الإثنين: 03/06/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد مرور ربع قرن على انطلاقها- الاغاثة الزراعية بـ 130 موظفاً و10 الاف متطوع تعمر وتخضر الارض الفلسطينية

نشر بتاريخ: 02/04/2008 ( آخر تحديث: 02/04/2008 الساعة: 13:30 )
بيت لحم- معا- محمد اللحام- دع مئة زهرة تتفتح في بستاننا الفلسطيني مقولة للقائد الراحل ياسر عرفات فكثيرة هي البذور التي عرفت طريقها للتربة الفلسطينية ومنها ما ازهر الثمر ومنها ما لم يصل مرحلة الينعان.

جمعية التنمية الزراعية والمعروفة اكثر باسم الاغاثة الزراعية كانت فكرة تداعب خيال مجموعة من المتطوعين معظمهم مهندسين حديثي التخرج مشبعون بفكر التطوع.

هذا الوصف للمدير العام للاغاثة خليل شيحة الذي ما سألناه عن بداية الفكرة حتى سرح في خياله الى ما قبل ربع قرن ليروي لنا حكاية بذرة فلسطينية ناجحة تستحق الاشادة والتعميم.

ويقول الاستاذ شيحة انه وفي عام 1983 كانت البلاد تعيش حالة من ازدهار العمل التطوعي لتجد مجموعة من الشبان المهندسين يندفعون نحو التطوع لخدمة الارض وبما يلمون به من تخصصهم الزراعي وخاصة ان الصراع التاريخي مع الاحتلال يدور حول الارض وصاحبها المقهور والمهمش.

وبين شيحة ان عدد المرشدين الزراعيين من قبل سلطات الاحتلال لم يزد منذ الاحتلال بل كان في تناقص والهدف واضح وهو الاستيلاء على الارض وتوجه اصحابها لسوق العمل الاسرائيلي الذي كان مردوده افضل من الارض في ذلك الوقت.

وحتى عام 1987 لم يكن هناك اي شخص يتقاضى اي راتب وكل الجهود طوعية وبشكل فردي وجماعي مع المزارع في ارشاده وتحليل عينات من التربة وغيرها من سبل تعزيز صموده.

الى ان دخلت الانتفاضة "المباركة" عام 1987 وبعدها وصلتنا اول منحة مالية كانت بقيمة عشرة الاف دولار من مؤسسة تعاون لغرض دراسة وتحليل التربة.

وعن ثاني برنامج في المؤسسة يقول السيد شيحة انه برنامج الاقتصاد المنزلي وكانت الحاجة له في ظل الانتفاضة ومنع التجول واغلاق الطرق, وقد اثبتت الدراسات ان حوالي 70% من العاملين في الزراعة من النساء لذلك استهدفهن البرنامج كقطاع منتج ومتضرر من الممارسات الاسرائيلية, وفي عام 1992 اضيف برنامج ثالث وهو تدريب المهندسيين حديثي التخرج وذلك للنقص الحاصل في الخبرة العملية اثناء الدراسة لفقدان جامعتنا للابحاث التطبيقية واختزال الدراسة على الطرح النظري في الغالب.

وعن المرحلة الثالثة يشير السيد شيحة الى انها من اهم واصعب المراحل وهي مرحلة استصلاح الاراضي والتي بدأت بعد قدوم السلطة الفلسطينية وعلى غير المتوقع تسارعت وتيرة الاستيطان ودخلنا نحن في مرحلة المؤسسة ببرامج متعددة وهياكل ومرجعيات وشرعية قانونية بعد الشرعية الجماهيرية. ويضيف حول برنامج الاستطلاح ان الهدف منه حماية الارض.

وعن محطة 1996/1997 قال اننا عملنا في برنامج المياة الهادف لتامين مياه اضافية للزراعة بحثا عن الاستدامة في الاصلاح عبر تأمين مصادر اضافية من خلال الابار وبرك الجمع وكذلك معالجة المياه العادمة وخاصة للاشجار.

بعد عام 1998 اصبحنا معروفين اكثر مما ساعدنا على تطوير خدماتنا, هكذا يصف السيد شيحة هذه المرحلة, ويضيف قبل ذلك كانت الفردية هي السمة الابرز لعملنا وحتى عبر جماعات ولكننا في هذه المرحلة اصبحنا نعمل للتاثير في السياسات الوطنية حيث تعاني موازنة الزراعة والريف من الضعف الشديد في الموازنة العامة للسلطة وبدأنا العمل مع المزارعين كجماعات مما اتاح فرصة اكثر وجهد اقل وانتاج اعلى ومع التطور اصبح الاطار اكثر تنمويا عبر المشاركة والشراكة مع المزارع الذي يساهم في تطوير وتحسين فرصته.

وعن دور المؤسسة في انتفاضة الاقصى يقول السيد شيحة اننا وبعد النجاحات في قطاع المراة المزارعة قررنا الاستثمار في قطاع الشباب وايجاد فرص مناسبة للانخراط السلمي في الحالة العامة عبر العودة والعمل في الارض لان هذا الجيل فقد التواصل معها وتم تشكيل مجموعات شبابية اضافة للنوادي النسوية ومجموعات المزارعين فهناك حوالي 218 ناديا نسويا يضم 15200 عضوة وذلك لوضعها على سلم المساواة مع الرجل في اتخاذ القرار البيتي على اقل تعديل.

وف عام 1999 دخلنا مجموعات التوفير والتسليف لرفعة الشان الاقتصادي لها حتى وصل اليوم عدد المنتفعات في البرنامج حوالي سبعة الاف امراة في 12 جمعية ولديهن الفرصة والامكانية للاستفادة من القروض لصندوق وصلت توفيراته اليوم لحوالي 2،5 مليون دولار وامامه فرصة للتعزيز, واعطى الصندوق حوالي 5400 قرض وهذه التجربة لدى الناجحة لدى القطاع النسوي نحاول ان ننقلها لقطاع الشباب والمزارعين.

كما تحدث السيد شيحة عن البرامج الجديدة مثل برنامج التقنيات الحديثة والذي يعمل على تطوير الممارسات الصديقة للبيئة اثناء العمل الزراعي وتقلل من الكيماويات والمدخلات الضارة للبيئة ومعالجتها.

بواسطة الإنتاج العضوي وتحسين المزروعات, البلدية المعهودة والمعتادة على مردود جيد عند بيعها, وكذلك طورنا أنواع من البذور الجيدة ولدينا توجه لإنشاء بنك البذور للحفاظ على حقوقنا في بذورنا الأصلية والمهددة بإدخال التهجينات عليها.

كما يشيد السيد شيحة, بمرحلة التسويق التي دخلت عام 1992 والتي بدأت بصناعات صغيرة مثل المخللات, وتطورت لزيت الزيتون والمفتول الذي وصلت جودته للعالمية, وكذلك اللوز والزيتون والتمور, ونحاول البحث عن أي منتوج يؤمن مردود طيب للمزارع لكي نساهم بتسويقه ليس من باب الإستثمار بل لتشجيع القطاع الخاص للدخول في القطاع الزراعي.

ويضيف, أن الإهتمام كذلك في الزهور والفراولة والفلفل خاصة في قطاع غزة والبندورة العنقودية, وهي أصناف قابلة للتصدير وتدر أرباح على المزارع.

ومن أجل التأثير في السياسات الزراعية, أنتجت الإغاثة فلمين وثائقيين لهما علاقة بالجدار والإستيلاء على الأراضي, تم عرضهما في 19 دولة عالمية.

واليوم تعمل الإغاثة مع الجامعات الفلسطينية بمنطق الشراكة المجتمعية فدعمت برنامج (ماجستير التنمية الريفية في جامعة القدس- أبوديس) الذي تخرج منه حتى اللحظة حوالي 150 طالب وطالبة وملتحق به الآن حوالي 300.

كما وقعت الإغاثة إتفاقية لدعم برنامج التنمية الريفية في جامعة القدس المفتوحة لتدريس مفاهيم زراعية جديدة بالتطبيق العملي وليس فقط عبر الطرح النظري.

كما أن هناك برنامج آخر مع جامعة بيت لحم, وهو ماجستير التعاون الدولي والتنمية وقد تخرج منه الفوج الأول, وكذلك هناك توجه لعمل برنامج مع جامعة النجاح، وعن الأفكار المستقبلية يقول شيحة : "أننا نطمح بإنجاز التأمين الزراعي وهو مبادرة جديدة تستنهض القطاع الزراعي بطريقة جيدة، وكذلك صندوق التطوير الزراعي الذي نأمل أن يصبح حقيقة واقعة بالإضافة إلى البنك الريفي".

وعن المعوقات, لايشكك شيحة أن الإحتلال كان معوق أساسي للعديد من البرامج والمشاريع ولايخفي أن العلاقة مع السلطة الفلسطينية قد شابها الضبابية في البداية, مما أعاق نسبياً العمل إلا أن العلاقة اليوم تمر في مراحل ناضجة ومثمرة.

كما أن توقف بعض الجهات في بعض السنوات عن التمويل, كان له بعض الأثر, وكذلك إستقطاب المؤسسات الأجنبية لكادرنا المؤهل عبر رواتب مغرية كان له أثر, ولذلك فإن مشاكل المزارعين تلقائياً هي مشاكلنا فسوء التسويق مشكلة ونقص الموازنة للقطاع الزراعي مشكلة, والتقلب السياسي والإقتصادي العام يشوش برامجنا التنموية.

وعن عدد الموظفين في الموؤسسة يقول شيحة: ان عدد الموظفين 130موظف, وعدد المتطوعين يصل لـ 10 الاف متطوع.

وعن النجاح المتواصل بعد ربع قرن من الانطلاقة, يفاخر شيحة :"بانها تكمن في روح القيادة, ويضيف ان لا نجاح لاي موؤسسة لا توجد بها قيادة ناجحة وفريق ناجح, فالكل هنا لا يشعر بانه يعمل كموظف لان الانتماء للفكرة ووضوح الرؤية والفريق المبادر قادر على مواجه التحديات, والمؤسسة التي تملك الجرأة على خوض التحديات وابتكار الجديد لا يمكن لها الا ان تتطور".

وإختتم شيحة حديثه, بأن الكيانية الفلسطينية لاتقوم دون القطاع الزراعي وريفنا الفلسطيني يشكل ما بين 60-70% من السكان والمصادر وهو بحاجة لمؤسسات أكثر وإهتمام أكبر فالصراع مع إسرائيل على المصادر والمصادر في الريف وهذا التحدي ما زال قائم.