما وحاسما في محاصرة الفيروس ومواجهة أزمة انتشاره على نطاق واسع، وحماية شعبنا من مخاطره، وهو ما جعل فلسطين في المرتبة الثانية عالميا في مواجهة الفيروس وما دفع منظمة الصحة العالمية للإشادة بفلسطين وما حققته في مواجهة الوباء .

ومنذ نشوب الأزمة أدركت الحكومة الفلسطينية أهمية مواجهة الشائعات وافشالها وضحدها ومنع انتشارها بموازاة اجراءات مواجهة الفيروس ومنع انتشاره.

فالايجازات والمؤتمرات الصحفية للناطق باسم الحكومة الفلسطينية والبيانات المستمرة لوزارة الصحة الفلسطينية حول آخر المستجدات والتطورات في مواجهة أزمة كورونا وما تقوم به الحكومة الفلسطينية برئاسة دولة رئيس الوزراء د. محمد اشتية من متابعة حثيثة وإجراءات متلاحقة تتناسب مع حالة الطواريء ، وما تبذله المؤسسة الأمنية الفلسطينية من جهود جبارة استثنائية في مواجهة الشائعات وما اتخذته من إجراءات ومتابعات صارمة، أثمرت عن حالة ردع لمروجي الاشاعات وكل من يفكر بالتلاعب بأمن واستقرار شعبنا والعبث بسلامته وصحته .

وهنا يتجلى دور وسائل الإعلام ودور الصحفيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار الصحيحة، ونقل الحقائق الدامغة والتصدي لكل شائعة لدحضها وضبطها، برفع سقف الشفافية والموضوعية، والنهوض بقالب الوعي المجتمعي.

لقد اثبت الفلسطينيون قيادة وحكومة وشعبا مرارا وتكرارا والان يثبتون مرة اخرة في مواجهة هذه الأزمة، على أنه شعب الجبارين بقدرته الفائقة على التغلب على كل الصعاب ومواجهة كل التحديات ..

باستثناء البعض "الطابور الخامس" الذين يريدون لهذا الشعب أن ينهزم ويتحدون ارادته، فإن ثقتنا عالية بأبناء شعبنا وبولائهم لوطنهم وقيادتهم ولن يستطيع اعداء المشروع الوطني أن ينالوا من عزيمتنا وقوتنا .

فالمطلوب الآن من الجميع الالتفاف حول قيادتنا الفلسطينية والالتزام بقراراتها وتعليماتها وتحمل المسؤولية الوطنية العليا ووحدة الجهود والحفاظ على تماسك مجتمعنا واستقراره .

إن مواجهة الاشاعات ومروجيها تتطلب أيضا التركيز على نشر الوعي الفكري في مجتمعنا وبث روح الامل جنبا إلى جنب مع جهود مؤسستنا الأمنية سدنا المنيع، ووسائل الإعلام الوطنية الهادفة ..