السبت: 18/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

حصار ودخان- المدخنون في غزة ينفثون الملل والروتين بالبيوت وأثر الانقسام السياسي ويشكون قلة الحيلة

نشر بتاريخ: 01/06/2008 ( آخر تحديث: 01/06/2008 الساعة: 10:19 )
غزة- تقرير معا- أنت مدخن في هذه الأوضاع؟ الإجابة "وشو يعني نعمل"؟ التساؤل يحملك إلى حساب كم علبة دخان ينفثها المدخنون في غزة وكم تكلف وفيما إذا كان أفراد الأسرة أحق بثمنها أم لا؟.

يروي المدخنون في غزة قصصاً طويلة عن معاناتهم وشعورهم بالملل والضيق من الروتين اليومي وقلة فرص العمل والبطالة المقنعة بالمنازل والانقسام السياسي الداخلي الذي ترك أثره الكبير على شريحة واسعة من المجتمع الفلسطيني.

"ابو محمد" ملازم أول بالسلطة الوطنية الفلسطينية يقول: "في هذه السجائر أحرق كبتاً بداخلي وهماً لا ينزاح عن كاهلي, اولاً اعيش مع سحابة الدخان فأنسى من حولي، ثانياً بدلاً من تكسير زجاج المنزل والصحون أقوم بطحن السيجارة وبدلاً من المشاركة بعمل سيء يعود على مجتمعي بالخسران فإنني بالسيجارة أحرق أعصابي التي ستدخل في ثلاجة الموتى غير بعيد".

صحافية من غزة تقول: "استشيط من الغضب عندما أرى زوجي يشعل السيجارة من عقب الأخرى وهو لا يهتم بغضبي بل أحياناً يزيد من معدل التدخين حتى يكاد يهلك ويقول: شو أعمل بهالدنيا ما النا الا السيجارة".

وفي غزة انتشرت مؤخراً "كوفيهات" (محال القهوة والأرجيلة) حيث لا يكاد يخلو شارع عام من قهوة تسضيف يومياً وعلى مدار ساعات اليوم المدخنين من شتى الشرائح المجتمعية كالأطباء والمهندسين وفتح وحماس والجبهتين وغيرهم الذين يجدون في هذه الأماكن مكاناً مرخصاً للتجمع رغم لهيب الفحم وغاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من "الشيشة".

ويقدر ثمن علبة السجائر بشتى انواعه وماركاته الفاخرة والرخيصة من 6- 40 شيكل ويختلف الغزيون في إقبالهم على هذه الأنواع حيث يجتذب النساء "المدخنات" الدخان الفاخر فيما يتناول معظم مدخني أبناء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية أنواعاً أقل ثمناً.

وحسب إحصائيات عام 2007 فهناك اكثر من نصف مليون فلسطيني مدخنين أي 18% من مجمل السكان وينفق على التدخين حوالي مليون دولار يومياً في الأراضي الفلسطينية.

هم يعلمون أنهم بالسجائر يدمرون جزءاً كبيراً من صحتهم البدنية ولكنهم بالمقابل يؤكدون انها تشل ميزانية أسرهم الشهرية وتقصم ظهرها ولا تعود عليهم بالنفع سوى أنها " عادة وماشية".

الإرادة وحدها هي من يلعب دورا في عكوف المدخنين عن التدخين ولأن القوانين وصراخ الزوجات وطلبات الأطفال والأبناء وحاجيات البيت لم تجد آذاناً صاغية لدى آبائهم المدخنين فإن وحده الله قادر على تحويل انظارهم عن أعقاب السجائر ودخانها إلى علبة حليب ودجاجة وقليل من الأرز.

أثر التدخين على الصحة.
د. حسن أبو طويلة أخصائي أمراض القلب ومدير مستشفى الشفاء سابقاً يقول إن هناك فاتورة مؤجلة على المدخنين موجبة الدفع وهي فاتورة من صحتهم البدنية، مشيراً إلى ان الدليل العلمي أظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن جميع أنواع التبغ تؤدي إلى مشاكل صحية أثناء الحياة وكثيراً ما تؤدي إلى الإعاقة والوفاة وتخسس السيجارة الواحدة من عمر المدخن خمس دقائق.

ويضيف أبو طويلة أن المدخنين عرضة لخطورة كبيرة لأمراض السرطانات وخاصة سرطان الرئة وهم اكثر تقبلاً لأمراض القلب والسكتات الدماغية والتمدد الرئوي.

كما أن النساء المدخنات يعانين من مخاطر صحية لا سيما الحوامل منهن، ويضيف أبو طويلة: "رغم ان التبغ يقتل الملايين إلى أن الأبحاث مستمرة في محاولة إيجاد فوائده الصحية كالنيكوتين ومحاولات إيجاد وسائل آمنة لاستعمال التبغ في مجال الهندسة الوراثية".

وفي احتراق التبغ يتم إحراق اربعة آلاف منتج كيماوي فيما يحتوي دخان التبغ أكثر من اربعة آلاف مركب كيماوي بعضها له خواص مهيجة وحوالي ستين منها لها خواص مسرطنة.