أحمد عبد الرحمن: بوش بطة عرجاء والخلافات بين القيادات التاريخية في فتح هي المعوق الرئيسي والأساسي لعقد مؤتمر الحركة
نشر بتاريخ: 30/09/2008 ( آخر تحديث: 30/09/2008 الساعة: 22:19 )
الناصرة ـ معا - قال أحمد عبد الرحمن، المستشار السياسي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس، وأحد أقطاب حركة فتح في حديث أدلى به أمس لـ 'القدس العربي' إنّ لقاء بوش و عبّاس لا يعود لكونه لقاءً وداعياً ومجاملة لأنّ الرئيس الأمريكي بات البطة العرجاء.
وحول المزاعم الإسرائيلية عن استعداد فتح للمواجهة القادمة مع حماس أكّد عبد الرحمن ان لا مواجهة قادمة مع حماس إطلاقاً وهذا محرم وطنياً، وهذا مجرد تلفيق من أجهزة المخابرات الإسرائيلية لإظهار أنّ الفلسطينيين سيفتحون فصلاً جديداً من الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي.
وحول الحوار الوطني قال: حماس مكون أساسي من مكونات المجتمع الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، وبالتالي لها دورها ولها مشاركتها، ولا يوجد في ذهن أحد أنّ الحوار إذا أدّى إلى اتفاق فإنّه سيُخرج حماس من الساحة السياسية الفلسطينية.
وعن الانتخابات الفلسطينية قال 'الجو العام في صفوف المجتمع الفلسطيني سيئ، ولا أحد يريد انتخابات رئاسية في ظل الخلاف بين فتح وحماس'. وفي معرض ردّه على سؤال قال 'إنّ مكان عقد المؤتمر يأتي في الدرجة الثانية، أولاً يجب أن نتوصل إلى الوحدة لكي لا يتحول المؤتمر إلى مفرقعات، لا يمكن لحركة فتح ولا الشعب الفلسطيني تحملها'.
وفيما يلي النص الكامل للحديث:
ـ كيف تصف اللقاء الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي بين الرئيس عبّاس وبين الرئيس الأمريكي جورج بوش في واشنطن؟
- اللقاء بين الزعيمين كان لقاءً وداعياً، والرئيس بوش يُسمى اليوم بالمصطلحات الأمريكية البطة العرجاء. لقاء من هذا النوع ليس فيه من جديد، سوى أنّ الجديد قد يفاجئ بعض المطلعين. ما أكّده الرئيس عبّاس أمام الرئيس بوش وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، موضوع الانسحاب الكامل، تسوية شاملة، ضد أيّ تسوية جزئية، القدس لا تُستثنى، اللاجئون لا يستثنون، أي رفض أي حل لا يكون شاملاً وكاملاً ويتناول جميع المواضيع. واستمع الرئيس بوش لهذه الكلمات، ربما كان لبعض المحيطين بالرئيس بوش، والذين يؤيدون إسرائيل، ملاحظات حول أنّ الرئيس عبّاس ربما قد يكون ضعيفاً وهو في مأزق وفي وضع صعب وأنّ التسوية لم تتقدم شيئاً في عهده، ربما اعتقدوا أن يكون الرئيس على استعداد لتقديم التنازلات، ولكنّه ردّ بتمسكه بالثوابت الفلسطينية وأعلن ذلك في مجلس الأمن، أمسك بالخريطة وقال للعالم إسرائيل تستوطن، لا تريد حلاً ولا تريد ودولة ، وبالتالي فإنّ زيارة الرئيس عبّاس كانت زيارة مجاملة لا أكثر ولا أقّل، وإن كان من الجانب الفلسطيني تأكيد من قبل الرئيس عبّاس على التمسك بالثوابت، ولكن من جهة بوش لم يكن شيئاً مما وعد به، حل الدولتين، كل هذا خرج من التداول.
ـ ماذا ترد على المزاعم الإسرائيلية التي نُشرت الثلاثاء بأنّ حركة فتح تستعد للمواجهة مع حركة حماس في الضفة الغربية المحتلة؟
- لا مواجهة قادمة مع حماس إطلاقاً وهذا محرم وطنياً، وهذا مجرد تلفيق من أجهزة المخابرات الإسرائيلية لإظهار أنّ الفلسطينيين سيفتحون فصلاً جديداً من الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي، لن ومرة أخرى لن، لن تسمح منظمة التحرير الفلسطينية ولن تسمح السلطة الوطنية وحركة فتح لن يقعوا في هذا الكمين المنصوب لها لاقتتال داخلي، نرفض الاقتتال الداخلي، نُصّر على الحوار الوطني الصادق ويضمن مشاركة الجميع وفق أحجامهم في الساحة الفلسطينية وفي الأطر الشرعية، لذلك كل ما يُقال عن استعداد حركة فتح للمواجهة القادمة هو مجرد تخريب على الشعب الفلسطيني ومحاولة لقطع الطريق على الحوار الوطني. يجب علينا جميعاً أن نهيئ كل الأجواء لإنجاح الحوار.
ـ وماذا مع حركة حماس؟
- يبدو أنّ بعض القوى في غزة، وتحديداً من حركة حماس، ترى في الحوار الوطني وكأنّه محاولة لإخراجها من النظام السياسي، هذا غير صحيح على الإطلاق، حماس مكون أساسي من مكونات المجتمع الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، وبالتالي لها دورها ولها مشاركتها، ولا يوجد في ذهن أحد أنّ الحوار إذا أدّى إلى اتفاق فإنّه سيُخرج حماس من الساحة السياسية الفلسطينية، أعود وأؤكد أن هذا غير موجود على الإطلاق، بالأساس الحوار من أجل مشاركة الجميع لاستعادة الوحدة، وليس كما قال بلال الحسن إنّ الحوار وكأنّه لإسقاط حكومة حماس، لا نريد إخراج حركة حماس ولا نريد إسقاط حكومة حركة حماس، ما نريده حكومة للكل، توافق وطني، تُشارك فيها حركة حماس وفتح وغيرها من الفصائل تتولى بكل مسؤولية مهمة إعادة الوحدة واللحمة وإنهاء هذا الانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني.
ـ بالنسبة لتمديد فترة ولاية الرئيس محمود عبّاس والتجاذبات السياسية والاتهامات المتبادلة بين فتح وحماس، ما هو رأيكم في هذه القضية؟
- التجاذبات والاتهامات بين الطرفين هي سياسية وليست قانونية وليست شخصية بالأساس، وهذا استمرارية لما حدث بعد انقلاب حماس في غزة في شهر حزيران (يونيو) من العام الماضي، فحماس قامت بانقلابها، وأنا أسأل بأيّ شرعية تتمسك حماس، أيّ شرعية تركتها حركة حماس؟ وبالتالي أقوالهم اليوم هي استمرار لمواقفهم من السلطة ومن رئيس السلطة. الذي أقوله إننّي أتمنى أن نصل إلى توافق وطني شامل يتناول كافة المسائل من الآن حتى موعد الانتخابات في التاسع من كانون الثاني (يناير) من العام 2009، والذي قُرر وفق القانون الأساسي. لكن ليس سراً أن أقول إنّ المجلس التشريعي كان عدّل المادة هذه، بحيث قرر أن تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل متزامن، بمعنى أنّ الرئيس أبو عمّار توفي في ظروف صعبة، الأمر الذي دفعنا إلى اتخاذ قرار بإجراء انتخابات للرئاسة. الآن الجو العام، وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار استطلاعات الرأي العام في صفوف المجتمع الفلسطيني، لا أحد يريد انتخابات رئاسية في ظل الخلاف، يعني كيف ستجرى انتخابات وغزة في حالتها؟ والعلاقات بين فتح وحماس في هذا الوضع السيئ، أرجو أن يتم التوافق أولاً في الحوار الوطني الفلسطيني على مسألة أساسية وأولى أنّه يجب أن تجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في آن واحد وفي ظل اتفاق ووفاق وطني، هذا هو المطلوب، اما أن يقوم هذا أو ذاك بالمطالبة بإجراء انتخابات أو عدم الاعتراف بالشرعية، فهذا دمار للشعب الفلسطيني.
ـ هل تُعوّلون على حوار القاهرة كبداية لانفراج العلاقات في البيت الفلسطيني؟
ـ نعم، لا يجب أن ينتهي هذا الحوار بالفشل، الفشل معناه عودة للوراء، معناه قضيتنا ستظل مسألة مساومة للصراعات المحيطة بنا، الإقليمية منها والعربية أيضاً. وأنا أعتقد أنّ لمصر مصلحةً إستراتيجيةً في الوفاق الوطني وفي استعادة الوحدة، لأنّ الوضع في غزة هو وضع صعب للغاية، حصار على الشعب وتجويعه، ظلم على الناس، تدمير الاقتصاد الوطني، وأنا أسأل كيف يمكن أن تعيش غزة في الوقت الذي تمّ فيه إغلاق 3900 مصنع ومنشأة اقتصادية؟ كيف تعيش غزة هكذا في ظل انقلاب حماس، إذ أنّ نسبة الفقر وصلت إلى ثمانين بالمائة، وأيضاً قضية معبر رفح، خروج المواطنين وإدخالهم، وبالتالي فإنّ الدور المصري هو دور راع وحاضن لا يمكنه التراجع عن تحقيق الوحدة، ولا مفر للقوى الفلسطينية إلا أن تتجاوب مع المصلحة الفلسطينية أولاً ومع الدور المصري ثانياً.
ـ عندما تقول قوى إقليمية في المنطقة، من تقصد بذلك؟
- نعم، هناك جبهة في المنطقة تُسمي نفسها بجبهة الممانعة، ولا أريد أن أذكر أسماء، حرصاً مني على أن تتحسن الأمور مع هذه الأطراف، للأسف أن يقول نائب الرئيس الإيراني إن حركة حماس هي جزء من قوى الممانعة، وهذا يورط قضيتنا في أمور أخرى، ونحن يكفينا ما يواجهنا، يكفينا الاستيطان، الاحتلال الإسرائيلي، تكفينا الغطرسة الإسرائيلية، يكفينا وضعنا البائس، يعني نحن شعب في الضفة الغربية وفي قطاع غزة نعيش على المساعدات، لا نريد أن نُوّظف قضيتنا في خدمة أهداف أخرى، نريد من الدول الأخرى أن تدعم قضيتنا دون التدخل في شؤوننا، دون جر القوى الفلسطينية لهذا المحور أو ذاك، لأنّ هذا الأمر لا يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية.
ـ بالنسبة لمؤتمر فتح السادس، ما هي آخر المستجدات، خصوصاً وأنّه مضى على المؤتمر السابق حوالى عشرين عاماً؟
ـ هناك صعوبات تعترض عقد هذا المؤتمر، ومنشأ هذه الصعوبات هو الوضع الفلسطيني العام، وجود سلطة في الداخل، وجود فتح في الداخل وفتح في الخارج، وجود أربعة أو خمسة ملايين فلسطيني في الخارج، والداخل محاصر، هناك قيادات تاريخية في الداخل وأخرى في الخارج وبينها خلافات، وبالتالي قبل أن نُقرر عقد المؤتمر نريد أن يكون هناك اتفاق بين هذه القيادات، المؤتمر قيمته في الوحدة وقيمته أن تخرج حركة فتح موحدة، وهذا هو سبب التأجيل أو عدم السرعة في عقد المؤتمر، نريد للمؤتمر أن يكون قفزة للأمام لحركة فتح وللشعب الفلسطيني، حركة موحدة وقيادة جديدة، دماء جديدة، إستراتيجية عمل وطني جديدة تأخذ باعتبارها مراجعة كاملة للقضية من اتفاقية أوسلو وما بعدها، هذا هو المطلوب، وبالتالي لا بدّ أن نصبر ولو قليلاً حتى نتمكن من إيجاد قواسم مشتركة بين أعضاء القيادة التاريخية، أو ممن تبقى منهم، بحيث لا نريد فرقعات داخل المؤتمر، لأنّ الشعب الفلسطيني لا يتحمل مصائب جديدة من الخلافات داخل فتح، يكفينا ما حدث بين الضفة وغزة، أي الانقلاب الذي قامت به حماس. وتصريحات الأخ فاروق القدومي حول عقد المؤتمر في الداخل بأنّه سيمنح إسرائيل الفرصة لدس العملاء في المؤتمر هي جزء من التشويش على عقد المؤتمر، ومردها أيضاً عدم وجود اتفاق بين القيادات التاريخية في الحركة، وتصريح القدومي مبالغ فيه. أنا لا أهتم بمكان عقد المؤتمر، المهم هو الوحدة، إذا تحققت الوحدة بين القيادات التاريخية، فإنّ مكان عقد المؤتمر يأتي ثانياً، المكان ليس هو الأساس، المكان غير مهم، ولكن لا يجب عقد المؤتمر على حساب الوحدة، لأننّا لا نريد انقسامات جديدة