الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

أسرى القدس: فلسطينيون في الزنازين، و"إسرائيليون" في صفقات التبادل!

نشر بتاريخ: 19/04/2008 ( آخر تحديث: 19/04/2008 الساعة: 11:45 )
القدس- معا- استكمالاً للخطوات التي كانت بدأتها مؤسسة القدس الدولية قبل نحو عام لاختراق جدران الصمت المحيطة بالأسرى المقدسيين في سجون الاحتلال، وانطلاقاً من تخصصها في الشأن المقدسي, وتزامنًا مع الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني (17 نيسان)، تضيء مؤسسة القدس الدولية على معاناة قدامى الأسرى المقدسيين في سجون الاحتلال.

للوهلة الأولى، قد لا تبدو الإضاءة على واقع مجموعة من الأسرى على وجه التحديد مبررةً، فكل الأسرى الذين زجّهم الاحتلال في سجونه على خلفية مقاومتهم له، هم موضع تقدير الشعب الفلسطيني بمختلف انتماءاته، وكذلك هم موضع احترام الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم كافة، لكن الحالة الاستثنائية للمقدسيين منهم توجب التوقف عندها، فهؤلاء يعانون مرتين، حيث تطبّق سلطات الاحتلال عليهم قوانين السجناء الإسرائيليين في حالات تبادل الأسرى، فترفض تالياً أن يدخلوا ضمن أي صفقة تبادل، بينما تتعامل معهم كأسرى فلسطينيين فيما يتعلق بحقوقهم الإنسانية التي نصت عليها الأعراف والاتفاقيات الدولية، بحيث يُحرمون من أدنى هذه الحقوق بما في ذلك حرمانهم من رؤية ذويهم في أغلب الأحيان.

الخطوة الأولى التي قامت بها مؤسسة القدس الدولية في هذا السياق كانت دراسة خاصة بالأسرى المقدسيين وأوضاعهم، أصدرتها المؤسسة في آذار/ مارس من العام الماضي ، الدراسة التي أعدها الأستاذ عبد الناصر فروانة، مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية، أظهرت أن عدد الأسرى المقدسيين هو 525 أسيراً، بينهم 6 نساء و12 طفلاً، وأن منهم 51 أسيراً اعتقلوا منذ ما قبل اتفاقات أوسلو، أي أنهم من قدامى الأسرى وفق التعريف الاصطلاحي للأسرى.

وقد أظهرت الدراسة أيضاً أن الأسرى المقدسيين يعانون، كما باقي الأسرى، من ظروف الاعتقال السيئة، ومن وحشية تعامل جنود الاحتلال معهم، إضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد، ما أدى إلى استشهاد 12 أسيراً منهم.

الخطوة التالية التي قامت بها مؤسسة الدولية تمثلت في العمل على تسليط الضوء على هؤلاء من خلال التركيز على قدامى الأسرى المقدسيين، فتعاقدت مع المحامي خالد الدسوقي، والصحفية منى القواسمي، وبالتنسيق مع الأستاذ عبد الناصر فروانة، بهدف تنظيم زيارات لهؤلاء الأسرى عبر المحامي الدسوقي، وإعداد دراسة حالة لكل منهم، بحيث تكتمل الدراسة مع يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من نيسان، وستبدأ مؤسسة القدس الدولية اعتباراً من الأسبوع المقبل، وبالتعاون مع عدد من وسائل الإعلام، بنشر تقارير أسبوعية حول حالة كل أسير من هؤلاء الأسرى تتضمن معلومات شخصية عن الأسير، وتهمته، وأوضاعه داخل سجنه، وظروف اعتقاله، وأهم الصعوبات والمضايقات الخاصة التي يعاني منها، ووضعه الصحي، والمؤسسات الفلسطينية والدولية التي تتابع وضعه، واحتياجاته الآنية والمستقبلية، ومعلومات أخرى.

وفي هذا السياق، يوضح الأمين العام لمؤسسة القدس الدولية الدكتور محمد أكرم العدلوني: "أن المؤسسة انطلقت في مشروعها هذا، شعوراً منها بالواجب تجاه هؤلاء الأسرى المحرومين من حقوقهم التي يمكن أن يحصل عليها باقي الأسرى، لا لذنب اقترفوه سوى أنهم مقدسيون يقاومون الاحتلال، علماً أنهم محرومون من إمكانية أن تشملهم أي عملية تبادل أسرى على اعتبار أن شأنهم هو شأن داخلي إسرائيلي ولا علاقة لأحد بموضوعهم سوى سلطات الاحتلال. وللأسف الشديد فقد رسّخت عمليات التبادل السابقة هذا الفهم، والاتفاقيات المبرمة ما بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال، هي الأخرى كرّست ذلك من خلال تجاهلهم واقتصار الحديث على أسرى الضفة والقطاع".

ويضيف العدلوني: "لقد قرّرنا كسر جدار الصمت المضروب حول هؤلاء، فقمنا بكل الخطوات اللازمة لزيارتهم وزيارة ذويهم ونقل معاناتهم للعالم، لعل صوت عذابهم يكون أبلغ من فصيح كلامنا حول القدس وما يعانيه أهلها، ولقد بدأنا التنفيذ العملي بحمد الله منذ شهر آب/ أغسطس الماضي، ومع نهاية آذار/ مارس من هذا العام تمكّنا من زيارة جميع الأسرى القدامى في سجونهم، كل أسير على حدة، كما زرنا وكرّمنا أسرَهم في بيوتهم من دون استثناء".

وحول الخطوات التالية، يقول العدلوني " بعدما تبدأ مرحلة نشر الحالات، سنعدّ دراسة متكاملة عن الموضوع، وسنضغط بكل اتجاه ليكون هؤلاء الأسرى أو جزء منهم على الأقل، في عداد أي صفقة تبادل محتملة، وسنعمل قدر المستطاع من أجل مساندة هؤلاء الأسرى، وتقديم يد العون لذويهم وأطفالهم بما يكفل تعزيز صمودهم ورفع معنوياتهم، كجزء مهم في تعزيز صمود أهلنا في القدس".

بدوره يوضح المعدّ والمشرف على الدراسة الأستاذ عبد الناصر فروانة أنه: "لم تكن آلية التنفيذ عفوية، بل سارت وفقاً لدراسة جيدة تكفل الالتقاء بطرفي المعادلة، أي زيارة الأسير في سجنه من قبل محامي مؤسسة القدس الدولية، بهدف الاطمئنان عليه والاستماع منه لشرح وافٍ عن أوضاعه وظروفه واحتياجاته، كما زيارة ذوي الأسير، حيث كانت تتم زيارتهم من قبل مندوب المؤسسة، للوقوف على احتياجاتهم الآنية والمستقبلية وتقديم الدروع التذكارية لهم، والتقاط الصور وتوثيق اللقاء بالفيديو".

ويضيف فروانة: "لقد منحتنا الدراسة قاعدة بيانات دقيقة عن الأسرى المقدسيين المعتقلين منذ ما قبل أوسلو، وقد انخفض عددهم إلى 49 أسيراً بعدما أفرج الاحتلال عن اثنين منهم، كان آخرهم الأسير المقدسي عثمان الجولاني، من سكان ضاحية البريد شمال القدس المحتلة، الذي أطلق عشية إعداد الدراسة، بعد قضائه محكوميته البالغة خمسة عشر عاماً، تنقّل خلالها في معظم سجون الاحتلال".

ويؤكد فروانة أن عمداء الأسرى، وهو مصطلح يُطلق على الأسرى الذين أمضوا أكثر من عشرين عاماً في الأسر ولا يزالون فيه، يرتفع عددهم مع نهاية عام 2008 إلى 97 أسيراً، منهم 21 أسيراً من القدس.

ومؤسسة القدس الدولية بصدد تطوير تحركها في نصرة هؤلاء على أمل أن يأتي يوم الأسير من العام القادم وقد تحرر الأسرى عموماً، والمقدسيين منهم خصوصاً.